سرٌ ثقيلٌ يؤرق حياة الأطفال المصابين
الجزائر في طليعة البلدان التي تتكفل بمرضى السيدا مجانا
إنهم أطفال كغيرهم يضحكون أحيانا ويبكون أحيانا أخرى يلعبون يقفزون ويتشاقون ولا شيء في الظاهر ينبئ أنهم مختلفين عن باقي أقرانهم ولا شيء سوى سر ثقيل يحمله أغلبهم منذ الولادة وإنهم أطفال مصابون بداء فقدان المناعة المكتسبة السيدا.
ي. تيشات
تعد الجزائر واحدة من البلدان على المستوى العربي والإفريقي التي تتكفل بمرضى السيدا بصفة مجانية تتضمن الفحوص والأدوية حيث انضمت إلى البرنامج المسطر من طرف المنظمة العالمية للصحة والذي يهدف إلى القضاء على هذا الوباء في أفاق 2030.
وبحسب الأخصائية البروفيسور موفق فأول طفل تكفلت به مصلحة الأمراض المعدية بالمركز الاستشفائي الجامعي لوهران في أواخر التسعينيات يبلغ اليوم أكثر من عشرون عاما مضيفة أن أطفالا من مختلف الأعمار والأوساط والطبقات الاجتماعية يتابعون علاجهم على مستوى المصلحة مع تأكيدها أن انتقال مرض السيدا من الأم إلى جنينها أو ما يعرف بالانتقال العمودي للعدوى يمثل أكثر من نسبة 90 في المائة من مجموع حالات الأطفال المصابين بالمرض حيث يضمن التشخيص المبكر للمرض عند الأطفال تكفل أكثر فعالية وحياة تكون طبيعية خاصة مع تطور أساليب العلاج وتخفيفها.
ويقوم المرضى الأطفال كما الكبار بإجراء فحوصات شهرية كما يقتنون وصف مجانية ما يلزمهم من أدوية من صيدلية المصلحة مرة كل ثلاثة أشهر. وقد سمح تطور الأبحاث في السنوات الأخيرة إلى تخفيف جرعات الأدوية إذ يتعاطى بعض المرضى قرص أو قرصين من الأدوية في اليوم. وفي إحدى قاعات العلاج تستقبل الدكتور بن زوبارة وهي طبيبة مختصة في الأمراض المعدية تتكفل بالصغار المصابين بالسيدا على مستوى المصلحة أطفالا من مناطق عدة يأتون أحيانا من البعيد لفحوص لا يمكن القيام بها في مكان آخر.
وتقول هذه الأخصائية أن العلم لم يجب بعد على العديد من الأسئلة فيما يتعلق بمرض السيدا مشيرة بخصوص هذه الحالة إلى أن أحد الأبحاث الحديثة يؤكد أن بعض الأشخاص يتمتعون بجينات مقاومة للفيروس.
الخوف من نظرة المجتمع
تتغير تعابير وجه محمد وتنطفئ ابتسامته حين تطرح مسألة نظرة المجتمع إلى مرضى السيدا حيث يقول أن الخوف من حكمه أصعب أحيانا من المرض نفسه لأن حكم المجتمع على هذه الشريحة قاس لا رحمه فيه. ويروي يوسف إنه تجرع مراراته حيث عاش إقصاء ابنته لينا من طرف أبناء عمومتها فقط لأنهم علموا أنها أصيبت بالسل (إحدى الأمراض الطفيلية) ويتنبأ أن لا أحد سيقبل التعامل مع عائلته إذا ما شاع خبر إصابتهم.
ورغم أن يوسف يعيش في كنف والديه مع اثنين من أخويه المتزوجين إلا أن مرض زوجته وطفليه سرٌ لا يعلم به أحد من العائلة الكبيرة. هو وزوجته هما الوحيدان العارفان بالوضعية. ويقول يوسف أنه بهذا يحمي زوجته التي لن ترحمها ألسنة الناس التي ستلوكها طولا وعرضا وطفليه اللذان لا ذنب لهما إذ أصيبا عند الولادة. وتجلب البروفيسور نجاة موفق الانتباه إلى صناديق امتلأت بعلب الأدوية الفارغة إذ يفضل أغلب المصابين التخلص منها خوفا من أن يتعرف قريب أو صديق على دواعي استعمالها مضيفة أن أكثر ما يخشاه المرضى هو اكتشاف معرفة الناس بنوع إصابتهم.
وتذكر نفس الأخصائية أن هؤلاء المرضى لديهم الحق في احترام حياتهم الشخصية وأنه يتوجب حماية الأطفال بصفة خاصة إذ أنهم الأكثر هشاشة. وتقوم البروفيسور موفق باستبدال دفاتر الصحة للأطفال الذين أشير فيها إلى مرضهم أو مرض والدتهم بدفاتر جديدة خالية من هذا النوع من التفاصيل خاصة وأن المدارس تطالب بنسخة من الدفتر. وتعترف سمية وهي سيدة نقل إليها زوجها الفيروس دون علمه أن خيار إشراك حتى أقرب الناس صعب يتوجب التفكير قبل أخذه مليا وتسرد قصتها التي بدأت منذ قرابة العشر سنوات حيث أنجبت طفلة تم تشخيص إصابتها بالسيدا خلال السنة الثانية من عمرها لتكتشف أنها تحمل هي الأخرى المرض.
أي مستقبل للأطفال المصابين بالسيدا
بينما تحمل سمية أملا كبيرا في مستقبل أطفالها السليمين... ينهش القلق عقل يوسف الذي يتساءل عن مآل ولديه. هل سينجحان في دراستهما؟ هل سيتزوجان ويكونان عائلة أم أنهما محكومان بالوحدة؟ ماذا لو تسرب خبر مرضهما إلى العائلة أو المدرسة ولا يحمل الفريق الطبي لمصلحة الأمراض المعدية الذي غالبا ما يلعب أدوارا لا تناط بهم كالنصح والإصلاح بين الأزواج وحتى المرافقة النفسية والاجتماعية إلا أن آراءهم لا تخلو من التفاؤل. وتأكد البروفيسور أن سبل العلاج تضمن حياة عادية إضافة إلى أن التحكم في الفيروس يجعل الشخص غير ناقل للفيروس.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 05/02/2018
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : أخبار اليوم
المصدر : www.akhbarelyoum-dz.com