الجزائر

الثقة أساس إصلاح الوظيفة العامة



بقلم: نور الدين مباركي
إذا تم تحديد أهداف الإصلاح ومناقشتها ومشاركتها سيتم إنشاء مناخ من الثقة
انطلاقا من هذه العبارة وتحليلها وتحديد مفهومها سنتجه مباشرة إلى القول انه في الوقت الحالي في وقت التحول الرقمي عصرنة الإدارة وتقريبها من المواطن يجب تحديث الوظيفة العامة. بل هي ضرورة حتمية لتلبية استخدامات ومتطلبات وتوقعات المجتمع.
لهذا يجب تبسيط النظام الأساسي ليصبح أكثر فاعلية وعملية من أجل تخفيف التسيير الإداري وتعزيز تسيير المسارات الوظيفية للموظفين. يجب إعادة النظر في تشغيلها للخروج من المنظمات البيروقراطية والقضاء نهائيا على الفكر البيروقراطي في الإدارة العامة. سواء بيروقراطية داخلية أي بين الموظفين بمختلف رتبهم ومناصبهم وبيروقراطية خارجية التي تؤثر على النظرة والعلاقة بين المواطن والإدارة.
يجد مجال التحديث الواسع هذا القانوني والإداري على السواء اهتمامًا لدى الموظفين العموميين والمواطنين. إذا كان إصلاح الوظيفة العامة ضروريًا فيجب أن يتم ذلك في إطار من الثقة .
إن الالتزام بالوظيفة العامة يجب ألا يمنع تحديثها. يجب أن يكون هذا المشروع شرعيًا وأساسيا في نظر المسؤولين الحكوميين على أساس التشاور والحوار والحلول المتوافقة وهذا ما نسميه تطوير ميثاق الثقة . لذلك يجب إخراج إظهار وتجسيد الإصلاحات الخفية في الواقع. هذه الإصلاحات التي لطالما أهملت نتيجة الفكر البيروقراطي الذي يميز ويحدد صفة وشخصية الموظف العام وخاصة ذوو الرتب والمناصب العليا وهذا نظرا لاحتكارهم سلطة إصدار القرارات.
محاولة لإعطاء معنى لهذا الإصلاح. الوظيفة العامة بحاجة للتنفس من خلال تفتيح نفسها وتمثيل ذلك التنوع المجتمعي وأن تكون الضامن لهذا التنوع وهذا النموذج. لذلك دعونا نبدأ بالاعتراف بوظيفة صاحب العمل العام (المؤسسة العمومية) بكامل طاقته حتى تستجيب الوظيفة العامة للاحتياجات الجديدة للمستخدمين ومتطلبات التغييرات وأداء الخدمات العامة وتطلعات الموظفين الفردية والخاصة هذا من جهة ومن جهة أخرى الإستجابة لتطلعات ومتطلبات المواطنين العامة.
من جهة الموظفين والمناخ الداخلي الذي يميز العلاقة بين الموظف والإدارة يجب الإنتقال من التسيير الإداري البسيط للموظفين إلى تسيير حقيقي للوظائف والمهارات وهذا ما يعرف بنمط تسيير الموارد البشرية الذي يعتمد على الكفاءات والمهارات. وبالتالي هناك حاجة إلى أدوات جديدة مثل تعديل مخططات التعويض وفقًا للالتزام الجماعي وحتى إنشاء تقاسم للأرباح أو المشاركة في النتائج وتبسيط الإجراءات التأديبية وتفعيل التقاعد النسبي للوظائف الشاقة مع تزامن دراسة وتقرير كفاءات منتصف المسار الوظيفي.
أما من جهة المواطنين والمجتمع المدني والمناخ الذي يميز العلاقة بين المواطن والإدارة يجب العمل على تحطيم ذلك الحاجز المعنوي أكثر منه مادي الذي يطغى على ذهنية وتفكير المواطن مما يدفعه إلى تجنب التعامل مع الإدارة أو بصيغة أخرى يدفعه إلى كره الإدارة. وهذا ما ينتج عنه بطبيعة الحال فقدان الثقة وانعدامها.
في هذا الإطار ونظرا للظروف والأزمة الاخلاقية التي تمر بها الوظيفة العامة وتوتر العلاقة بينها وبين موظفيها مما ينتج عنه بطبيعة الحال توتر العلاقة بينها وبين المواطن. يجب العمل على تسطير برامج وآليات لتحديث الإدارة عن طريق الإهتمام الكلي بالمورد البشري المتمثل في الموظف من خلال وضع برامج تكوين أخلاقي ومهني كذلك المتابعة النفسية الدورية والمتكررة والعمل أيضا على تحسين المنظومة الإجتماعية. إذا من خلال هذه النظرة نستنتج أن الإدارة يجب أن تولي كل الإهتمام للموظف طيلة مساره المهني ابتداء من التوظيف حتى التقاعد. حيث تتطلب جاذبية وانفتاح الوظيفة العامة تغييرات في شروط الولوج والدخول الخاصة بها دون كسر النظام أو الإخلال به. يجب الإبقاء على التوظيف عن طريق المنافسة بل يجب تشجيعه وتطويره ليس فقط أثناء الدخول للوظيفة وإنما طيلة المسار المهني وهو أمر مثالي تمامًا هو محور الاحتراف وتكافؤ الفرص والإستغلال الأمثل للعنصر البشري.
السؤال أو بالأحرى الإشكالية المطروحة هي هل ينبغي أن يكون المسؤولين الحكوميين قادرين على الاستفادة من الخبراء والأعوان والموظفين ذوو الكفاءات ؟ ألم يحن الوقت لإنهاء نفاق الهشاشة في الوظيفة العامة ؟ يجب على العديد من أرباب العمل في القطاع العام وبسبب الافتقار إلى الإمكانيات القانونية الكافية أن يواصلوا تجنيد الموظفين وتحفيزهم. ألا ينبغي مثلا أن تكون هناك حماية اجتماعية إلزامية إضافية (كما في القطاع الخاص)؟ لماذا لا نضع برامج تكوين وتحسين المستوى بصفة دورية ومتكررة تشمل كل أصناف الموظفين ؟ ننظم مثلا التنقل المهني على مستوى مجمعات التوظيف من خلال إلغاء تجزئة الوظائف العامة وتجديد النظم المؤسسية والرقمية التي لا تكفي لتقديم آفاق وظيفية جديدة. إن إصلاح الوظيفة العامة بصفة خاصة هو حتمية وضرورة لمسايرة التطورات الإجتماعية خاصة مما يتوافق مع متطلبات المجتمع وبالرجوع للعنصر الأساسي والذي يعتبر مفتاح وأساس هذا الإصلاح نرى حقيقة أنه إذا تم تحديد أهداف الإصلاح ومناقشتها ومشاركتها سيتم إنشاء مناخ من الثقة.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)