الجزائر

«الجزائر حرة مستقلة» عبارة دوّت في الأحياء



«الجزائر حرة مستقلة» عبارة دوّت في الأحياء
مسيرات حاشدة أجهضت المشروع الاستعماري الفرنسيتعود الذكرى 56 لمظاهرات 11 ديسمبر 1960، لتفضح حقيقة الاستعمار الفرنسي الإجرامية أمام العالم وتسلّط الضوء على تلاحم الشعب الجزائري وتماسكه وتجنيده وراء مبادئ جبهة التحرير الوطني للقضاء على سياسة ديغول آنذاك، ليعبّر عن وحدة الوطن والتفاف الشعب حول الثورة، مطالبا بالاستقلال التام.إحياء هذه الذكرى منذ استقلال الجزائر، لم يكن أمرا اعتباطيا، بل للذكرى والتدبر ولتقييم المواقف والمآخذ ورسم تصور للمستقبل ولجزائر الغد المبنية على الحداثة ومواكبة التطور دون نسيان تاريخها وماضيها ولو كان دمويا لاستنباط العبر ومواجهة الفكر الاستعماري في صوره الجديدة والتنبه له، لاسيما فيما تعلق بتشويه الحقائق.جاءت المظاهرات لتجسد حرص جبهة التحرير الوطني على التصدي لسياسة ديغول والمعمرين معا والتي ارتكزت على الفرنسيين الجزائريين لمساندة سياسته والخروج في مظاهرات واستقباله في عين تموشنت يوم 9 ديسمبر 1960، وفي نفس الوقت عمل المعمّرون على مناهضة ذلك بالخروج في مظاهرات وفرض الأمر على الجزائريين للرد على سياسة ديغول الداعية إلى اعتبار الجزائر فرنسية وللجميع. ولم تكن جبهة التحرير الوطني محايدة، بل دخلت حلبة الصراع بقوة شعبية هائلة، رافعة شعار «الجزائر مسلمة مستقلة».بعد الوقائع التي حدثت يومي 09 و10 ديسمبر، جاء الرد من خلال المظاهرات الشعبية بقيادة جبهة التحرير الوطني يوم 11 ديسمبر للتعبير عن وحدة الوطن والتفاف الشعب حول الثورة والمطالبة بالاستقلال التام. وامتلأت الساحات العامة عبر المدن الجزائرية كلها بتجمعات شعبية، بشعارات متحدة كلها حول رفع العلم الوطني وجبهة التحرير الوطني والحكومة المؤقتة وتحيا الجزائر. وتوسعت المظاهرات لتشمل عديد المدن الجزائرية وهران، الشلف، البليدة وقسنطينة وعنابة وغيرها... حمل فيها الشعب نفس الشعارات ودامت المظاهرات أزيد من أسبوع.هي حقائق، رغم محاولة المستعمر إخفاءها وطمسها، إلا أنها أبانت حقيقته أمام العالم من خلال التأكيد دوليا على المساندة المطلقة لجبهة التحرير الوطني، ونجحت في إقناع هيئة الأمم المتحدة بإدراج ملف القضية الجزائرية في جدول أعمالها وتصويت اللجنة السياسية للجمعية العامة لصالحها ورفض كل المبررات الفرنسية الداعية إلى تضليل الرأي العام العالمي، إلى جانب اتساع دائرة التضامن مع الشعب الجزائري عبر العالم، خاصة في العالم العربي، وحتى في فرنسا نفسها، الأمر الذي أجبر ديغول على الدخول في مفاوضات مع جبهة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الجزائري وإنقاذ فرنسا من الانهيار الكلي.يبدو أن شبح تاريخ فرنسا المظلم مايزال يطاردها، رغم محاولاتها إخفاءه وهي التي تتغنى في كل مرة بأنها بلد الحقوق والحريات، فها هو الباحث الفرنسي ماتيو ريغوست، بباريس، سيقوم بتحقيق مستقل حول مظاهرات 11 ديسمبر 1960 بالجزائر، عبر إطلاق حملة لتمويل مشروعه عبر الموقع الإلكتروني، كونها تبقى - حسبه - أحداثا غير معروفة.وكان الباحث المستقل في العلوم الاجتماعية، قد أشار إلى أن هذه المظاهرات جاءت بعد معركة الجزائر، وكذا سياسة فرنسا الاستعمارية المبنية على عمليات التوقيف والتعذيب والسجن واغتيال «عدد كبير من المواطنين الجزائريين»، خاصة وأنه بدأ بالتحقيق حول هذا النصر الذي قال عنه إنه «حليف المضطهدين» ومازال يبحث عن أشخاص، لاسيما نساء حضرن في ديسمبر 1960 بوهران والجزائر ومدن أخرى يسردن نفس الذكريات.ويمثل هذا التحقيق بذاته، الذي أعلن عنه الباحث الفرنسي ماتيو ريغوست، صفعة للمستعمر، خاصة وأنه جاء من أحد أبنائها، الذي ينتظر أن يكشف عن الكثير من الحيثيات برؤية فرنسية موضوعية وعلمية، ستضع عديد الحقائق أمام العين وستضاف إلى تاريخ فرنسا الاستعمارية الدموية. وستنصف من جديد شعبا مضطهدا قاد حربا تحررية بكل المقاييس ضد أعتى قوة استدمارية عرفتها البشرية وضربت في ذلك كل الحقوق والحريات التي لطالما تغنت بها عرض الحائط وكانت أول من اخترقها.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)