الجزائر

التطبيق الصارم لقانون مكافحة المضاربة حاصر المتلاعبين بقوت المواطنين



ديمومة الإجراءات الردعية تجتث الآفة من الجذور
سمح تطبيق إجراءات القانون المتعلق بمكافحة المضاربة، بتراجع «آفة الندرة» بشكل ملفت للانتباه، يؤكده عودة المواد الاستهلاكية الأساسية بصفة خاصة - إلى رفوف العرض، مما بعث الاطمئنان لدى المستهلك الذي سيستقبل الشهر الفضيل بعد أيام قلائل، بعد أن أرقته المضاربة غير الشّرعية ونغّصت عليه فرحته بهذه المناسبة الدينية المباركة.
هناك إجماع على أن المضاربة تراجعت، وان القانون المتعلق بمحاربتها الذي يتضمن عقوبات مشددة تصل الى السجن المؤبد ضد المتورطين في تخزين أو إخفاء السلع بغرض إحداث الندرة، قد حقق أهدافه، غير أن الآفة تحتاج الى نفس طويل وتحريات ومتابعات طيلة السنة، حتى تُجتث من جذورها حسبما يؤكده بعض رؤساء جمعيات حماية المستهلك وخبراء في الاقتصاد في تصريحات ل» الشعب».
هادف: تنظيم التوزيع ووضع شبكات احترافية.. ضروري
ثمن الخبير الاقتصادي عبد الرحمن هادف، تعزيز المكتسبات الاجتماعية للمواطن، والحفاظ على القدرة الشرائية وتوفير كل المستلزمات خاصة من المواد واسعة الاستهلاك التي أصبحت من أولويات الدولة، مبرزا ما قامت به الجهات المختصة في هذا الإطار من خلال العمل على محاربة ظاهرة المضاربة غير الشّرعية التي كان لها الأثر السلبي على الواقع المعيش، وتسببت في إحداث اختلالات بالسوق، بل إنها مثلت ممارسات يمكن وصفها ب»الفساد».
وذكر هادف بما قامت به الدّولة من إصدار لقانون موجه لمحاربة ومكافحة هذه «الآفة «، واستئصال هذه الممارسات من جذورها، وقال إنه كان هناك ضربا بيد من حديد لبعض التجار الانتهازيين الذين كانوا ينشطون في مجال التوزيع، وعملوا على احتكار المواد وتوزيعها بطرق غير رسمية وغير قانونية، مما أدى إلى اختلاق الندرة في السوق، وساعدهم ذلك على جني أرباح بطرق غير شرعية.
وأفاد هادف في السياق، أن الجهاز القضائي والأمني، وحتى التنفيذي، قاموا بالواجب كاملا، عبر كامل ولايات الوطن في محاربة هذه الآفات بكثير من الحزم، مشيرا الى القضايا التي ترفع أمام العدالة يوما بعد يوم، وقد أدى ذلك الى تراجع هذه الآفة، وفرض على كثير من المشتغلين بالمضاربة غير الشرعية أن يعيدوا حساباتهم، خاصة بعد تطبيق إجراءات مثل ضرورة التبليغ عن مستودعات التخزين غير القانونية، وضرورة تقييد كل المعلومات فيما يتعلق بالمخزون لدى التجار من تاجر التجزئة الى تاجر الجملة وصولا الى الموزع الكبير.
كل هذا سمح يقول هادف - بأن تكون متابعة شبكات التوزيع صارمة، مما جعل الرقابة أفضل والتحكم في النشاط التجاري أفضل، مع إحراز تقدم في هذا المجال، كما أصبح من الضروري تدعيم الإجراءات التي قامت بها الدولة من إصدار قانون وخطوات ردعية ورقابة، كي تكون مستدامة.
