بقلم: سميرة بيطام
حينما يتعلق الحديث عن الجزائر لا تكفي أقلامنا لكتابة روايات ولا لسرد أحداث ولا لنشر سيرة رجال..شخصيا أبقى حائرة من أين أبدأ الحديث عن الجوهرة الجزائر.
فالثورة الجزائرية لم تكن من فراغ على حد قول الدكتور رمضان بورغدة في كتابه : الثورة الجزائرية والجنرال ديغول بل كانت نتيجة طبيعية لتراكمات الكفاح الوطني بكل أشكاله منذ بداية الاحتلال عام 1830 فلا غرابة إذن أن نجد ثورات الشعب الجزائري التي حدثت قبل ثورة أول نوفمبر 1954 قد تحولت إلى مصدر الهام للذين صاغوا أدبيات جبهة التحرير الوطني كما كانت معاناة الشعب الجزائري تحت الاحتلال الاستيطاني وفشل الكفاح السياسي كأسلوب ديمقراطي لتفكيك النظام الاستعماري دافعا أساسيا لاختيار أسلوب الكفاح المسلح من جديد على الرغم من أن هذا الخيار يستحضر في الأذهان صور القمع الاستعماري الذي كان يتعرض له الشعب الجزائري عقب كل ثورة أو تململ وآخره مجازر ماي _ جوان 1945 التي أزهقت خلالها السلطات الاستعمارية الفرنسية آلاف الأبرياء حيث رسخت في أذهان مفجري ثورة نوفمبر.
يعني فكرة الخروج من الصمت كانت لها أسبابها ودوافعها فيكفي أن يشعر الجزائري أن بلده مستعمرة ومحتلة ومن ثم شعوره بمحاولة طمس هويته ككيان عربي مسلم ما يجعل العقل الواعي يفكر جدية ولو يكن متعلما كفاية أن يدافع عن سيرة وطن فيكفي أن الحق في حياة كريمة شعور ومبدأ يسكن كل انسان ينتعش على أرض خلقت للجميع ورسمت القوانين حقوقا مصانة ومبادئ معززة لا يمكن المساس بها.
و عليه لم تكن الثورة المسلحة مصطلحا غربيا عن الموروث التاريخي للشعب الجزائري وخاصة خلال حقبة الاستعمار الفرنسي فقد كانت الجزائر بحق أرضا تقليدية للانتفاضات الشعبية منذ بداية الاحتلال غير أنها كانت تجربة مريرة نظرا لفشل هذه الانتفاضات جميعا في دحر الزحف الاستعماري واستعادة السيادة الوطنية وما أعقب ذلك من قمع استعماري رهيب كان في غاية القسوة والشدة وأدى إلى تجريد المجتمع الجزائري من قدرته المادية على الاستمرار في المقاومة وهو ما أرغم النخبة الجزائرية بحسب قول الدكتور إلى اللجوء إلى خيار الكفاح السياسي منذ الحرب العالمية الأولى كوسيلة لتحقيق الأهداف الوطنية ومع ذلك لم يفلح المستعمر في اجتثاث فكرة الثورة من العالم الثقافي للمجتمع الجزائري فكانت القناعة لدى حزب الشعب الجزائري منذ الحرب العالمية الثانية راسخة بأن الكفاح السياسي هو غطاء للتعبئة الوطنية وتهيئة الجماهير المسلمة لمعركة حاسمة مع المستعمر يكون الكفاح المسلح أحد وسائلها الأساسية.
و يمكن أخذ مثال عن بلدة شرشال أين تم انشاء تنظيم سري كان من المفترض أن يحظى بدعم الرماة المسلمين بزعامة الرقيب الأول عمر أوعمران الذين كلفوا بحراسة مدرسة القوات المشتركة غير أن أجهزة الأمن الفرنسية أفلحت في كشف هذه الخلية واعتقلت عناصرها وتم الحكم على عمر أو عمران بالإعدام ولكنه استفاد من مرسوم العفو العام الذي أصدره رئيس الجمهورية الفرنسية خلال شهر مارس 1946 فالتحق بعد ذلك بكريم بلقاسم الذي كان مرابطا بجبال منطقة القبائل وكان من صناع أحداث 1 نوفمبر 1954 التي تؤرخ لبداية الثورة الجزائرية.
يعني مبدأ تطويق العزيمة والإرادة لا تؤتي أكلها مع المخلصين من أبناء الجزائر فالعقل مبرمج على التخطيط لتخليص الوطن من استدمار غاشم والقلب ينبض في أصله حبا لوطن اسمه الجزائر فالجزائر هذه صنع لها التاريخ وسام الفخر والاعتزاز وما تم إخفائه من حقائق أو تغييرها ما هو إلا محاولات لطمس الشجاعة والبسالة والتضحيات الجسام لشعب باع نفسه حبا للجزائر..
كانت مني مقدمة قد تطول وتطول ولن أخرج من مجرد كفاية لمقدمة لأسرد جسرا ممتدا عبر ولايات الجزائر لتروي كل منطقة أحداثها وانجازاتها ضد المستعمر وبما أنها كانت مجرد مقدمة فالجزائر خط أحمر لا يجوز تجاوزه لمن يريد تجربة استعمار جديد مهما كان نوعه لأنها الجزائر عريقة وقوية وبطلة فيما يسمى بحرب طرد العدو وتركيعه وقد لا يفهم أحد كيف ومن ومتى ولكن المبدأ والقناعة في ارتواء الأرض بدم الشهداء وكما اعتبر المفكر العلامة مالك بن نبي رحمه الله في إحدى نظرياته المميزة أن : الصعوبات تعد علامة نمو في المجتمع الجزائري لأنها محفز لليقظة والنهضة فاحفظوا حدود خط رسم بدم الشهداء أحمرا حتى لا تضطروا لابتلاع هزيمة جديدة يصنعها لكم أحفاد شهداء الجزائر.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 31/01/2018
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : أخبار اليوم
المصدر : www.akhbarelyoum-dz.com