لا! ما زلنا لم ننتصر على الإرهاب، والدليل العملية الأخيرة التي قضى الجيش من خلالها على أزيد من 25 إرهابيا مدججين حتى الأسنان بأحدث الأسلحة.العملية هي اعتراف غير معبر عنه بأن سياسة الوئام المدني والمصالحة قد فشلت، وأن المتاجرة بهذا الملف، الملف الأمني، لم تعد مربحة، فكم من الإرهابيين الذين تم العفو عليهم ثم ما لبثوا أن عادوا وصعدوا إلى الجبال من جديد متحدين سياسة الوئام، ومن وقف وطبل للمصالحة.صحيح أن هذه السياسة قد مكنت البعض ممن وصفهم الرئيس السابق اليامين زروال بالمغرر بهم بالعودة سالمين إلى أحضان المجتمع، لكن الكثيرين ما زالوا أوفياء للعنف، عادوا إلى الجبل أم لم يعودوا، بل هم أكثر خطورة، وسط المجتمع، والعمل على تدمير بنيته أكثر من إعلانهم الحرب عليه من الغابات والكازمات في الجبال.اليوم وأكثر من أي وقت مضى نجد أنفسنا مجبرين على الاصطفاف خلف قوات الجيش التي هي حصننا الوحيد ضد الخطر الآتي من هؤلاء التكفيريين وحلفائهم في سوريا وليبيا والعراق وغيرها من البلدان التي اكتوت بنار الإرهاب الأصولي.تصوروا لو كان جيشنا الوطني الشعبي مخترقا مثل بعض الجيوش العربية، كيف كانت ستتحول العاصمة والمدن الجزائرية الأخرى في رمضان المقبل، لو نجح هؤلاء الإرهابيون في الوصول إلى المدن ومعهم كل هذه الترسانة من المتفجرات والقنابل والقاذفات؟!لا يهم إذاً أن الجيش الجزائري الوحيد الذي لم يحضر أمس لقاء مصر حول مشروع تشكيل جيش عربي مشترك، ذلك المشروع الذي طرحته المملكة العربية السعودية وتبنته مصر بعيد انطلاق عاصفة الحزم ضد اليمن، الشيء الذي أغضب السعودية وراحت تعلن علينا عاصفة حقد.فمشروع الجيش العربي المشترك كان يكون مغريا ومهما في ظروف أخرى، كأن يكون الهدف من تشكيله هو تحرير القدس، وحماية المصالح العربية في العراق وسوريا وليبيا، وكل المنطقة، لا التآمر على الإطاحة بالأسد، أو تدمير ليبيا أو العراق مثلما سبق وحضرنا تآمر جيوش عربية سابقا مع أمريكا ضد العراق. لكن اليوم والسلاح العربي يوجه إلى صدور العرب والسعودية التي تستعمل لأول مرة سلاحها ضد شعب عربي، لا يمكن أن تقود هذا الجيش لما سيخدم القضايا العربية.لأعد إلى الجيش الوطني الشعبي وعمليته الأخيرة التي أثارت إعجاب الرأي العام الوطني وردود فعل إيجابية جدا في أوساط مرتادي المواقع الاجتماعية والإعلام، هذا الجيش الذي ما زالت عقيدته عدم التدخل في البلدان الأخرى، يجب أن يبقى متماسكا وقويا حتى لا يلقى مصير الجيوش العربية الأخرى التي استهدفتها ثورات الربيع العربي، وأدت إلى هلاكه، وعلى الجزائريين التكتل وراءه لأنه مثلما أسلفت هو وسيلة نجاتنا الوحيدة من هذا المخطط الخبيث، خاصة وأن في الجوانب السياسية هناك تراجع كلي لمجابهة المشروع الظلامي. ويكفي متابعة ما ينشر هذه الأيام على مواقع التواصل الاجتماعي وفي الإعلام من محاولة تضييق على الحريات واستهداف الفتيات في الشارع من طرف مناضلي التيار الإسلاموي، لنعرف أن المعركة لم نكسبها اجتماعيا بعد، وهناك غياب كلي للدولة ومؤسساتها لحماية شريحة من المجتمع مستهدفة من قبل الجماعات الظلامية بما يذكر ببداية التسعينيات عندما كانت ميليشيات علي بلحاج تلاحق الشباب في الشوارع والساحات العمومية.هناك تهديد قائم ضد الفتيات يدعو إلى “فضحهن” في رمضان المقبل، وهو خطاب مخيف في غياب إرادة السلطة لوضع حد لهؤلاء المتهورين.فالجبهة الوحيدة التي بقيت “تقاتل” لبقاء الدولة قائمة والحفاظ على الحريات هي جبهة الجيش، ولسلامته عليه ألا يشارك في أي مشروع مثل ذلك الذي تدعو إليه المملكة عن خبث؟!
تاريخ الإضافة : 23/05/2015
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : حدة حزام
المصدر : www.al-fadjr.com