"تبين مع الوقت أن رفع حالة الطوارئ سنة 2011 كان إجراء نظريا فقط، بينما الممارسات لا تزال نفسها في الواقع". بهذه العبارة لخص نور الدين بن يسعد، رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، واقع الحقوق والحريات في الجزائر خلال عرضه ملخصا عن التقرير السنوي الذي تعدّه الرابطة.
في ندوة صحفية عقدها، أمس، بالعاصمة، بمناسبة ذكرى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، سجّل بن يسعد تدهورا شاملا في وضعية حقوق الإنسان بالجزائر سنة 2018 على كل المستويات. وطالب في ظل هذا الوضع "بوضع تقييم شامل لحقوق الإنسان، تشترك فيه كل الجمعيات المناضلة للضغط على السلطة من أجل احترام حد أدنى من حقوق الإنسان".
وقال بن يسعد إنه "في الواقع لاتزال ممارسات حالة الطوارئ التي حكمت الجزائر خلال عشريتين سارية رغم أنها في الظاهر قد رُفعت رسميا". وأوضح أن البلاد اليوم تعرف تضييقا غير مسبوق على إنشاء الجمعيات وعلى الحق في التظاهر وعلى كل الحقوق السياسية والاجتماعية والثقافية، واستفحالا في ظاهرة الحبس الاحتياطي، رغم مصادقة الجزائر على المواثيق والمعاهدات الدولية التي تتعهد فيها بصيانة هذه الحقوق.
وفي تفاصيل الوضع، أبرز بن يسعد أن من أبرز الإشكالات التي تعوق تمتع الجزائريين بحقوقهم هو وضع جهاز القضاء الذي لا يزال فاقدا للاستقلالية في الجزائر. وأشار إلى أن الملاحظ سنة 2018 هو تفاقم ظاهرة انتهاك قرينة البراءة عبر التشهير بالمتهمين والموقوفين قبل إصدار أحكام في حقهم، ناهيك عن مواصلة اللجوء المفرط إلى الحبس الاحتياطي، رغم أن التعديل الدستوري الجديد يشترط أن يكون هذا النوع من الحبس في الحالات الاستثنائية فقط. وأضاف أن أهم مثال على عجز السلطة ولامبالاتها بحقوق الإنسان هو استمرار ملف المفقودين الذين مازالت عائلاتهم رغم مرور سنوات طويلة تطالب بالعدالة والحقيقة. وفي السياق نفسه، انتقد رئيس الرابطة وضعية السجون التي لا تستجيب، حسبه، للمعايير الدولية من حيث مساحة الغرف التي لا تزيد على 11 مترا مربعا، وقال إن الضرورة اليوم تقتضي المبادرة بأنسنة السجون.
وتوقف بن يسعد مطولا عند ظاهرة "الحرڤة" التي قال إنها شهدت تطورا مخيفا سنة 2018، وانتقد في هذا الصدد ما أسماه الخطاب الشعبوي للسلطة الذي بات يشبه خطاب اليمين المتطرف في أوروبا، مشيرا إلى أن تجريم هذه الظاهرة لم يوقفها بل على العكس تحولت اليوم إلى "دراما وطنية". وطالب الحقوقي السلطات بدل تجريم هؤلاء الشباب بالانتباه إلى من يعيش منهم في ظروف لا إنسانية بمراكز الاحتجاز الأوروبية، وقال إنه من الواجب التكفل بحالتهم وعدم تركهم يواجهون مصيرهم لأن هذا حقهم كمواطنين. وفي هذا الموضوع شدد مومن خليل، الأمين العام للرابطة، في تدخله، على أن ما يدفع هؤلاء الشباب إلى الهجرة هو انعدام الشعور بالأمن والاطمئنان على مستقبلهم بسبب ضبابية الوضع القائم، ناهيك عن الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي جعلت أغلب هؤلاء الشباب يعانون الفقر والبطالة، وذكر أنه "دون انفراج سياسي فإنه لا يمكن أبدا الحديث عن تحسن في حقوق الإنسان".
من جانبه، ركز محرز بويش، نائب رئيس الرابطة، على ما قال إنه الارتفاع اللافت لوتيرة العنف لدى الأجهزة الأمنية في قمع المسيرات والتجمعات السلمية. وذكر أنه، خلال سنتين، لم ترخص السلطات سوى لمسيرتين فقط لا علاقة لهما بالمواضيع السياسية وقضايا الحقوق والحريات. وأشار المتحدث إلى أن ثمة "خوفا هستيريا" بات يسكن السلطات التي صارت تمنع حتى المقاهي الأدبية، كما يحدث في ولاية بجاية.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 14/11/2020
مضاف من طرف : Mousara
صاحب المقال : جريدة الخبر
المصدر : internet