الجزائر - A la une

«الجمهورية» تعود الى سيدي البشير في أعقاب الأحداث التي أخلّت بالهدوء



«الجمهورية» تعود الى سيدي البشير في أعقاب الأحداث التي أخلّت بالهدوء
* غلاء فاحش بالأسواقسيدي البشير ، الحي الذي بدأ فوضويا شرق وهران مطلع التسعينات مختفيا بين جنبات بلدية بئر الجير و تحوّل إلى حزام يطوّقها بعدد سكانه و فوضاه و بناياته غير المتناسقة ، و كان السواد الأعظم من ساكنته نازحين و هاربين من الإرهاب فكان الدخول إليه كمن يجازف بالدخول إلى مقبرة التي تحوّلت مع مرور السنين إلى آلة انتاج البشر المتدفق على هذه المنطقة التي لم تكن تضم سوى مقبرة سيدي البشير ، لم تفلح سياسات تهديم السكن الفوضوي و إعادة النازحين إلى ولاياتهم كما فعلت بلدية و دائرة بئر الجير منذ عدّة سنوات ، فقد استُنسخ الحي على أنقاض أحياء و بلديات و مدن جزائرية عاشت ويلات الارهاب خلال العشرية السوداء فاستوطنه القادمون من كل المناطق الجزائرية آنذاك و صار اليوم عدد سكانه يفوق 80 ألف نسمة حسب ما قاله من حاورناهم مما يجعل ضرورة التكفل به أكثر من ضرورة ملحة ، و قد بدأت المباني تعلو و تتخذ أشكالا معمارية مختلفة و فتحت مئات المحلات و المرافق بعد أن فرض الحي نفسه على خارطة الولاية و صارت له متطلبات. و لعلّ التجمع الأكبر الذي يلوح لك عند دخول سيدي البشير هو السوق الشعبي الذي يقصده الجميع خلال رمضان في ظل إغلاق المقاهي و محلات بيع المأكولات الخفيفة خلال رمضان ، في حين تسمّرت أعداد من المواطنين بالجدران متأملين السلع المعروضة خارج السوق دون المجازفة بالاقتراب إلاّ أن النساء وجدن أنفسهن مجبرات على الدخول إلى السوق لاقتناء حاجتهن ، و هنّ يصطحبنّ أطفالهن و تربّع الرجال على عرش البيع و سلخ الجيوب .و قد هالنا و نحن ندخل السوق من أجل استطلاع أحوال الناس و التطفل على يومياتهم الرمضانية سعر الخضر و الفواكه فبيع الفلفل الأخضر ب 120 دج و لا يتعدى ثمنه عند الفلّاح 30 دج و الأمر نفسه بالنسبة للشمندر و الجزر و اللفت فالثمن لم ينزل عن 100 دج. و لم نجد تفسيرا لبوار الطماطم التي وصل سعرها إلى 30 دج و البدنجان إلى 100 دج و الثوم إلى 110 دج و القرعة إلى 150 دج. أمّا عن اللحوم فحدّث و لا حرج إذ وصل سعر الدجاج إلى 320 دج في حين لم يتجاوز في كثير من الولايات المجاورة لوهران 270 دج و وصل ثمن لحم الغنم إلى 1350 دج و لا حديث عن السجق و اللحم المفروم و أنواع الزيتون و التمر الذي تراوح ثمن الرديء منه و الجيد بين 400 دج و 700 دج. و استعرض تاجر صناديق الخوخ ب 250 دج و قد علّق أحدهم أن النوعية رديئة بعد أن صارت المواد الكيماوية و وسائل التسمين الطريق السهل من أجل المخادعة و الابتزاز و وصل ثمن الزليقة إلى 150 دج.