الجزائر

الجوهرة في عددها الـ 21‏تلمسان تلتفت إلى مخزون تراثها




يقدّم الباحث السعودي علي بن إبراهيم النملة في كتابه ''الاستشراق والإسلام في المراجع العربية'' الذي صدر عن دار بيسان للنشر في بيروت، جاء في 224 صفحة متوسطة القطع، عملا توثيقيا ببليوغرافيا بارزا ويتناول في البداية الأسباب التي دفعت إلى الاستشراق ''الإسلامي'' ومختلف فئات المستشرقين.
وقال علي بن إبراهيم النملة، وهو أستاذ المكتبات والمعلومات بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية: ''من المهم عند البحث في الاستشراق والإسلام الابتعاد عن التعميم في الأحكام، إذ أنّ ما يقال عن موقف بعض المستشرقين من الإسلام يدخل، في جانب منه، في حيز الأقوال الإيجابية التي تستل أحيانا من سياقها وتوظّف لمصلحة هذا المستشرق أو ذاك، والأقوال السلبية المأخوذة عن بعض المستشرقين هي كذلك قد تنتزع من النص بعيدا عن السياق الذي جاء فيه''.
''ومن هنا لزم أن تكون الإدانة محصورة على هذه الفئة من المستشرقين الذين يثبت من السياق أنّهم أساؤوا لهذا الدين، وقد أساء إليه مستشرقون كثيرون بناء على نية مبيتة عند فئة منهم، وبناء على عدم انتمائهم لهذا الدين عند فئة ثانية، وبناء على جهلهم بلغة هذا الدين عند فئة ثالثة، ''وفئة رابعة منهم اتكلت على أعمال المستشرقين السابقين الذين كانوا أشدّ حدّة من المتأخّرين، فبنوا على هذا الاتكاء نظرياتهم التي سعوا إلى تسويقها بين الغربيين والشرقيين''.
وقال: ''يعدّ الاستشراق أحد الروافد التي عرف الغرب من خلالها الإسلام، إلاّ أنّها معرفة لم تكن في مجملها دقيقة وسيتبيّن من هذه الوقفات أنّ الاستشراق في مهمته هذه قد اتكأ على معلومات شعبية غربية قديمة ذات بعد مسيحي، مما كان له الأثر الكبير في تلقي الغرب للإسلام، بل الأثر الكبير لهذه الفجوة بين الغرب  والإسلام قبل أن تنطلق حروب الفرنجة من الغرب إلى الشرق''.
وتحدّث الباحث عن الحروب الصليبية التي استمرت قرنين من الزمن، وقال: ''المهم أنّه على مدى قرنين من الزمن تشكّلت العلاقة بين الغرب والإسلام من منطلق حربي، ولا يزال هذان القرنان يحدّدان هذه العلاقة، ويقول كلّ من أحمد الجهيني ومحمد مصطفى: ''وقد لعبت الحروب الصليبية دورا لا يمكن تجاهله في تشويه صورة الإسلام، وقد استمر تيار الدعاية يتدفق ضد المسلمين بالأكاذيب إلى جميع أنحاء أوروبا التي أمدّت الحروب الصليبية بالمال والعتاد''.
وتحدّث عن التأثير الإيجابي الإسلامي على أوروبا، وذكر أنّ ذلك التأثير جرى تجاهله، وقال: ''تجاهل هذا التأثير الإسلامي على أوروبا يمكن أن يعدّ مظهرا من مظاهر الاستشراق، وهو كذلك مظهر من مظاهر التأريخ للنهضة الأوروبية، ولكنه تجاهل لا يثبت أمام حقيقة أنّ للإسلام أثرا واضحا في هذه النهضة، سعى جاك جودي وآخرون منصفون مثله إلى توكيده''، وأضاف أنّه ''تبع تجاهل التأثير الإسلامي على أوروبا تجاهل الإسلام نفسه وقلة المكتوب عن الإسلام بموضوعية، بحيث عمد الراغبون في التعرّف على الإسلام إلى إسهامات بعض المستشرقين''.
وقال: ''تركّزت الوقفات عن الاستشراق... على اعتبار أنّ المستشرقين لم يكونوا جميعا مجرّد علماء أكاديميين فحسب، بل كان منهم المستشارون لهيئات سياسية ودينية في الغرب، وشغل رهط منهم مناصب رسمية في وزارات الحربية والخارجية والاستعمار إبان وجود الاستعمار ووجود وزارات له''، وأضاف يقول: ''لم يكن كلّ المستشرقين كذلك بل كان منهم علماء خدموا التراث الإسلامي بالتحقيق والدراسة والترجمة والحفظ والفهرسة والتكشيف، لكن من الملاحظ أنّه من غير الشائع في المنشور العربي عن الاستشراق في موقفه من الإسلام أن تقف على التركيز للبعد الحسن الإيجابي لهذه الخدمات، وهذا يعني مأخذا على هذه الفئة من الذين كتبوا نقدا للاستشراق ربما بافتراض أنّ الاستشراق كان كلّه ضررا على الإسلام، وأنّه خوّف الغرب من الإسلام''.
ونقل عن أحمد عمايرة تعليقا على الموضوع جاء فيه: ''فالمستشرق مرتبط ارتباطا وثيقا بما يدور حوله من حركات علمية، ولعلّ هذا ما يفسّر الدهشة والاستغراب اللذين يرتسمان على وجه المسلم وهو يقرأ كتابات المستشرقين، فهم يقيسون الأمور بموازين مختلفة إلى حدّ كبير عن مقاييسنا، بل إنّ اختلاف المقاييس هو الذي أوقع كثيرا من المستشرقين في الخطأ وهم يزنون بها ثقافة أخرى مختلفة، كما أوقعنا ذلك في خطأ مقابل حين أقدمنا على تقويم أعمالهم دون معرفة كافية بطبيعة مناهجهم ومستلزماتها والاستنتاجات المترتبة عليه''.
ورأى أنّ هناك سعيا إلى تصنيف دراسة المستشرقين للإسلام من منظور سلبي استنادا إلى العوامل التالية وهي.. ''الافتراضات المسبقة والادعاء المتعمد والخطأ في الاستنتاج، وتوارث الآراء والتجزئة وعدم الدقة في استعمال المصطلحات واستخدام صيغ الشك والتعميم''.
العمل التوثيقي الجدي الذي جاء في الكتاب هو الذي امتد من الصفحة 53 إلى نهاية الكتاب أي الصفحة ,223 وجاء في شكل أسماه المؤلف ''القائمة الورقية (الببليوغرافية)''، وهو بالفعل عمل مهم شمل مصادر ومراجع كثيرة تناولت موضوع الكتاب.

