تقع قرية الخرارزة على بعد حوالي عشرة كيلومترات عن عاصمة ولاية معسكر؛ فهي تتبع لبلدية مطمور الفلاحية.. هذه القرية المعروفة بهدوئها أصبحت مشهورة كونها أضحت مقصدا للكثير من المواطنين القادمين من مختلف جهات الوطن، لا شيء سوى لأن فيها شيخا يقال له الحاج محمد بن زرفة الذي يعالج عن طريق الكي.من المتعارف عليه أنه من الفطرة عند الإنسان أن لا يقبل ملامسته للهيب النار أو حتى الاقتراب منها؛ فكيف بالأمر إذا تعلق باحمرار خنجر على موقف نار ووضعه على الجلد طلبا للدواء والعلاج ورغبة في الشفاء، ذاك ما هو متاح عند الحاج محمد صاحب 66 عاما الذي يداوي أمراض المفاصل والكسور والتواء الغضروف وأمراض البرد والعظام عن طريق الكي بالنار.
يستقبل حاج محمد يوميا العشرات من المواطنين القادمين من مختلف جهات الوطن طلبا للتداوي بالكيّ، كلّ وعلته ومرضه، المهم في كل هذا أن يسلم المريض نفسه لطبيبه الذي لم يلتحق بالمدرسة يوما، وبين مخاوف من لهيب النار واحمرار الخنجر تبقى مستغرقا في تفكير يجعلك تقرر مغادرة المكان على الفور أو البقاء مستسلما للنار لغرض الخلاص من مرض استعصى على أطباء المستشفيات علاجه.
تدخل عند الحاج محمد في غرفته المخصصة للكيّ بقرية الخرارزة ببلدية مطمور تجده إما واقفا أو جالسا القرفصاء، وكثيرة هي الحالات التي تجده فيها ماسكا خنجره مستغرقا في كي شخص سبقك إليه، ما إن يأتي دورك وتنزع أخشن ثياب تلبسه، حتى يتمكن الحاج محمد من البقاء وجها لوجه مع موضع المرض في الجسم، يضع قطرات الزيت على البشرة ليضع فوقها قطعة قماش وفي تلك الأثناء ثلاثة خناجر تحمى على الموقد تتناوب كلها على كي المريض لبضع دقائق.
وقد يتبادر للأذهان منذ الوهلة الأولى أن النار ستكوي البشرة وتفحمها غير أنه مع توالي الضربات ينتابك شعور الرغبة في طول مدة الكي لإحساسك بالراحة وبدء ظهور بوادر العلاج؛ حيث تستغرق مدة العلاج إما حصة واحدة تكفي وقد تتعدى إلى أكثر من حصة.. كل وعلته وعمق ضرره ... وقد يرغب البعض في العودة والكي مجددا لمتعة وجدها في الحصة الأولى.
يقول الحاج محمد ل"الشروق"، إنّه ورث الموهبة هذه عن والده الذي توفي قبل 21 عاما، وهو بدوره ورثها عن أجداده من قبله. وقد تعهد بعلاج كل من يقصده مجانا إلا من تكرم بل أكثر من ذلك من يعالجه ويزيده مبلغا ماليا كتكاليف النقل للعودة للعائلة، أما بالنسبة للوافدين من بعيد فصينية القهوة والشاي وحتى الفطور ستكون حتما على حساب حاج محمد.
والغريب في الأمر أنه من بين الوافدين من حين لآخر على غرفة حاج محمد أطباء يقصدون الكي بالنار للتداوي من بعض العلل.
وكثيرة هي الحالات التي يهاتف فيها أطباء المستشفيات الحاج محمد من أجل التوسط لدى بعض مرضاهم حتى يقوم بعلاجهم..
يقول جيران الحاج محمد بأنه لم يسبق أن اشتكى شخص من وقوع مشكلة أو ظهور عرض مرضي جانبي أو اشتكى أحد المرضى ممن تلقوا علاجا بالكي على يديه، ولم يسجل الطبيب هذا سوى فرح وسرور على مرضاه وكثيرة هي الحالات التي يعودون فيها لزيارة مجاملة بعد شفائهم من مرضهم.
ويفتخر جيران وسكان دوار الخرارزة ببلدية مطمور بشيخهم؛ وهو الذي بفضله عرفت منطقتهم وأصبحت محجا للمئات يوميا الوافدين من مختلف جهات الوطن.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 20/02/2018
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : قادة مزيلة
المصدر : www.horizons-dz.com