- أولياء يطالبون بأعوان الأمن أمام المدارس
أضحت مرافقة الأولياء لابنائهم المتمدرسين و اصطحابهم إلى مؤسساتهم التربوية في جميع الأوقات ذهابا و إيابا من الظواهر الملفتة للانتباه و التي تفشت بشكل مثير في السنوات الأخيرة بولاية وهران على غرار باقي ولايات الوطن و هذا في ظل أحداث اختفاء الأطفال و حالات الاختطاف و الاغتصاب و القتل التي سجلت بعدة مواقع تاركة صدمات عميقة في كل بيت جزائري مرسخة خوفا مزمنا لدى الأولياء حتى أصبح ترك الطفل لوحده في الشارع أو الطريق أمرا مستحيلا بل ممنوعا.
يلفت انتباهك في الأوقات الأربعة للتمدرس اي في حدود الساعة 7سا30 إلى غاية الساعة 8سا00 صباحا و ابتداء من الساعة 10سا30 و كذا في حدود منتصف النهار و في فترة المساء أيضا أفواج الآباء و الأمهات متجهين نحو المدارس متمسكين بأيدي ابناءهم حريصين على إيصالهم حتى إلى داخل ساحة المدرسة و هو الحال بالنسبة لجميع أولياء تلاميذ مدرسة حمو بوتليليس الابتدائية بعين الترك أين لمحنا أمهات يحاولن الدخول إلى داخل ساحة المدرسة لأخذ أبنائهن حتى قبل ان يحين موعد الخروج من الأقسام. تقربنا من بعض الأمهات و سألناهن أن كان باستطاعتهن التغيب عن المدرسة يوما و ترك الطفل يعود لوحده للمنزل خاصة و أن اغلب المتمدرسين يقطنون قريبا من المؤسسة فكان رد كل من أم يوسف و ام ملاك و ام وسام و ام نور واحدا و هو أن ذلك مستحيلا و انه لا يمكن ان يطمئن بالهن إلا إذا اصطحبن فلذات اكبادهن بانفسهن و هن مستعدات لإلغاء و تأجيل كل الأمور المهمة و الانشغالات في الأوقات التي يدخل أو يخرج فيها أطفالهن من المدرسة متكلمات بحسرة عن حادثة الطفلة سلسبيل التي تركت أثرا بالغا في نفوسهن.
بعد حادثة سلسبيل الاولياء فقدوا ثقثهم في الشارع
توجهنا أيضا خلال هذا الاستطلاع إلى وسط مدينة وهران و تحديدا إلى مدرسة عائشة ام المؤمنين و كان موعد خروج التلاميذ قد اقترب و في حدود الساعة 11سا بدأت أفواج من الآباء و الأمهات تتوافد على المدرسة يقفون في طوابير في انتظار ان يدق الجرس و عند خروج الاطفال لاحظنا لهفة كل أم و هي تبحث عن طفلها وسط الازدحام و حتى ذلك الوقت يبقى الشعور بالرعب سائدا إلى أن تمسك بيد صغيرها و تغادر، هذا ما قالته أم عبد الصمد التي وصفت الأجواء بالمرعبة جدا حين تفكر مجرد التفكير انها قد تأتي لاصطحاب طفلها يوما و لا تجده. و ذكرت السيدة ام أنفال ان الاحداث الأخيرة و خاصة حادثة سلسبيل أفقدت جميع الأولياء دون استثناء ثقتهم في الشارع عموما الذي أصبح مخيفا أكثر مما كان عليه حينما تحول اختطاف و قتل الاطفال إلى سلوكات عادية مثلها مثل السرقة في ظل غياب الأمن و الأمان داخل و خارج المدارس.
و حسب السيد رضا فإن الخوف من كل شيء أرق ولي الأمر مضيفا انه حتى اذا تم إيصال الطفل إلى داخل المؤسسة يبقى الخوف موجودا بعد انتشار أخبار اعتداء حارس مدرسة على تلميذ و أنهى السيد رضا كلامه بقوله « الله يستر».
