الجزائر

التويتر يموء في بلجيكا؟!



التويتر يموء في بلجيكا؟!
أولا، أعجبتني الصفعة التي وجهها أول أمس، رئيس الجمهورية إلى الأمين العام لجبهة التحرير الوطني، عندما استقبل الرئيس الصحراوي، وهكذا أفسد فرحة جماعة المخزن التي راحت تثني على سعداني، بعد تصريحاته المخزية بشأن القضية الصحراوية، معتقدا أنه بعد ”انتصاره” على المخابرات بإبعاد مديرها العام الذي انتقده مطولا، وانتقد تحقيقاتها في قضايا الفساد، صار بإمكانه قلب سياسة واستراتيجية الدولة والتنازل عن ثوابتها تجاه القضايا العادلة!وثانيا! أعود إلى ما يحدث في أوروبا، وتحديدا في بلجيكا ليلة أول أمس، حيث تحولت مواقع التواصل الاجتماعي التويتر والفايسبوك وصفحات الصحف بها إلى مواء قطط طوال الليل، مع نشر صورة قط أطلق عليه اسم ”أبومياو” للسخرية من الإرهابيين، وهذا نزولا عند رغبة السلطات البلجيكية التي طلبت من مواطنيها، ومن الإعلام عدم الحديث عن العمليات الأمنية التي كانت قوات الأمن البلجيكية تقوم بها ليلة أول أمس، حيث أغلقت محطات ميترو بروكسل، وقررت وقف الدراسة في المدارس والجامعات أمس الإثنين، وهكذا توقف البلجيكيون، إعلاما ومواطنين عن متابعة العمليات الأمنية التي كان الأمن يقوم بها، حتى لا يؤثروا على سير العملية، وحولوا صفحاتهم إلى التندر على الإرهاب والسخرية منه.وفي باريس، شكك رواد التواصل الاجتماعي العرب في عملية ”غزوة باريس” أو ”الجمعة 13”، لأن لا الإعلام الفرنسي ولا رواد التواصل الاجتماعي الأوربيين نشروا صورا لضحايا العملية أو فيديوهات حول الجريمة، وحتى الصور القليلة التي نشرت في الأيام الأولى طالب الفرنسيون بسحبها من المواقع، احتراما للضحايا ولأهاليهم، فكان لهم ذلك.أين نحن من مستوى الوعي هذا بالمسؤولية؟ فلو أن السلطات الأمنية في الجزائر أو في أي بلد عربي آخر طلبت من الإعلام ومن المواطنين طلبا كهذا وترجتهم عدم التحدث عن عمليات مداهمة الإرهابيين والتصدي لهم حتى لا يعرف الإرهابيون ما تحضره لهم قوات الأمن، لرفضوا وأعابوا ذلك وتحججوا بالتضييق على حرية التعبير… حتى الصور البشعة لجرائم السعودية في اليمن، وجرائم داعش في سوريا والعراق، وكل المجازر المقترفة في منطقتنا العربية، بما فيها جرائم إسرائيل في غزة في حق الأطفال، تلك الصور المريعة التي لا يتوانى الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي في نشرها رغم مخالفتها لأخلاقيات المهنة، لما فيها من عدم احترام لخصوصية الضحايا وأهاليهم، لم يتوقف تداولها رغم التحذيرات والمطالبة بعدم نشرها، فكانت النتيجة أن المشهد صار مألوفا ولم يعد يهز أحدا، وصارت جرائم القتل والتفجير وصور الأجساد المفجرة أمرا عاديا، وهكذا اعتدنا على الموت، ولم تعد بشاعته تثير أحدا، لا نحن ولا المجتمع الدولي، الذي تعود على تلك الصور الآتية من بلدان المشرق، ولم يعد يتفاعل معها أو يتألم لألم أصحابها، ولم يعد يتضامن مع مصائبنا، عكس ما شاهدناه مع مأساة باريس، التي اهتز لها الجميع، وتضامن معها كبار العالم، هؤلاء الذين لم تتحرك ضمائرهم للمجازر في حق أطفال اليمن وسوريا ولبنان والعراق وغيرها من الصور المريعة التي يصدرها إعلام أحمق يوميا إلى العالم. فبان كيمون مثلا الذي تألم لمجزرة باريس، كان أخرسا يوما فقط قبلها، عندما كانت بيروت تودع ضحايا تفجيرات برج البراجنة!وهكذا يستمر الرقص على جثث ضحايا المآسي العربية، ويستمر إعلامنا المعتوه يتاجر بدماء ضحايا المجازر التي تروع منطقتنا، من تونس إلى مالي إلى ليبيا، مرورا بسوريا واليمن والعراق ومصر، وكل شبر وقّعت فيه داعش وأخواتها جرائمها الوحشية!تعلموا من بلجيكا، تعلموا من أوروبا، كيف نحترم ضحايانا، وكيف نعلو فوق جراحنا بكبرياء احتراما لكرامة الإنسان العربي الذي لم نعد ننظر إليه كإنسان!




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)