صدر مؤخرا العدد 21 من مجلة »الجوهرة« الخاص بالنصف الثاني من شهر يناير، والمتضمن تغطية خاصة بالأسبوع الثقافي لتلمسان ضمن  فعاليات »تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية«، وكذا وقفات مع أهم الأنشطة التي عرفتها التظاهرة خلال هذه الفترة.
الأسبوع الثقافي التلمساني كان فرصة للتأكيد على أن الثقافة الإسلامية ثقافة سلم وحوار، وأنها جسر ممتد نحو الآخر مهما كان مختلفا، كما كان مسك الختام لتظاهرة الأسابيع الثقافية للولايات والتي امتدت على طول سنة ,2011 وكلها سمحت بإبراز عادات وتقاليد وثقافة الجزائر، لتزف في آخر المطاف الجوهرة تلمسان عروسا في هذه الاحتفالية، ولتتوافد إلى عرسها عشرات العائلات التلمسانية للاستمتاع بأصالة وعراقة حاضنة الحضارات وملتقى أهل العلم والعلماء ومركز الإشعاع العلمي والثقافي، الذي أنار بأنواره الفكر العربي الإسلامي.
للإشارة، فقد خصصت افتتاحية العدد لهذه التظاهرة وكانت بعنوان »تلمسان آية الله في خلق المدن« متوقفة عند أهم لوحات هذه التظاهرة من الموسيقى الأندلسية وأشعارها، إلى اللباس التلمساني العريق، إلى حواضر العلم والعمران، الى اللهجات والعادات والتقاليد التي تصنف التلمسانيين ضمن خانة الشعوب المتحضرة التي تملك ميزة التفوق الاجتماعي، ومن مرقد سيدي بومدين الى كل شبر مشى فوقه أولياء الله الصالحين.
الأسبوع  التلمساني كان ايضا وقفة لتكريم الشيوخ والمبدعين عرفانا بعطائهم وإثرائهم لمسيرة تلمسان الإبداعية، كان منهم أحمد ملوك ومحمد بوهداج وخالد مرزوق وغيرهم...
وتوالت التغطيات الخاصة بالأسبوع الثقافي التلمساني، منها ملف خاص بالصناعات التقليدية مرفوقا بالصور (حرف، تكوين، تراث)، إضافة الى تغطية عن السهرات الفنية والأفراح التلمسانية التي أقيمت بالمناسبة، وبعض اللقاءات مع الفاعلين الثقافيين بالولاية ومع بعض المسؤولين بوزارة الثقافة.
العدد توقف عند أهم معالم »سنة تلمسان وتاريخها الساكن روحها«، وهو بمثابة تقييم للنشاطات المقامة منذ انطلاق هذه التظاهرة في2011«.
العدد الـ21 من »الجوهرة« تزامن واختتام معرض »العمارة الترابية« الذي استمرت فعالياته لشهرين، والذي اعتبر من أهم تظاهرات »تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية«، إضافة الى تغطية خاصة بـملتقى »التاريخ الأدبي لتلمسان«، الذي شهد مشاركة نخبة من الأساتذة والأكاديميين ممثلين لـ12 دولة فتحوا التاريخ الأدبي لـ»الجوهرة« الذي امتد صيته شرقا وغربا.
مناسبة أخرى لا تقل أهمية في تراث تلمسان والخاصة بالاحتفال ب »يناير« في منطقة بني سنوس، وهي فرجة قد تساعد على تأسيس منطلقات فنية، انها القيمة التي توارثتها الاجيال تعبر عن حياة الريف التلمساني البربري.



سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)