قبل سنوات ظاهرة إصطحاب الاولياء ابنائهم كانت تقتصر على دور الحضانة
هذا و نشير انه قبل سنوات قليلة فقط كان يقتصر اصطحاب الأولياء للاطفال إلى دور الحضانة او إيصال تلميذ السنة الأولى ابتدائي الى المدرسة في الأسبوع الأول من العام الدراسي إلى أن يعتاد على مشوار الطريق، و لم يكن ذلك بدافع الخوف و إنما لأن سن الطفل لا يسمح بتركه بمفرده لقطع مسافة معينة، أما اليوم فقد انقلب الوضع رأسا على عقب حالة الفزع جعلت جميع الأولياء يخرجون من منازلهم و يغادرون مقرات عملهم لهدف واحد و هو حماية أبنائهم من اخطار الشارع الشبح. متمدرسين من التحضيري و الابتدائي حتى المتوسط و الثانوي يرافقهم أولياء امورهم و هذا ما شد انتباهنا بمتوسطة زكي سعيد بحي اللوز كانت الساعة في حدود منتصف النهار لاحظنا عدد من الأولياء و أكثرهم أمهات مصطفات أمام المؤسسة في انتظار خروج التلاميذ، تقربنا من إحداهن السيدة ام بدرة سألناها عن سبب تواجدها أمام باب المتوسطة فردت مبتسمة انها جاءت لاصطحاب ابنتها التي تدرس في السنة الأولى و قالت أن صحيح ابنتها ليست طفلة لكنها تخاف عليها من الشارع رغم أن بدرة ترفض مجيء أمها كل يوم المتوسطة إلا أن الوالدة المسكين تضطر لمرافقتها خفية حتى تصل المنزل المتواجد من منطقة بعيد قريبة من الجبل.
و مثل إم بدرة كثيرات منهن السيدة زوبيدة و مخطارية و ام جميلة اللائي أكدن في عبارة واحدة ان « الوقت شين» و الشارع لا يرحم و ان مرافقة ابناءهم و خاصة البنات أقل ما يمكن فعله لحمايتهم مطالبين بتخصيص أعوان امن أمام كل المؤسسات التربوية بالولاية لتعزيز الأمن و ردع كل المجرمين الذين يتربصون بفرائسهم الصغيرة من أمام الهياكل التعليمية.
المختصة النفسانية سميرة بودو:
«خوف الأولياء مبالغ فيه و قد يؤدي إلى انطواء الطفل»
و من جهتها أكدت المختصة النفسانية سميرة بودو ان خوف الأولياء على أبنائهم مبالغ فيه و له نتائج سلبية إذ تجعل الطفل يكبر خائفا فضلا عن ذلك فهو يحس نفسه محاصرا و قد يبحث عن فرصة للهروب.
و أضافت الدكتورة بورو ان اعتماد الطفل المتمدرس كليا على الأب او الأم لا ينمي لديه آلية دفاعية صلبة لأن الشارع يساهم في التنشئة الاجتماعية للطفل من خلال الاحتكاك بأقرانه و التأقلم معهم. مؤكدة أن الخوف من كل شيء و الضغط يولد عدة ظواهر سلبية و تنتج جيلا ضعيفا يكبر منطويا و لا يستطيع الدفاع عن نفسه و اي مشكل او سلوك قد يدخله في حالة اكتئاب و يؤدي إلى الانتحار. مشيرة إلى دور المعلمين و الأساتذة في إخراج التلميذ من الضغط الأسري من خلال الاهتمام بالنشاطات التكميلية و الترفيهية و الفنية التي تسمح له بالحركة و التعبير و التواصل مع أقرانه.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 08/10/2018
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : حيزية ت
المصدر : www.eldjoumhouria.dz