سجل بقصر الشعب حالات بكاء شديد وحالات انهيار لدى بعض المجاهدات والمجاهدين القدماء وحتى بعض المواطنين الذين لم يتحملوا فراق بن بلة إلى الأبد، وبعضهم الذين لم يستطيعوا حتى التحدث وبمجرد توجيه أول سؤال لهم يجهشون بالبكاء على رحيل بن بلة إلى درجة أن الحرس الجمهوري تدخلوا لتهدئة العديد من الحالات.
وفي جو مهيب، وعلى وقع نبرات ترتيل القرآن الكريم بمكبر الصوت أقبل أمس، عدد هائل من الجزائريين كبارا وصغارا قدر عددهم بالآلاف لإلقاء النظرة الأخيرة على جثمان المجاهد الرئيس أحمد بن بلة، وتدفقت شخصيات وطنية وتاريخية ومواطنون ومواطنات بسطاء آخرون آثروا التنقل إلى قصر الشعب بالرغم من تقلب الأحوال الجوية لإلقاء النظرة الأخيرة على جثمان الرئيس بن بلة فكانت شهاداتهم استحضارا لكفاح الرجل وأهم محطات حياته قبل الثورة التحريرية وأثناءها وبعدها.
وقبل وصول جثمان المرحوم إلى قصر الشعب كان محيط مبنى قصر الشعب يعج بالمواطنين والمجاهدين الذين يريدون الدخول، خاصة الذين قدموا من مسقط الولاية رأس الفقيد، وميز الحضور حضور عدد هائل من قدماء المجاهدين الذين اختفوا عن الساحة ولم يظهروا منذ سنوات ولم يحظوا بأي منزلة أو رتبة في السلطة، عدا منحة المجاهدين التي يتقاضونها، بعضهم كانوا معه في نفس الزنزانة وبعضهم كانوا معه في ميدان الثورة.
وتم نقل جثمان الفقيد في جو مهيب من منزله إلى قصر الشعب في حدود الساعة الـ11 صباحا وهو مسجى بالعلم الوطني، ورافقه رئيس الجمهورية، ووضع الجثمان وسط بهو قصر الشعب، حيث تعالى صوت القرآن بمكبر الصوت، بينما تكفل الحرس الرئاسي بتنظيم دخول وخروج أفراد الشعب المعزين.
وسجل تدفق كبير للشخصيات السياسية والتاريخية والثقافية كان من بين الذي وقوفوا لإلقاء النظرة الأخيرة على جثمان أحمد بن بلة مواطنون بسطاء سيما من الذين عايشوا الثورة التحريرية وعاصروا المرحوم فأحبوه وتأثروا بمواقفه وخطبه وأفكاره فكانت شهاداتهم صادقة معبرة مفعمة بالوطنية وبكثير من الحنين إلى تلك المرحلة.
تشكيلات سياسية وشخصيات وطنية تعزي عائلة الفقيد بن بلة
وعبرت عدة تشكيلات سياسية ومنظمات وطنية عن بالغ تأثرها لوفاة أول رئيس للجزائر المستقلة ورئيس لجنة العقلاء للاتحاد الإفريقي مقدمة تعازيها الخاصة إلى أسرة الفقيد والشعب الجزائري إثر هذا المصاب الجلل سائلة المولى عز وجل أن يتغمد روحه برحمته الواسعة ويسكنه فسيح جنانه ويلهم ذويه الصبر والسلوان.
وأكد الحزب الوطني للتضامن والتنمية في برقية تعزية وجهها لأسرة الفقيد ومحبيه أن الفقيد يبقى في ذاكرة الشعب الجزائري باعتباره "رمزا للثورة التحريرية المظفرة" مشيدا بالدور السياسي الذي لعبه إبان الثورة التحريرية، كما تقدم من جهته حزب حركة الوفاق الوطني بتعازيه إلى الشعب الجزائري سائلا المولى عز وجل أن يتغمد روح الفقيد برحمته الواسعة و يسكنه فسيح جنانه.
وتقدمت من جهتها جبهة المستقبل وحزب جيل جديد بتعازيهما إلى أسرة الفقيد والأسرة الثورية والشعب الجزائري، كما تقدم الأمين العام للاتحاد العام للعمال الجزائريين عبد المجيد سيدي سعيد باسم العمال الجزائريين بالتعازي الخالصة إلى أسرة المرحوم و كذا إلى العائلة الثورية راجيا من المولى تعالي أن يسكنه فسيح جنانه.
أحمد أويحيى: رحيل أحمد بن بلة خسارة كبرى للجزائر
من جهته، اعتبر الوزير الأول أحمد أويحيى أن رحيل الرئيس الأسبق أحمد بن بلة خسارة كبرى للجزائر خاصة وللعالم العربي والأفريقي عامة وأن بوفاته تفقد الجزائر قلعة من أكبر قلاعها ورجلا من أعظم رجال النضال في سبيل حرية الجزائر.
