الجزائر

«الحبس من سنة إلى 10 سنوات لكل من يتجرأ على حق الغير»



جرّم المشرع الجزائري التعدي على الملكية العقارية كجنحة في قانون العقوبات وأحاطها بقوانين مصنفة ضمن ثلاثة أركان وهي الركن الشرعي ،الركن المادي والركن المعنوي . وفي هذا الإطار يفصّل الأستاذ حميدش غسان من مجلس قضاء ميلة، الذي أكد لنا بأن المشرع الجزائري تناول جنحة التعدي على الملكية العقارية من خلال قانون العقوبات في مادة حصرية واحدة وهي المادة 386 منه، إلا أن المحللين والقانونيين خاضوا فيها كثيرا وطرحوا استفهامات بسبب اختلاف قراءة المادة من اللغة العربية عنه باللغة الفرنسية، وذلك لأن النص باللغة العربية هو الرسمي الواجب التطبيق وأن النص بالفرنسية هو مجرد ترجمة.ويضيف الأستاذ حميدش غسان أنّه إذا كانت دراسة معظم الجرائم في قانون العقوبات الجزائري يَسْهل التعامل معها من خلال الرجوع إلى أصلها التاريخي وهو قانون العقوبات الفرنسي (القديم)، والإستعانة بالاجتهاد القضائي لمحكمة النقض الفرنسية والفقه القانوني هناك ، التي تزيل أي لبس أو غموض في المعنى بفعل الترجمة و يسمح باتخاذ موقف ما على ضوء ذلك، غير أنه بالنسبة لجنحة التعدي على الملكية العقارية فإننا لا نجد مقابلا لها في قانون العقوبات الفرنسي (القديم والحديث) مما يدفعنا إلى الاعتماد على اجتهاد المحكمة العليا وما كتبه بعض المختصين و لو على قلته.
وهنا يقول محدثنا أنه بالرجوع الى قانون العقوبات المصري فإننا نجد أن المشرع هنالك قد تناول حماية الملكية العقارية من خلال نصوص المواد 369 إلى 373 من قانون العقوبات تحت عنوان انتهاك حرمة ملك الغير، فجرّم فعل دخول عقار في حيازة الغير بقصد منع حيازته بالقوة، و بدراسة تلك النصوص فإن المشاكل التي يطرحها نص قانون العقوبات الجزائري لا تثور أمام نص قانون العقوبات المصري، إذ أن التجريم يتعلق بالتعدي على الحيازة ، و المال المحميّ هو العقار بطبيعته سواء كان أرضا أو بيتا، كما شملت الحماية حرمة المنازل المسكونة أو المعدة للسكن، والتي خصص لها المشرع الجزائري نصا خاصا هو نص المادة 295 فقرة1 من قانون العقوبات، و منه يتضح أن فكرة حماية حق الملكية بالمعنى الناجم عن صياغة نص المادة 386 من قانون العقوبات الجزائري باللغة العربية لا تجد لها سندا في التشريعين الفرنسي و المصري، و هو ما يزكي الرأي القائل بأن المشرع يقصد حماية الحيازة.
وفي هذا الشأن يقول الأستاذ حميدش غسان أنه لقيام جنحة التعدي على الملكية العقارية و إدانة مرتكبها ومعاقبته طبقا للقانون، يجب توافر الأركان الثلاثة المعروفة و هي الركن الشرعي، والمادي، والمعنوي، كما هو الشأن بالنسبة لمختلف الجرائم.
ففيما يخص الركن الشرعي هيقول المتحدث هو نص المادة 386 من قانون العقوبات (معدلة بالقانون رقم 82-04 المؤرخ في 13-02-1982) الذي يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وبغرامة من 20 ألف دج إلى 100 ألف دج كل من انتزع عقارا مملوكا للغير وذلك خلسة أو بطرق التدليس.
وهنا يقول الأستاد غسان تكون الإدانة حسب الوضع الذي يكون فيه المشتبه فيه، فإذا كان انتزاع الملكية قد وقع ليلا بالتهديد أو العنف أو بطريقة التسلق أو الكسر من عدة أشخاص أو مع حمل سلاح ظاهر أو مخبأ بواسطة واحد أو أكثر من الجناة، فتكون العقوبة الحبس من سنتين إلى (10) سنوات، لكن الغرامة تبقى ذاتها، علما أنه كان تحريرها السابق في ظل الأمر رقم 66 - 156 المؤرخ في 8 جوان 1966 ، أنه يعاقب بالحبس من شهرين إلى ستة أشهر وبغرامة من 500 إلى 2000 دينار كل من انتزع عقارا مملوكا للغير وذلك خلسة أو بطرق التدليس، وإذا كان انتزاع الملكية قد وقع ليلا بالتهديد أو العنف أو بطريق التسلق أو الكسر من عدة أشخاص أو مع حمل سلاح ظاهر أو مخبأ بواسطة واحد أو أكثر من الجناة فتكون العقوبة الحبس من ثلاثة أشهر إلى ثلاث سنوات والغرامة من 500 دج إلى 3 آلاف دج فقط.
ويشير محدثنا في هذا الإطار إلى أنّ القضاء الجزائري، وبالنظر إلى غموض النص القانوني وشساعة تفسيره، فقد أصبح يلجأ إلى اجتهادات المحكمة العليا، وذلك من منطلق أن جنحة التعدي حتى تستكمل عناصرها، لابد أن يصدر ضد المتهم المتابع فيها حكم مدني يقضي بإلزامه بإخلاء الجزء المعتدى عليه، وأن يكون حكما حائزا لقوة الشيء المقضي به، وهذا الحكم منفذ عليه من قبل المحضر القضائي لكنه يعاود الرجوع إلى الأمكنة ويثبت ذلك بموجب محضر معاينة.
ومع ذلك يضيف محدثنا أن هذا الموضوع يحتاج إلى إضافة نصوص تشريعية أخرى من قبل المشرع، حتى تتضح الرؤية تماما لاسيما أمام وجود أراضي فيما يسمى في الجزائر "بالعرش"، والتي بقيت معضلة كبيرة متوارثة من الحقبة الاستعمارية.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)