إن الثورة الجزائرية مثلت منذ الوهلة الأولى تحديا متعدد الجوانب لفرنسا: إنسانيا، استراتيجيا، اقتصاديا،... فمن جهة، أصبح مصير مليون مستوطن يزداد ظلمة كلما ازداد الصراع اتساعا في المكان و طولا في الزمن. كما أن من حيث التوقيت، حدثت الثورة في وقت بدأت قوة فرنسا تتراجع في العالم. لقد خرجت فرنسا من الحرب العالمية الثانية منهوكة القوة، و لذا بدأت مستعمراتها التي كانت في زمن غير بعيد تغطي كل قارات العالم ، تتقلص بشكل متسارع. فمباشرة بعد نكسة "ديان بيان فو" و الجلاء من مستنقع الهند الصينية، اشتعل لهيب الثورة الجزائرية بلا سابق إنذار. فكان رد الفعل الفرنسي الرسمي بل و حتى الشعبي، أن الجزائر' معركة لا يمكن خسرانها مهما كلف الأمر'. و من هذا الباب يمكننا إدراك حجم الطاقة التي وظفتها فرنسا لكسب الرهان الجزائري، بل و مخاطرتها بتهديد السلم و الأمن الدوليين مرتين من أجل ذلك: المرة الأولى، بالمشاركة في العدوان الثلاثي على مصر فيما يعرف ب"حرب السويس سنة 1956م". و المرة الثانية، بعدوانها على ساقية سيدي يوسف، و دائما بنفس الحجة: إرغام كل من مصر و تونس على قطع الدعم عن الثورة الجزائرية.
و إن كان كلا الموضوعين جديرين بالدراسة الأكاديمية، فإننا لأسباب موضوعية تتعلق بحجم و طبيعة المقالات التاريخية ارتأينا في هذا المقام إفراد علاقة الثورة الجزائرية بحرب السويس بالدراسة ، مركزين على طبيعة الشخصية التي كانت تحكم مصر آنذاك و المتمثلة في الزعيم "جمال عبد الناصر" و خاصة ما يتعلق به الأمر من دور الفكر الناصري في قضايا التحرر عامة و قضية تحرير الجزائر على وجه الخصوص.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 19/04/2023
مضاف من طرف : einstein
صاحب المقال : - حسام غرداين - دحو فغرور - سالم لحسين - هشام تلي
المصدر : مجلة الحضارة الإسلامية Volume 13, Numéro 17, Pages 15-28 2012-11-01