الجزائر

التهمت استعجاليا أزيد من 339 مليار سنتيم بالمدية محلات الرئيس عرضة للإهمال والعزلة وعزوف البطالين



التهمت  استعجاليا  أزيد من 339 مليار سنتيم بالمدية                    محلات الرئيس عرضة للإهمال والعزلة وعزوف البطالين
لا أحد يبدو مهتما لأمر ما أصبح معروفا بـ محلات الرئيس أو المحلات المهنية للشباب البطال، بعد أن أنجزت بوتيرة قياسية وبدا المقاولون أول وربما آخر المستفيدين من أغلفتها المالية، فيما تقف السلطات عاجزة عن توزيعها بعد مرور عامين على تسلم المئات منها، وأصبح أغلبها عرضة للتخريب والتقادم الذي يفضح للعيان الكثير من عيوب الإنجاز والمتابعة التقنية.  شمل المخطط الخماسي المنقضي منذ ما يقارب العام بالمدية مشاريع إنجاز 3690 محل مهني للشباب البطال، حسب ما أوردته مدونة توزيع مشاريع ذات المخطط لسنتي2008/2007  والتي أشارت إلى أن 2070 محل تمت مركزتها عبر تسع مدن رئيسية بالولاية، تتقدمها البرواقية بـ420 محل، قصر البخاري بـ 390 محل، عاصمة الولاية بـ300 وبني سليمان بـ270 محل، على أساس تفادي التوزيع الآلي لبرنامج رئيس الجمهورية الخاص بهذه المحلات والمحدد بـ 100 محل لكل بلدية، كون أغلب البلديات ليست في حاجة لذات العدد لطابعها الريفي والمحدود سكانيا والفاقد لأي نشاط مربح خارج عالم الفلاحة وتربية الماشية.ما بعد الإنجاز.. شلل وعزلة  وبنايات مبهمةالعابر للطريق الوطني رقم واحد وعلى بعد حوالي كيلومترين عن مقر بلدية وزرة، يستغرب بناء مجمع لهذه المحلات، في مكان معزول. وقد يميل به الظن إلى أن البناية ليست سوى مطعما أو نزلا لعابري الطريق، أما أن توجه لنشاط تجاري، خاصة للصناعات التقليدية أو المهن الشبانية، فيجب انتظار سنوات وحتى أجيال ليتحقق ذلك. كيف لفتاة بطالة أن تأتي لهذا الخلاء، من أجل ممارسة مهنة الحلاقة أو الخياطة على سبيل المثال ، يتساءل أحد الشباب البطالين من أبناء وزرة أنا أفضل الاحتفاظ بنقاط البطالة للطمع في الحصول على سكن اجتماعي مقابل بيع مفتاحه وشراء سيارة أجرة لضمان مستقبلي يقول شاب آخر ملخصا وجهة نظره ونافيا أن تكون له رغبة في الحصول على أي من تلك المحلات لعدم جدواها، حسب قوله.ورغم التوسع العمراني المكثف الذي تشهده مدينة البرواقية، باستقبالها لأزيد من 40 ألف نسمة نتاج النزوح الريفي إليها من حوالي 20 بلدية، خلال الأزمة الأمنية وبعدها، إلا أن وتيرة الترييف التي صاحبت ذلك لم تساهم حتى الساعة في خلق أنشطة تجارية في مستوى كثافتها السكانية التي تشرف على 80 ألف نسمة، ولغياب الحاجة إلى المحلات المهنية بالبلديات المجاورة لها إداريا، تمت مركزة 420 محل منها بمدينة البرواقية، إلا أن الواقع لا يبشّر بإقبال واستغلال وشيك لها من قبل الشباب البطال خاصة بعد بقاء أول تجربة لتوزيعها مراوحة مكانها منذ أزيد من سنة على تسلّم بعض المستفيدين لعقود ومفاتيح محلاتهم. تسلمت المحل في جوان 2009 لأجد نفسي في دوامة مستعصية، لا ربط بالماء ولا غاز، أما الكهرباء فيحصل عليها ثماني ملتحقين بمحلاتهم، عن طريق قرصنة خط ناقل للتيار انطلاقا من محول كهربائي مجاور، حدث وأن تفطنت إليه سونلغاز في جانفي المنصرم وقامت بقطعه، إلا أن السلطات تدخلت وأعادته لنا ولا ندري كيف نواصل الحصول على الكهرباء بهذه الطريقة . يقول جمال ملفتا إلى رحلته المريرة مع قرض بنكي بـ 90 مليون سنتيم لتجهيز محله، وهو الآن أمام رهانات جمة بين غياب الربط بتيار كهربائي من 280 فولط لتشغيل تجهيزاته وتراكم مستحقات كراء المحل وأقساط تسديد الدين للبنك. كما يتساءل عن حالة زملائه المستفيدين من عقود تلك المحلات كيف لحلاقة أو طبيبة أسنان أن تستقر وتشتغل في غياب الماء وغلق دورات المياه؟ ترهل وتخريب في محلات بني سليمانعند بلوغنا موقع بناية 30 محلا بالحي القديم شرقي مدينة بني سليمان، فاجأنا أحد الشباب بتحريكه لقطع من بلاط نوافذ تلك المحلات بأصابع يده، كما دلنا على انهيار جزء من الأحزمة الإسمنتية المحيطة بالبناية. وعلمنا أنه وقع انهيار أحد الجدران الداخلية بفعل تسرب الأمطار، غير أن المعنيين سارعوا لإجباره على إخفاء الفضيحة، كونه مبني بالإسمنت الممزوج بالجبس، حسب شاب بطال من سكان الحي. بل الأغرب أن أبواب البناية وجدناها مغلقة بطريقة بدائية وباستخدام حديد البناء المعروف برقم ستة.