الجزائر - A la une

الجيش لن ينشط خارج الحدود



الجيش لن ينشط خارج الحدود
لم تختلف مسودة المشروع التمهيدي لمراجعة الدستور عن الدساتير السابقة بخصوص موقف الجيش الوطني الشعبي من الأزمات الدولية، حيث جددت المادة 26 من الفصل الثالث من هذه المسودة، مبدأ بلادنا الرافض للجوء إلى الحرب من أجل المساس بالسيادة المشروعة للشعوب الأخرى وحريتها. مشروع تعديل الدستور قطع الشك باليقين فيما يتعلق بالجدل المثار حول مشاركة الجيش الوطني الشعبي في النزاعات الدولية، في ظل تصاعد بعض الدعوات الخارجية المطالبة بانضمام الجزائر إلى تحالفات عسكرية، حيث جاءت المادة 26 لتحدد مرة أخرى هذا الموقف المتمثل في عدم التدخل خارج الحدود في المستقبل. في المقابل، جاءت المادة 25 لتحدد أيضا الدور الوطني للمؤسسة العسكرية التي تكمن أساسا "في المحافظة على الاستقلال الوطني والدفاع عن السيادة الوطنية، كما يضطلع بالدفاع عن وحدة البلاد وسلامتها الترابية وحماية مجالها البري والجوي ومختلف مناطق أملاكها البحرية".هذا الموقف لا يتعارض مع السياسة الخارجية للبلاد التي ترتكز على مبادئ بيان أول نوفمبر الرافضة للتدخل في الشؤون الداخلية للدول، مع عدم الإحجام عن تقديم المساعدة للدول من أجل تجاوز أزماتها الداخلية بالطرق السلمية، في حين تؤكد الجزائر تضامنها مع جميع الشعوب التي تكافح من أجل التحرر السياسي والاقتصادي والحق في تقرير المصير وضد كل تمييز عنصري مثلما جاء في المادة 27 من المسودة. من هذا المنطلق، يكون المشروع التمهيدي قد سد كافة الاجتهادات وحتى المزايدات المثارة حول هذا الموضوع، في ظل تنامي فكرة التحالفات العسكرية التي وإن كانت أهدافها قصيرة المدى إلا أن آثارها السلبية تبقى على المدى الطويل، مفضلة بذلك تبني الحلول السلمية التي ثبتت فعاليتها في تسوية الأزمات.في هذا الصدد، رحبت مصادر دبلوماسية اتصلت بها "المساء" بما جاءت به مسودة الدستور فيما يتعلق بعدم مشاركة الجيش في الأزمات الدولية، مشيرة إلى أن ذلك لا يترجم فقط موقف الدولة الجزائرية وإنما أيضا كافة شرائح المجتمع التي ترى أن المؤسسة العسكرية ضحت بالكثير خلال العشرية السوداء التي عانت منها البلاد، وهي ترفض بالتأكيد إرسال أبنائها إلى بؤر التوتر والتضحية بهم. كما أضافت المصادر أن تبني الخيارات السلمية في حل النزاعات الدولية يعد أفضل السبل لتوقيف إراقة الدماء، موضحة أن التطورات الدولية الراهنة تؤكد الحاجة إلى الحل السلمي أكثر منه إلى العسكري. من هذا المنطلق، ترى المصادر أن مضامين المسودة لم تخيب آمال الشرائح الكبيرة من المجتمع التي تعتبر أن التفرغ إلى التحديات الداخلية يعد أولوية الأولويات، في حين لم تعارض الاستجابة إلى طلبات الاتحاد الإفريقي مثلا لنقل قوات الدول الإفريقية الصديقة في إطار الدعم اللوجستي للقوة الاحتياطية الإفريقية والتجسيد الفعلي العملياتي، للتحرك الاستراتيجي لهذه القوة.للإشارة، كانت الجزائر قد رفضت المشاركة في التحالف العسكري الإسلامي بقيادة المملكة العربية السعودية ضد "تنظيم الدولة الإسلامية"، وقبلها في "عاصفة الحزم" في اليمن، إذ سبق لوزير الدولة، وزير الخارجية والتعاون الدولي، رمطان لعمامرة، التأكيد خلال مشاركته في القمة العربية المنعقدة شهر مارس الماضي بمصر، بأن الجزائر لن تسمح بقوات مقاتلة من جيشها للخروج خارج الوطن. الحلول السلمية التي تستند إليها الجزائر، ترتكز على ضرورة إشراك كافة الأطراف المعنية بالأزمة لإيجاد التوافق المطلوب، مثلما كان الحال مع أزمة مالي التي أفضت مفاوضاتها الشاقة إلى إبرام اتفاق السلم والمصالحة يوم 20 جوان الماضي بباماكو، ونفس الأمر يمكن تطبيقه في الأزمة اليمنية، حيث ترى الجزائر أن الحوثيين يعدون طرفا أساسيا في المعادلة السياسية اليمنية.سداد مقاربة الجزائر بخصوص ضرورة تغليب كفة الحل السلمي على العسكري، ظهرت بالخصوص في الأزمة الليبية عندما عارضت في البداية التدخل العسكري في هذا البلد الجار، حيث أيقنت الدول الغربية في الأخير أنها ارتكبت خطأ استراتيجيا، بدليل الإفرازات الخطيرة لهذه الأزمة على استقرار منطقة الساحل. هو ما ذهب إليه الخبير الأمريكي المختص في الإرهاب، دافيد غارتنشتاين روس عندما شاطر موقف الجزائر أمام الكونغرس الأمريكي في ماي 2014، بالقول إن الوضع في ليبيا أثر على الأمن في الجزائر والمنطقة بكاملها، مؤكدا أن تدخل منظمة حلف شمال الأطلسي كان "خطأ استراتيجيا" للولايات المتحدة وحلفائها رغم تحذيرات الجزائر.




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)