الجزائر

الجزائر تراهن على التوافقات وتغيير الذهنيات بمجلس الأمن


❊ الجزائر وسيراليون تتقاسمان مقاربة تصحيح الظلم التاريخي الذي طال إفريقيا❊ مهمة الجزائر تكمن في الدفع بفكرة الاصلاحات ودعم طرق عمل مجلس الأمن
باشرت الجزائر مهامها في مجلس الأمن الدولي خلال الشهر الجاري كعضو غير دائم في ظل أوضاع استثنائية ومشهد عالمي يتميز بالتشابك والاستقطاب، الذي أفرزته الأزمة الروسية الأوكرانية وحاليا العدوان الصهيوني على غزة، ما يجعلها أمام تحديات عديدة خاصة وأنها ليست بمنأى عن هذه التطورات، غير أن رصيدها الدبلوماسي يعتبر بمثابة أرضية لبناء آلية تسهم في مد الجسور وخلق توافقات داخل الهيئة الأممية ومحاولة تغيير التركيبة الذهنية داخل المجلس في معالجة الازمات.
أوضح مصدر دبلوماسي أن الجزائر ستعمل خلال عهدتها داخل مجلس الأمن وفق هذا المنحى، بمحاولة التوفيق بين الأجندات المتعارضة بناء على عدة مقومات، على غرار علاقاتها الطيبة مع مختلف الدول ما سيجعلها سلسة خاصة مع تلك التي لها عضوية دائمة.
وأضاف المصدر ذاته، أن من أهم التحديات التي تواجه الجزائر، أزمة الأمن الجماعي خاصة وأن المجلس كهيئة مركزية يعيش حالة خلل في إصدار قرارات والتي تجلت بالخصوص بين سنتي 2022 و2023، فضلا عن تراجع العمل متعدد الأطراف مما يصعب في إقامة توافقات بين الدول .
كما أن عودة ظاهرة الاستقطاب في العلاقات الدولية باتت ترمي بثقلها على جميع الدول، موازاة مع تصدع أنظمة السلاح الشامل والتداعيات الخطيرة على المستوى الإقليمي الذي يشهد تأزما غير مسبوق، حيث يتجلى ذلك في تزايد وامتداد بؤر التوتر خاصة في الساحل والتي تنعكس على أمن الجزائر.
وإذ أشار المصدر إلى تزايد آفة الإرهاب التي تعد من أبرز انشغالات مجلس الأمن وحتى المنظمات الجهوية، فقد أكد وجود علاقة ترابطية بين الإرهابيين والمنظمات الإجرامية، مما زاد في تعقيد الأمور، خاصة في ظل العودة القوية للتغييرات غير الدستورية، حيث ستعمل الجزائر على أن يكون ذلك من بين أولوياتها في مجلس الأمن، كونها قد أدرجت هذه النقطة في ميثاق الاتحاد الإفريقي.
كما أن الجزائر ستجد نفسها أمام تحدي بعث العمل العربي والافريقي، خاصة بعد تراجعه في أجندة الأمم المتحدة التي لم تعد تتعامل وفق ما يتناسب مع توجه الكتلتين، حيث ستعمل الجزائر التي ستركز اهتمامها على مصالحها الوطنية على تكريس إجماع داخل الهيئة الأممية، لتكون بذلك لسان حال الفضاءين العربي والإفريقي.
ويأتي ذلك في الوقت الذي تحرص فيه الجزائر على المحافظة على ضمان استقلالية قرارها كون ذلك من ركائز عملها الدبلوماسي، بمعنى أنها لن تكون مجرد منفذ لما سيملى عليها من قبل المجموعتين العربية والافريقية، بل إنها ستعمل على تشكيل كتلة متجانسة بين الدول داخل المجلس لتحقيق الأهداف المشتركة، مثلما سبق لها أن ساهمت في إنشاء مجموعات تشاطرها نفس التوجهات، مع التطلع حاليا للتنسيق مع مجموعات أخرى قد لا تنتمي إليها لكنها تتقاسم معها نفس الافكار وذلك من أجل خلق قوة اقتراح للتعاطي مع بعض القضايا.
وأفاد المصدر، أن إسهامات الجزائر التي تتسم بالخصوصية تحمل بعدا عالميا، على غرار المحافظة على السلم، محاربة الارهاب وبعث التنمية وهي أهداف ترتكز على قيم ومبادئ الأمم المتحدة، في حين تعمل على إعطاء نشاط حركة عدم الانحياز ديناميكية جديدة تتجاوب والمتغيرات الراهنة.
وانطلاقا من رصيدها التاريخي، حيث تعد من الدول التي واجهت الاستعمار بشراسة، فإن الجزائر ستركز جهودها وستولي اهتمامها للقضية الفلسطينية والصحراء الغربية وحلّ أزمات دول الجوار والمنطقة العربية والدفع بها بشكل متوازن خدمة لمصالح شعوب هذه المناطق في إطار مقاربة متوازنة.
وفيما يتعلق بالأولويات ذات الطابع المؤسساتي، فإن الجزائر ستعمل بحكم أنها من الدول التي أنشأت مجموعة العشر في مجلس الأمن على إصلاح هذه الهيئة، في ظل تكتلات تدعو لإصلاح شامل وأخرى مكتفية بإجراء تعديلات لإضفاء الشفافية على عمله.
وأوضح المصدر في هذا السياق، أن سيراليون التي تعد أيضا عضوا غير دائم في مجلس الأمن ترأس مجموعة العشر ولها مقاربة مع الجزائر لتصحيح الظلم التاريخي الذي تعرضت له إفريقيا، مضيفا أن مهمة الجزائر تكمن في الدفع بفكرة الإصلاحات، مع تعزيز طرق عمل مجلس الأمن لإضفاء الشفافية والتشاركية في إصدار القرارات، رغم إدراكها بأن هذه المحاولات التي تهدف إلى أخلقة العمل داخل هذه الهيئة ستصطدم بالواقع من خلال فرض الأعضاء الدائمين لمواقفهم.
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)