أما الحارس وهو شاب بطال تم تشغيله منذ ما يقارب السنتين وبعقد مدته لا تتجاوز ثلاثة أشهر بأجر شهري مقدر بـ 12 ألف دينار، فهو منذ نهاية عقده المحدود والذي لم يتم تجديده رغم الوعود المقدمة له، أصبح لا يحصل سوى على 3000 دج في إطار الشبكة الإجتماعية مقابل حراسة البناية 24 على 24 ساعة، مما أوقعه في حالة من الإحباط واليأس بعدما ظن أن أبواب السماء قد فتحت له بهذا المنصب.وعلى أمتار قليلة من بناية 30 محلا مهنيا تلك تقف بناية مماثلة تضم 40 محلا، تم توزيعها منذ أزيد من سنة على مجموعة من فتيات المدينة بغرض استغلالها في مختلف النشاطات النسوية، إلا أن المستفيدات المنتظرات رفضن الالتحاق بها من أول وهلة بسبب عزلتها عن عمق المدينة، وعدم جدواها في القضاء على ما تعانيه أسرهن من فاقة وبطالة، ناهيك عن خوفهن من المعاكسات أثناء الترحال بين ديارهن وموقع تلك المحلات.ويجزم جمع من الشباب وجدوا في الشرفات شبه المنهارة لنوافذ بناية 30 محلا مرتعا ليومياتهم مع محنة البطالة، بأن لا أحد بينهم يملك أية رغبة في الحصول على محل مهني في هذا المكان إنه نهب باسم برنامج الرئيس.. ألا ترى الغش بأم عينيك؟ من قام بمتابعة الإنجاز؟ لماذا تم إنجازها في هذا المكان؟ يقول أحدهم وهو في غاية الغضب. أما بالمدخل الغربي للمدينة على الطريق الوطني رقم 8 فتقف عدة بنايات لذات المحلات وقد تعرضت لتخريب زجاج نوافذها رغم القول بحراستها. وحسب بعض الشباب، فإن رشقها بالحجارة يبقى وسيلة للتعبير عن رفضها أو طول التأخر في توزيعها كون موقعها هذا بجوار سوق الخضر والفواكه  أقرب إلى رغبة بعض البطالين في الاستفادة منها بدل تلك المتواجدة بالأحياء المعزولة وغير المجدية تجاريا.أي مستقبل لـ محلات الرئيس بالمدية؟يجمع المختبرون لشؤون المسار التنموي والاجتماعي لولاية المدية، أن انحرافا ما قد وقع في هذا المسار، بالتركيز على سياسة تكريس النزوح الريفي، من خلال إنجاز جملة من الأقطاب المسماة حضرية حتى بأكثر البلديات اعتمادا على الفلاحة ورعي الماشية، وبدلا من أن يتم العمل على جبر الكسور العميقة التي خلّفتها الأزمة الأمنية في الأرياف، من خلال إعادة نفخ الروح في الأنشطة الريفية كقاعدة خلفية للمدن، وقع العكس، وأصبح القاطن بالريف عليه أن يتنقل إلى عمق المدن لاقتناء حاجياته العائلية من خضر وفواكه ولحوم وحليب مستوردة من الخارج أو من ولايات أخرى، بدل أن كان منتجا لها، وكل ذلك يؤكد غياب استراتيجية في زرع أموال الدولة في غابات إسمنتية لا طائل من ورائها لاحقا سوى تفريخ البطالة والآفات الإجتماعية والاعتماد على الإعانات الإجتماعية للدولة، بدليل مثلا أن ما سمي البرنامج الجواري للتنمية الريفية المندمجة لم يتعد غلافه المالي برسم ميزانيتي 2008/2007 أي في أوج تنفيذ البرنامج الخماسي المنقضي حدود 35 مليار سنتيم من مجموع 1500 مليار استفادت منها الولاية، مما يعكس بوضوح تواصل موجة النزوح نحو المدن، مما فرض أمرا واقعا هو القفز إلى الأمام بتحضير غابات إسمنتية تمثلت في أزيد من 10 أقطاب حضرية لاستيعاب الفارين من تهميش الأرياف التي تكاد تقتصر حصصها التنموية على أقل من 20 ألف وحدة للسكن الريفي تمت برمجتها في غياب الكثير من متطلبات عودة النازحين إلى القرى مع محدودية الكثير من عمليات ما سمي برنامج تنمية السهوب جغرافيا ومعيشيا.وحتى شبكة الطرق الريفية التي تمت توسعتها وتزفيتها بأساليب تبقى موضوع تساؤل من حيث الإحترافية في الإنجاز، لا تعدو أن تكون سوى مسالك سياحية في حالة بقاء الريف على حاله. ولذلك تعكس صورة بقاء محلات الرئيس دون فعالية حتى الساعة المزيد من التشاؤم حول مستقبلها، كحالة للتكفل الصوري والكمي بعدد البطالين الذين أصبحت تشكل الأرياف خزانا رئيسيا لتدفقهم نحو المدن، خاصة بمناطق جنوب وغرب الولاية.أما الأصعب وفي ظل الوضع القائم  لمئات المحلات المهنية، وصعوبة توزيعها بشروطها الحالية، فسينتج حسب العارفين، عن حملة التطهير القائمة للأرصفة والشوارع من التجارة الموازية، مما يخلق جدلية في وسط المطرودين من التجار الموازين بين محلات شاغرة بشروط لا تتوفر في أغلبيتهم، وأسواق مشبعة تجاريا لا تستطيع استيعاب الآلاف منهم في أغلب مدن المدية وبلدياتها.          نسخة للطباعة


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)