الجزائر

الحجّ طريق إلى وحدة المسلمين



الحجّ طريق إلى وحدة المسلمين
قال الإمام البخاري رحمه الله: حدثنا هشام عن أبيه عن عائشة أمّ المؤمنين رضي الله عنها قالت: كانت قريش ومَن دان دينها يقفون بالمزدلفة، وكانوا يسمّون الحمس، وسائر العرب يقفون بعرفات. فلمّا جاء الإسلام أمر الله نبيّه صلّى الله عليه وسلّم أن يأتي عرفات ثمّ يقف بها ثمّ يفيض منها فذلك قوله تعالى: {مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ}. يعني قفوا معهم حيث وقفوا، وانصرفوا معهم حيث انصرفوا.إنّ الإسلام لا يعرف نسبًا ولا يعرف طبقة. وإنّ النّاس كلّهم أمّة واحدة، سواسية كأسنان المشط لا فضل لأحد على أحد إلاّ بالتّقوى. ولقد كلّفهم الإسلام أن يتجرّدوا في الحجّ من كلّ ما يميّزهم من الثّياب، ليلتقوا في بيت الله إخوانًا متساوين. فلا يتجرّدوا من الثياب ليتخايلوا بالأنساب. ودعوا عنكم عصبية الجاهلية وادخلوا في صبغة الإسلام واستغفروا الله من تلك الكبرة الجاهلية واستغفروه من كلّ ما مسّ الحجّ من مخالفات ولو يسيرة هجست في النّفس أو نطق بها اللّسان، ممّا نهى عنه من الرّفث والفسوق والجدال.وهكذا يُقيم الإسلام سلوك المسلمين في الحجّ على أساس من التصوّر الّذي هدى البشرية إليه، أساس المساواة وأساس الأمّة الواحدة الّتي لا تفرّقها طبقة ولا جنس ولا لغة ولا سمة من سمات الأرض جميعًا. وهكذا يردّهم إلى استغفار الله من كلّ ما يخالف عن هذا التصوّر النّظيف الرفيع.ولنختم حديثنا بشهادة أحد المفكّرين الأجانب وهو الدكتور ”فيليب حتى” الّذي يقول في كتابه ”تاريخ العرب” عن الحجّ عند المسلمين: ”ولا يزال الحجّ على كلّ العصور نظامًا لا يبارى في تشديد عرى التّفاهم الإسلامي والتّأليف بين مختلف طبقات المسلمين، وبفضله يتسنّى لكلّ مسلم أن يكون رحّالة مرّة على الأقل في حياته وأن يجتمع مع غيره من المؤمنين اجتماعًا أخويًا، ويوحد شعوره مع شعور سواه من القادمين من أطراف الأرض. وبفضل هذا النّظام يتيسّر للزّنوج والبربر والصّينيين والفرس والترك والعرب وغيرهم، أغنياء كانوا أم فقراء، عظماء أم صعاليك، أن يتآلفوا لغة وإيمانًا وعقيدة.وقد أدرك الإسلام نجاحًا لم يتّفق لدين آخر من أديان العالم في القضاء على فوارق الجنس واللّون والقومية خاصة بين أبنائه، فهو لا يعترف بفاصل بين أفراد البشر إلاّ الّذي يقوم بين المؤمنين وبين غير المؤمنين، ولا شكّ أنّ الاجتماع في مواسم الحجّ أدّى خدمة كبرى في هذا السّبيل”.




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)