عبد العزيز زياري: الجزائر فقدت مجهدا ومناضلا من الرعيل الأول
وأكد رئيس المجلس الشعبي الوطني عبد العزيز زياري أن الجزائر فقدت برحيل أحمد بن بلة "مناضلا ومجاهدا من الرعيل الأول ومن الرموز الذين ساهموا في تحرير الجزائر من ربقة الاستعمار"، مضيفا أن "تاريخ الجزائر المعاصر حفظ بصمات الراحل سواء قالوا في فقيد الجزائر
عبد المجيد سيدي السعيد: التاريخ يشهد على صبره أمام المحن والمصائب
"بن بلة رجل فذ خدم الجزائر، وكان من الناس الذين ضحوا بالغالي والنفيس، ولم يطلبوا مقابلا على ذلك، بل فعلوا ذلك من أجل الجزائر، صنع تاريخ الجزائر وتاريخ إفريقيا، وهو مجاهد قدوة في الوطنية والشجاعة، والنضال، والتاريخ يشهد على مشواره وعلى صبره على المصائب والمحن، التي واجهته في حياته النضالية، ونحن نترحم عليه باسم جميع العمال الجزائريين والعاملات.
سعيد عبادو: حمل الجزائر على عاتقه في أحلك ظروفها
"بن بلة كان أخا ورفيقا ومجاهدا أفنى حياته كلها في خدمة الوطن، كنا معا في الثورة، كل في ميدانه، كان من أوائل المنخرطين في حزب الشعب، وكان رئيسا للمنظمة الخاصة، التي فجرت ثورة نوفمبر، وبعد الاستقلال كان أول رئيس للجزائر، أسس الدولة الجزائر وحمل الجزائر على عاتقه في أحلك ظروفها، عندما تركتها فرنسا مخربة محطمة، هو الذي وقع القواعد الأولى لبناء الدولة الجزائرية المستقلة، نطلب الرحمة له ولشهداء الأبرار".
فاروق قسنطيني: عملاق من عمالقة الجزائر
"بن بلة رجل عظيم، بل هو عملاق من عمالقة الجزائر، خدم البلاد والشعب الجزائري، خلال الثورة وبعد الاستقلال، وهذا أقل ما يمكننا أن نقوله عنه".
أبو جرة سلطاني: الرجل تسامح مع كل من ظلمه وتطاول عليه
"هو الذي وضع بصمة الدولة الجزائرية المستقلة، وهو الذي ساهم في وضع اللبنات الأولى لبناء الدولة الجزائرية، هو الرجل الذي تسامح مع كل من ظلمه، ومع كل من تطاول عليه، وآثر أن يطوي صفحة الخلافات، وتصالح مع الجميع، أحمد بن بلة رحمه الله كان خزانة للتاريخ والثورة، بل مكتبة تاريخية ونضالية".
ياسف سعدي: رجل شجاع وصاحب مواقف
"بن بلة رجل شجاع، وصاحب مواقف، خاض الثورة، وناضل من أجل استقلال الجزائر، داخل وخارج الوطن، وهو الذي ذهب إلى الرئيس المصري يطلب منه مساعدة المجاهدين الجزائريين، وتقديم الدعم لهم، وتمكن من إقناعه بذلك، لم يتوقف عن النضال حتى في اللحظة التي أصبح فيها رئيسا".
أمين عقال الطوارق: الطوارق في أعماق الصحراء كانوا يسمعون عن بطولات بن بلة وجماعته
"كان الطوارق في أعماق الصحراء خلال الثورة التحريرية، يسمعون عن بطولات بن بلة وجماعته، رغم أنهم لم يروه ولم يعرفوه، ثم سمعنا أن فرنسا ألقت القبض عليه هو وجماعته، إلى أن عين رئيسا، لم نره أمامنا ولم نلتق به، لكن ثمار نضاله وصلتنا، وتفانيه في خدمة الدولة عندما عين رئيسا انعكس علينا بالخيرات".
الروائي أمين الزاوي: بن بلة أسطورة ومهما رحل جثمانه عنا فإن دروسه لن ترحل
"بن بلة أسطورة ترحل، لكنها لا ترحل لتغيب، بل لتترك وراءها آثارا كبيرة في الجيل الجديد، لكي يتعلم منها الدرس والصبر والنضال وحب الجزائر".
لويزة حنون: بن بلة جزء من تاريخ البشرية جمعاء
"الفقيد لا يعد جزءا من تاريخ الجزائر فحسب، باعتباره أول رئيس لها، بل يتعدى نضاله النطاق الوطني إلى القارة الإفريقية وأمريكا اللاتينية والبشرية جمعاء".