خضر في القماماتمعظم النسوة اللواتي اقتربنا منهن أكدنّ أنهنّ يفضلن التسوق من أجل التبضع صباحا و قبل أن تشتد الحرارة من أجل العودة إلى المنزل و التكفل بباقي متطلباته ، و لكن ذلك لم يمنعهن من تقاسم أطراف الحديث داخل السوق حول الأوضاع العامة و شهر الصيام و تدبر ملابس العيد للأبناء و حلوياته رغم أنّ الفترة المتبقية للعيد لا تزال طويلة . و أمام الغلاء انصرفت بعض النساء إلى خارج السوق حيث البحث عن أثمان أقل و رغم رحابة السوق و تشعب ممراته إلّا أنه ضاق بالطاولات ما اضطر بعضهم إلى احتلال الأرصفة و قارعة الطريق لعرض كل السلع و راح تجار آخرون يبيعون خضرهم و فواكههم في شاحناتهم علما أنّ يعضهم قادم من ولايات مجاورة كمعسكر و مستغانم .بيع التمر و الزلابية لم يسلم من العرض على الهواء و أيضا اللحوم حيث علِّقت عند مدخل المتاجر و قد غزاها الغبار و الذباب و أيضا وجدنا ّأرجل البقر مرمية أرضا داخل السوق !! ليس هذا فحسب فعند مدخل السوق اصطفت كميات هائلة من البطاطا التي رميت في كل حدب و صوب و شكلت أكواما من الزبالة انبعثت منها روائح كريهة رغم وجود السوق داخل النسيج السكني .جو الفوضى بادٍ بشكل لافت في سيدي البشير فالدخول إليه ينبئك بأنّك تلج أكبر دوّار رغم أنّ كثيرا من المواطنين قد شيّدوا أفخم المنازل و زيّنوها بالنباتات و اتخذها بعض آخر سجلا تجاريا مربحا حيث فضّلوا جعله سوقا لتصريف بضاعتهم مستغلين الكثافة السكانية و البعد عن النسيج الحضرى حيث ازدهرت كل أنواع البيع و تعددت المحلات التي تسوق كل شيء و لا شيء .كل الذين تقاسمنا معهم أطراف الحديث من نسوة و رجال و بمختلف الأعمار اشتكوا من مشكل واحد و هو الغياب التام للأمن و أضافوا أنّهم صاروا غير آمنين على حياتهم و حياة ذويهم و ممتلكاتهم ، و رغم أنّهم في شهر رمضان مع ما يعرفه هذا الشهر من سهر و سمر خلال الليل إلّا أنهم لا يستمتعون به كغيرهم و يلتزمون بالبقاء في منازلهم تزيدهم حرارة الجو معضلة أخرى ، بل و في حالة الخروج إلى السهر فيفضل أغلبهم مغادرة الحي إلى أحياء أخرى أو التوجه إلى مدينة وهران و قضاء الليلة عند الأهل و الأصدقاء بدل المجازفة بالعودة و لو كانوا يتوفرون على سيّارات ، ما دامت العودة بسلام غير مضمونة في ظل تربص جماعات الأشرار و السرّاق و اللصوص و المسبوقين قضائيا بكل ما يتحرّك ، و قد قال لنا أحد المواطنين أنّ كثيرا من الباعة غادروا الحي لينشطون خارجه لتردي الوضع الامني و تكرار عمليات السرقة و التسلط بالتجّار و المواطنين باستخدام كل أنواع السلاح الأبيض و أيضا حرب العصابات بين شباب الحي من المنحرفين ، و أضاف ثانٍ أن اذكاء نار الفتنة و زرع حالة الرعب في الحي يقودها المسبوقون و خريجو السجون و متعاطو المخدرات ،و كلما دخلت السجن مجموعة من الأشرار خرجت أخرى لتحلّ محلها و تربك السكان و الحي عموما .لا سهر و لا سمرمن الشباب الذين التقينا بهم تاجر اكترى محلا ليشتغل به و قد صرّح لنا بأنه مرغم على استكمال مدة الكراء ليحوِّل نشاطه إلى حيّ آخر أكثر أمنا و في شهر رمضان يضطر إلى التوقف عن العمل عند السادسة مساءً ، رغم الطلب على بضاعته قبيل المغرب باعتباره يبيع حلويات شرقية.و أضاف شيخ آخر أنّ الحركة تتوقف تماما بعد صلاة التراويح حيث يلتزم كل واحد بالبقاء في منزله ، بعد أن كان شيوخ وكهول الحي يتحلقون حول لعب تقليدية كثيرة . و يتقاسمون جو الفرح و المنافسة ، و قال منوّر و هو شاب في الثلاثين و أب لطفلة أنّه مرغم على السهر في منزله مخافة الاعتداءات التي تنفذها الجماعات الاجرامية في جناح الليل .