التوجس من التغيير

شارك المسرح الجهوي لمعسكر، أول أمس الإثنين، في المهرجان الوطني للمسرح المحترف 16، المتواصل مجرياته إلى غاية 31 ديسمبر الجاري، بالمسرح الوطني "محي الدين بشطارزي"، في الجزائر العاصمة، بعرض "يوم قبل القيامة" للمخرج محمد فريمهدي، ونص للكاتب محمد بورحلة، والذي يتوقف عند عدة مواضيع، تتقاطع عند قضايا الفن والفنانين.تجري وقائع المسرحية في غرفة تبديل الملابس في مسرح، يتجلى منذ الوهلة الأولى صراع "مدام لولا" (الممثلة دليلة نوار)، و"أمال" (عديلة سوالم)، فالأولى الداعية النجومية متمسكة بتاريخها الماجد، والثانية المتطرفة على الوضع الحالمة بمستقبل أفضل، وتكشف بشكل عبثي عن حالات الإنسان الذي يظل محصورًا في عاداته القديمة، ويتوجس من التغيير خوفًا من المستقبل، رغم أن حاضره في وضع لا يحسد عليه.
هذا الواقع الذي مثلته شخصية "مدام لولا"، أدهشت الممثلة دليلة نوار بأدائها، وعبرت عن واقع مر يعيشه الفنان، لاسيما المسرحي، يتصاعد الصراع بينها و"أمال" إلى أن يصل إلى حديث مثير، يكشف عن همومهما وتحديات مهنة التمثيل، ويعكس العرض حاضر المسرح، ويسجل أن أزمته هي بسبب أبناء هذه المهنة. تظهر شخصيات جديدة على الخشبة، مثل "سعدون" و"المخرج" و"شكسبير" وهو رجل يبدو مجنونا أو سكيرا، ما يشعل جدلاً حول قبول أو رفض فكرة تغيير التجربة المسرحية. يُظهر الصدام بين رغبة بعضهم في التغيير ومقاومة البعض الآخر الذي يرون فيه نهاية للمألوف ودخولًا إلى مجهول يخيفهم.
والعمل الذي جاء باللغة العربية الفصحى، أدرج فيه المخرج محمد فريمهدي جملا بالعامية، بهدف التخفيف على الحاضرين وشد الجمهور لعرض حمل رسائل جدية في طابع هزلي. يوحي العمل عموما، أن الجميع مسؤول أمام تردي حال الفن والمسرح خصوصا، بما في ذلك الجمهور، الممثلون، المخرجون والمنتجون، متضمنا دعوة للتغيير نحو الأفضل والمضي قدما نحو غد مشرق.