عبد الرزاق بوحارة: سيبقى مرجعا مهما
"الجزائر فقدت رجلا عظيما لعب دورا هاما في التحضير للثورة التحريرية، وفي المنظمة السرية، وكان بذلك من بين الأوائل الذين رفعوا راية الجهاد، وسيبقى بن بلة مرجعا مهما وقيمة تاريخية وتربوية يحتذى بها".خلال فترة الكفاح المسلح أو خلال مرحلة بناء الجزائر المستقلة بدءا من إخلاصه لفكرة الجزائر المستقلة".
البابا يوحنا: لا يختلف اثنان على أنه زعيم عربي وبطل قومي
قال البابا يوحنا، رئيس مجلس كنائس الشرق، للشروق، إن الرئيس الراحل أحمد بن بلة، وإن لم تربطه به علاقات شخصية، إلا أنه كان يلتق به في الملتقيات والمؤتمرات، والاجتماعات الخاصة بالشأن القومي العربي، مضيفا أنه وحسب ما شاهده منه وعرفه من خلال المقربين منه، فإنه لا يختلف اثنان على أنه زعيم عربي وإنساني، قبل أن يكون زعيما ورجلا ثوريا جزائريا، وأضاف أنه بطل قومي بكل المقاييس.
خالد السفياني: إنه فقيد الأمة وليس الجزائر فحسب
اعتبر خالد السوفياني، منسق مجموعة العمل الوطنية لمساندة العراق وفلسطين، والأمين العام السابق للمؤتمر القومي العربي، للشروق، أن الرئيس أحمد بلة ليس فقيد الجزائر وحسب بل هو فقيد المغرب ودول المغرب العربي وفقيد كل الأمة، بل كل أحرار العالم، مضيفا أن "الراحل كان الطيبة تمشي على قدمين، العزة، الإيمان، الوطنية، المقاومة، كل معاني القيم السامية تستلهم من شخص الراحل"، وأوضح السوفياني أنه كان يسمع عن نضال وثورية الراحل، وهو صغير، لكنه تشرف بمعرفته عن قرب، وفهم معه معنى قائد المقاومة، مضيفا لقد "كان الأب والأخ والصديق والعزاء واحد بين المغرب والجزائر".
معن بشور: الفقيد وحد اللبنانيين كما لم يفعل غيره
رجع المفكر القومي العربي معن بشور الأمين العام للمؤتمر القومي العربي، والذي كان من المرتقب أن يحل مساء الأمس رفقة وفد من المؤتمر، لتقديم واجب العزاء للجزائر في فقيدها، في اتصال بالشروق، بذكرياته إلى الأيام التي تعرف فيها على الراحل، والتي قال إنها تعود لسنة 1991، حين التقى به في المغرب في دورة للمؤتمر القومي العربي هناك، وأن الرئيس الأسبق أحمد بن بلة قال له أنه يحلم بزيارة للبنان، وما كان من المفكر بشور إلا أن لبى له هذا الحلم، حيث قدم له دعوة باسم "المنتدى العربي ليحل ضيف احتفالات ثورة 32 يوليو السنوية'' في زيارة تدوم ثلاثة أيام، غير أن اللقاءات الحارة التي جمعته باللبنانيين جعلته يبقى في لبنان ثلاثة أسابيع كاملة.".
المحضرون يترحمون على "بن بلة"
استغل المحضرون القضائيون افتتاح اليوم الدراسي المنظم من طرف الغرفة الجهوية للمحضرين القضائيين للوسط حول دور الفاعلين في ترقية التنفيذ المنعقد أمس الخميس بمدينة زلفانة بولاية غرداية للوقوف دقيقة صمت ترحما على روح الرئيس الأسبق والمجاهد الكبير السيد أحمد بن بلة الذي وافته المنية عشية تنظيم هذا الملتقى الجهوي الذي ضم خمس 5 مجالس قضائية من الجنوب الجزائري. والأمر نفسه أجبر المنظون على إلغاء التظاهرة الثقافية التي كانت مبرمجة على هامش أشغال هذا الملتقى.
تنكيس العلم الوطني بالمؤسسات والهيئات العمومية
تم تنكيس العلم الوطني، أمس الخميس، وغيرت القنوات الإذاعية والمرئية برامجها، غداة الإعلان عن وفاة أول رئيس للجزائر المستقلة، أحمد بن بلة، عن عمر يناهز 96 سنة، إثر قرار رئيس الجمهورية إعلان حداد وطني لمدة ثمانية أيام في كافة أرجاء التراب الوطني، ابتداء من يوم الأربعاء.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 14/04/2012
مضاف من طرف : aladhimi
صاحب المقال : جميلة بلقاسم
المصدر : الشروق 2012/04/12/