ليس هذا فحسب بل عندما سألنا عن بعض المحلات المغلقة وبدى عددها قليلا مقارنة بحجم الحي الذي تتجاوز ساكنته 80 ألف نسمة قيل لنا أنّ أصحابها من مواطني سيدي البشير و قد يكونون في محيط السوق يستطلعون الجو قبل رفع ستائر الدكاكين، و ثمة زمرة أخرى من التجار التي تفطنت إلى الاستعانة بالكلاب المدرّبة للاحتماء بها وسط متاجرهم ، و يلتزم باعة آخرون بعدم مغادرة محلّاتهم مفضلين عدم الاختلاط و غالبا ما يبيتون في هذه المحلات خلال الافطار و التسحر مخافة الاعتداء و السطو على البضاعة .و لا يزال سكان سيدي البشير ممّن التقينا بهم و تحدّثنا إليهم يتساءلون عن حرمان الحي من دوائر للأمن الحضري رغم الكثافة التي يتميّز بها و التي صارت تطرح أكثر من مشكل و الاكتفاء بمقر للدرك الوطني . و يتذكر السكان حالات الفوضى و الاعتداءات التي نفذتها عصابتان منذ أسابيع و التي ألزمت السكان بعدم الخروج من منازلهم ناهيك عن حالات السرقة و السطو و الاعتداءات التي طالت المواطنين و العابرين و المركبات التي تم تفتيش ركابها و ابتزازهم في وضح النهار.ف شانطباعات 1 قادة ح د : لا أغامر أبدا بالبقاء في الحي بعد العصر، أجلب قليلا من السلعة التي أبيعها في حينها و أفصل الذهاب باكرا إلى منزلي رغم أنّني لا أسكن بعيدا.و بعد صلاة المغرب و الإفطار أفضل صلاة العشاء في منزلي رفقة عائلتي و أيضا السهر معها . هذا الهدوء في النهار لا يعني الأمن لأنّ الأوضاع تتغير في كل حين و بمجرد " نقرة" تبدأ المعارك بين العصابات و تليها الانتقامات. 2 حاج عبد القادر : لا يوجد أجواء رمضانية في سيدي البشير فلا يزال الناس متخوفين من حالات الاعتداءات و السرقات و حرب العصابات التي تقودها جماعات منحرفة تحاول زرع الفتنة و قانون الغاب .أما الحالة التجارية فكما ترون ركود في كل شيء بسبب الغلاء و انخفاض القدرة الشرائية و تفضيل البعض التوجه إلى وهران بحثا عن أثمانٍ معقولة رغم أنّ كلّ شيء متوفر هنا. 3 محمد ع إ : مباشرة بعد صلاة التراويح يسكن الموت كل أحياء سيدي البشير و لا تجدون في زوايا الشوارع إلّا المنحرفون و اللصوص الذين يتربصون بالمارة ممن يجازفون بالخروج أو يخرجون من أجل مغادرة الحي إلى أماكن أخرى. غياب الأمن هاجس يؤرِّقنا في الليل و النهار و نخاف على عائلاتنا و ممتلكاتنا و حي الأطفال صاروا ممنوعين من الخروج للعب فلماذا تًستثنى هذه " البقعة " من الأمن الحضري ؟؟ 4 ح عبد القادر : الأمر الذي وصل إليه الأمن في سيدي البشير كان متوقعا لأنّ الحي تمت تعبئته بشكل رهيب و تتحدّث الأرقام عن وجود أكثر من 80 ألف نسمة و قد يصل التعداد إلى 120 ألف نسمة فهل هذا العدد لا يستحق مقرا للأمن الحضري؟ صار حظر التجوال مفروضا علينا من تلقاء أنفسنا مخافة الاعتداءات و هذا هو جو رمضان الذي نعيشه.




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)