ويؤكد الخبير هادف - في السياق ذاته - على ضرورة تنظيم السوق في مجال المواد واسعة الاستهلاك وخاصة في نشاط التجارة بالجملة، وقد أصبح من الضروري التفكير في آليات جديدة، من أجل استحداث ما يسمى بالمركزيات الكبرى للتجارة التي ستكون حلقة وصل بين المستورد أو المنتج وبائعي التجزئة، مشير ا أن هذا الإجراء معمول به في كل دول العالم، وذكر أن من إيجابيات هذه المركزيات أن تكون ضمن شراكة بين القطاع العام والخاص، كما يسمح ذلك بإضفاء كثير من الشفافية في المعاملات، مع إمكانية التحكم في مجال احترام قوانين التعامل التجاري، ويعتقد أنه ستكون هناك معادلة رابحة لنشاطات شبكات التوزيع .
وأضاف المتحدث في هذا الصدد، أنه يجب العمل على عصرنة منظومة الفوترة التي تعد إحدى آليات المراقبة وتتبع التحصيل الجبائي، والذهاب الى وضع منظومة جديدة للفوترة ضمن ما يسمى بالنظام الخاضع للضريبة الحقيقية، وهذا سيسمح بمعرفة كل الناشطين في تجارة الجملة، تتبعهم ومراقبتهم وضبط نشاطهم بصفة تكون أكثر فعالية ونجاعة .
كما يقترح هادف كذلك أن يكون المتعاملون الاقتصاديون في مجال تجارة الجملة، مسجلين في السجل التجاري كمؤسسات تحت نظام الأشخاص المعنويين وليس الأشخاص الطبيعيين، مما يسمح بتتبع نشاطهم، وإبعادهم عن المضاربة تدريجيا الى غاية القضاء على الآفة بشكل نهائي.
منور: الرقمنة.. تكفل معرفة مسار المنتوج
أما رئيس جمعية «أمان» لحماية المستهلك، حسان منور، فهو يوافق الى حد ما رؤية الخبير هادف، حيث قال إن كل الإجراءات لمحاربة المضاربة والتهريب كانت لها فائدة، غير أن الإجراءات وحدها لا تكفي، فهي صالحة لمدة زمنية محددة، ولذلك يرى انه من الضروري تنصيب سلسلة توزيع تكون فيها احترافية، تسمح بالتتبع والمتابعة والمراقبة، مركزا على أهمية استعمال الرقمنة التي تعد أمرا ضروريا للغاية، ويرى محدثنا ان محاربة المضاربة بشكل فعال يكون من خلال تنظيم مجال التوزيع بالنسبة للمواد الأساسية وواسعة الاستهلاك، وهذا ما يسمح بمعرفة مسار الناشطين في التجارة في مختلف المستويات، ويؤدي كذلك الى التقليل من الخرجات الميدانية لرجال الأمن في إطار مكافحة المضاربة، مشيرا الى ان الناشطين في هذا المجال يتحينون الفرص ويبحثون دائما عن ثغرات ينفذون منها، ويفرضون منطقهم في السوق خاصة في المناسبات كشهر رمضان .
زبدي: محاربة المضاربة غير الشرعية على مدار العام
أما مصطفى زبدي، رئيس جمعية حماية المستهلك ومحيطه، فقد أكد أن سلوكيات المضاربة عرفت تراجعا كبيرا بعد التطبيق الصارم لقانون مكافحة هذه الآفة، بدليل أن كثيرا من المنتوجات عادت الى رفوف العرض، ويرى أن تطبيق هذا القانون على مظاهر المضاربة غير الشرعية لا بد أن يكون على مدار السنة، وفي كل الأوقات، ولا ترتبط بمناسبة بعينها، مشيرا إلى أن هذه التعليمات شدد عليها رئيس الجمهورية، لأن أي تقاعس في مكافحة المضاربين، سيعطيهم الأمل حين يستشعرون أن الرقابة الصارمة والتحريات قد توقفت، مما يفتح المجال الى عودة المضاربة غير الشرعية الى سابق عهدها .
وأشار المتحدث أن المضاربة رغم الإجراءات القانونية التي وضعت لمحاربتها، إلا أنها ما تزال متجذرة في ذهنيات كثير من المتعاملين الاقتصاديين، وما زالت حالات لم يتطرق إليها من قبل، لان الأولوية كانت في مكافحة المضاربة التي مست المواد الأساسية المدعمة، ما يعني أن مكافحة هذه الآفة تقتضي اجتثاثها من عمق السلوك، واستعادة معنى «التجارة»، والحرص على خدمة المواطن.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)