الجزائر

الحثّ على طلب المال الحلال وترك الحرام



الحثّ على طلب المال الحلال وترك الحرام
إنّ الله تعالى طيّب لا يقبَل إلاّ طيّباً، وأنّه سبحانه أمر المؤمنين بالابتغاء من فضله والأكل من طيب رزقه، وهو ما جاء من حلّه، فقال تعالى:
{فإذا قُضِيَت الصّلاةُ فانْتَشِروا في الأرضِ وابْتَغوا مِن فضله}،
وقال تعالى: {يا أيُّها الّذين آمنوا كُلُوا مِن طيِّبَات ما رزقْناكُم واشْكُروا لله}.
الطيب من الرِّزق هو الحلال الّذي أحلَّه الله، وهو ما كان مستطاباً في نفسه، غير ضار للأبدان أو العقول، وغير مكتسب بمعاملة محرّمة، فإنّ الأكل من الحلال من أسباب صلاح القلب، وزيادة الإيمان والنشاط في الأعمال الصّالحة، والرّغبة في الإحسان، فمِن لطف الله بعباده أن يَسَّر الحلال، وأرشد إليه، ورغَّب فيه، وجعل طلبه من صالح الأعمال، ووعد أهله بفضله، وكفايته وحفظه، ونهاهم عن الحرام، وتوعّدهم على طلبه وأكله بفضله، وكفايته، وحفظه، قال تعالى: {كُلوا من طيّبات ما رزقناكُم ولا تَطْغوا فيه فيَحِلَّ عليكم غضبي}.
إنّ خير الرزق ما يكفي، ويسلم صاحبه من الإثم، وما قلَّ خيرٌ ممّا كثُر وألهى، فليس الغنى من كثرة العَرَض، ولكن الغنى غنى النّفس، وقد أفلح مَن أسلم ورُزق كفافاً وقنَّعه الله بما آتاه، ومن دعاء سيّدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ''اللّهمّ اجعَل رزق آل محمّدً قوتاً''، والقوت ما يسد الرَّمق. وعن عائشة رضي الله عنها قالت: ''ما شبع آل محمّد صلّى الله عليه وسلّم من خبز شعير يومين متتابعين حتّى قُبِض'' متفق عليه، وكان ''فراش رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من أدم أي جلد حشوه ليف'' رواه البخاري. وقال صلّى الله عليه وسلّم: ''مَن أصبح منكم آمناً في سِرْبِه، مُعافًى في جسده، عنده قوت يومه، فكأنّما حيزَت له الدُّنيا بحذافيرها''، وقال صلّى الله عليه وسلّم لابن عمر رضي الله عنهما: ''كُن في الدنيا كأنّك غريب أو عابر سبيل''.
أعظم الزهد في الدنيا ترك الحرام، فاتّقوا الحرام، فإنّه شرّ الرِّزق، وخبيث الكسب، وسيِّئ العمل، وزادُ صاحبه النّار، وإن تُموِّله لم يُبارك له فيه، وإن أنْفَقَه لم يُؤجَر عليه، وإن تصدَّق به لم يُقبَل منه، وإن دعَا وفي جوفه حرام لم يُستَجَب له.
فاتّقوا سخط الجبّار، واحذروا المال الحرام، فإنّه من أعظم أسباب الشّقاء والدمار، ومن أخطر ما يوصل صاحبه إلى النّار، واعلموا أنّ الدنيا حلوة خضرة، وأنّ الله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعلمون.. واتّقوا الله في أموالكم، وابتغوا بها مرضاة ربّكم، فإنّها عارية منه عندكم فأحسنوا استعمال العارية، ولا تشغلنّكم الفانية الباقية، ولا يفتننّكم مَن أصبح عبداً للدرهم والدينار فانتهَك محارم الجبّار، فإنّ الله لا تخفى عليه خافية، قال تعالى: {ولاَ تَحْسِبَنَّ اللهَ غافلاً عمّا يَعمَل الظّالمون إنّما يُؤخِّرُهم لِيَومٍ تَشْخَص فيه الأبصار}.
ورد في صحيح البخاري عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: ''إنّ رجالاً يتخوّضون في مال الله بغير حقٍّ فلهم النّار يوم القيامة''. فاقنَعوا بالحلال عن الحرام، وتوبوا إلى الله من المظالم والآثام، وأحسنوا كما أحسن الله إليكم، ويسّروا على عباده كما يسَّر الله عليكم، واجعلوا أموالكم لكم ستراً من النّار بكثرة الصّدقات ومشروع النّفقات، وامتطوها إلى ما يُرضي الله توصلُكم إلى الدرجات العالية من الجنّات.
فمِن النّاس مَن لا يرغبون في جمع المال وادّخاره، ولا يسعون في اقتنائه واحتكاره، وإنّما رضاهم من الدنيا بسدّ جوعة وستر عورة، وغناهم فيها ما بلغ بهم الآخرة فأولئك أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، ومن النّاس مَن يحبّون المال ممّا حلّ وما حرّم، ومنعه ممّا افترض ووجب، إن أنفقوه أنفقوه إسرافاً وتبذيراً، وإن أمسكوه أمسكوه بُخلاً وتقتيراً، أولئك الّذين ملكت الدنيا زمام قلوبهم حتّى أوردتهم النّار بذنوبهم.
*عضو المجلس العلمي الجزائر




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)