تلمسان - Msirda Fouaga

الجدور التاريخية لسكان منطقة مسيردة



الجدور التاريخية لسكان منطقة مسيردة

مما لا شك فيه أن هذه المنطقة قد احتفظت بأثر الأحداث التي جرت فيها والمخلفات التي تركتها على تضاريسها، وفي هذا الشأن يقول المستشرق "قابريال أديسو" قلت بصوت عال بأن حوليات المغرب العربي احتفظت بأثر الأحداث التي جرت عبر السنين بهذه المنطقة، لكن مهم جدا تسجيل بأن هذه المنطقة نفسها أحدثت أو حملت ذكريات لمراحل قديمة من العصور الوسطى أو ذات أثر قديم. فكما يبدو واضحا أن أهالي منطقة – مسيردة -الواقعة في أقصى نقطة من غرب شمال الجزائر لا ينفصل عن تاريخ بقية سكان شمال إفريقيا بوصفهم جزء لا يتجزأ من هذا الشعب العريض الذي تربطهم به أصول كثيرة، وأحداث تاريخية متنوعة.
فالمنطقة كما يظهر عرفت أحداثا تاريخية، والتي نقف بلا شك على كثير من الشواهد التي خلفتها الحروب والمعارك والانتفاضات وما تركته من آثار وذكريات، لا يمكن التغاضي عنها أو نكرانها ومنها شعوب كثيرة مختلفة الأصول، مرّت بهذه المنطقة –شمال إفريقيا-نذكر على سبيل المثال الرومان، الوندال الفينيقيين والعرب، ومنطقة مسيردة ما زالت تحتفظ بكثير من الآثار التي يرجع عهدها إلى العصور القديمة والمتوسطة، فأما ما يتعلق بالتسمية –مسيردة-فيروي قابريال أوديزيو على لسان بعض الجغرافيين القدامى كسترابون « Strabon » أن السكان الذين يستقرون شرق ملوية هم (الماسيسيليان) ويعتبر أنهم أصل قبائل مسيردة الحالية ومن بعض القبائل المجاورة، ويستنتج الباحث بأن المنطقة تعود إلى القرن الثالث من عصر موريتانيا القيصرية الرومانية السيزارية.
ومن تلك الآثار الرومانية التي لا تزال موجودة في أماكن مختلفة من مناطق مسيردة، مثل: باب اللوح، باب اليهودي، القلعة، وبوزواغي وغير بعيد عن رأس القلعة، في مصب واد الكواردة، في نقطة تسمى (بلاد تيبحريتي)، إنها تعرف الكثير من الآثار الرومانية، حيث يظهر بقايا الحي المغربي التيبحريتي، والذي يعنيه البكري في القرن التاسع في بحوثه الجغرافية، وليون الإفريقي في وصف إفريقيا، وكذا مارمول في كتاباته عن إفريقيا.
لكن بعد هذه الإشارة لتاريخ المنطقة، السؤال الذي يطرح نفسه ما هو الأصل الحقيقي لسكان مسيردة ومن هم؟
في حقيقة الأمر يصعب علينا أن نحدد أصلهم الحقيقي أو إعطاء فكرة مدققة عن هؤلاء السكان من أصليين ولاجئين أو نازحين، فكل ما يلاحظ أنهم يحملون طابع ومميزات سكان أهالي الشمال الإفريقي، وما يمكن أن يستخلصه الباحث من أحاديث المؤرخين ووصف الجغرافيين: "أن هؤلاء السكان برابرة أصلا، وأن القبائل التي يكونونها تشكلت مع مرور الزمن نتيجة تجمع عدة عناصر غير متجانسة في عاداتها وتقاليدها ولهجاتها".
وما يمكننا أن نميزه اليوم هو عنصرين من سلالتين مختلفتين الأول الأصيل، ويتكون من السكان الأصليين لمسيردة والعنابرة والثاني عربي ويتكون من أولاد عبد المومن وأولاد بن يحي، فالمسيرديون ينحدرون من مغراوة، وينتمون إلى الزيانيين وإلى زيري بن عطية ومن استقر معه في ضواحي وجدة بالحدود الجزائرية المغربية عندما أسست هذه المدينة سنة 994م، ولم يقتربوا من البحر الأبيض المتوسط إلا في القرن 12م، أما العنابرة فينحدرون من يغمراسن مؤسس دولة بني عبد الواد من تلمسان، ولم ينضموا إلى مسيردة إلا للتخلص من ضغط الاتراك العثمانيين.
أما فيما يتعلق بالعنصرين العربيين (أولاد عبد المومن وأولاد بن يحيى) فإن ما يربط بينهم هو النسب الشريف أي أحفاد الرسول صلى الله عليه وسلم كما يقال، وأولاد عبد المومن ينسبون إلى إدريس بينما أولاد بن يحيى فينسبون إلى أولاد مولاي يعقوب الجيلالي.
ومن خلال ما سبق يمكن معرفة الجد الشريف لأحفاد عبد المومن الذي قدم من قرطبة في القرن الثالث عشر مارّا بمدينة سلا، ومنطقة (سوس) ثم منطقة بن زناسن، حيث خلف أولادا واستقر كذلك بمنطقة بني منقوش قرب عجرود ثم نزل بقرية بيدر إحدى قرى مسيردة.
وبالرغم من هذه الاحتمالات والاعتقادات فالدارس الباحث أوديسيو يقول: "قد ثبتت لدى المعرّب الفرنسي والمؤرخ الذي كتب عن تراره (روني باري) أن عبد المومن يكون من أصل مسيردي، إلا أنه توفي في مزراغين بندرومة على خلاف الاعتقاد الأول (بني زناسن ويشير المؤرخ أن المسجد الواقع في بيدر آنذاك قد أهدي لعبد المومن في حين يعتقد أنه شيد لتخليد عبد المومن القرطبي.




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)