تبرز أعمال "بديعة عزيزي" بقوالب جمالية شائقة تحضر فيها لغة التجريد، وتتراقص الريشة بانسياب بين الشموع والزخارف في مذهب فني مستحدث، إنها فنانة تشكيلية جزائرية مغتربة بالنمسا، افتكت اعتراف أحفاد موتسارت وشتراوس وشوبار الأب والابن، وغيرهم من الأوروبيين وقارات أخرى، رغم أنّ عمرها الفني حديث للغاية ولا يتجاوز الستة أشهر، آثرت فتح قلبها لقراء "الشروق أون لاين".عشاق الفن في الجزائر يحبون التعرف إلى بديعة عزيزي، بداياتها.. مسارها .. أعمالها..لا يمكنكم تصوّر كم أنا سعيدة للغاية بمشاطرة الهائمين بالفن في الجزائر بداياتي ورحلتي مع التشكيل، هذا الأخير يشكّل بالنسبة إليّ نقطة انبعاث، فليس من السهل استئناف الحياة عاديا بعد فقدان العمل. أعتبر نفسي مبتدئة في عالم التشكيل وسائر الابداعات، فالحقيقة بدأت ممارسة الرسم منذ ستة أشهر، حصل ذلك مباشرة بعد مغادرتي لمنصب عملي، وسارت الأمور بشكل متسارع، فبعد شهرين على الانطلاقة، توصّلت إلى إقامة معرضي الأول الذي حُظي بالنجاح، فكان المعرض الثاني بفندق "موديل" الذي شكّل نجاحا ثانيا.مكمن الفرادة في مسارك الفني الفتي "عصاميتك" لا "أكاديميتك"..كم هو صعب بالنسبة لي الاجابة على ذاك السؤال/الهاجس الذي لا يتوقف الناس عن طرحه: "أين زاولت دراسات الفن التشكيلي؟"، مثلما ليس سهلا إقناعهم بأنّ الأمر يتعلق بموهبة لا بشوط أكاديمي. أحبّ أن أشير إلى أنّ بداياتي التشكيلية كانت لأجل بلورة دواخلي ولغرض متعتي الشخصية، لكن المسألة أخذت بعدا آخر، بعد تجاوب المحيط والحدقات المفتوحة لأصدقائي، أتصور أنّه بناء على تشجيعاتهم توصلت إلى ما أنا عليه الآن. كمؤمنة مواظبة على العبادة، لن أنسى أبدا الله، فله الفضل وحده فيما حققته بعدما خارت قواي، هو من منحني إرادة استثنائية وشجاعة لا تبارى، وطاقة كبرى لمعاودة الانطلاق من الصفر عبر حزمة أفكار تملأ رأسي في لحظات النهار والليل. المتابعون لسيرورتك، يلاحظ تنويعا في الأدوات من لدن بديعة عزيزي وميلا إلى التعاطي مع موروث الحرف التقليدية، هل لك أن تشرحين فلسفتك؟لا ينبغي الخلط بين ما أشتغل عليه والحرف الجزائرية، هما أمران مختلفان رأسا، حتى وإن كنت استلهمت في وقت ما من فننا الحرفي الرائع.ما أنجزه، هو استمتاع بالألوان من أجل منح بعض الوهج للوحاتي وتوشية الجداريات الحديثة، فكرتي الأولى قامت على رسم اللوحات في مقام أول، لاحقا راودتني فكرة رسم الشموع والزخارف كأطقم الحلي والآواني، وهي مقتنيات ظلّ عدد غير قليل من الأشخاص يطالبون بها في كل مرة، حتى أنّ النمساويين كما نظرائهم من جنسيات أخرى وجدوا الفكرة أكثر من رائعة.تركّزين كثيرا على الخوض في الفن التجريدي، لما هذا اللون تحديدا، وهل تخططين لممارسة قوالب أخرى؟ لماذا التجريدي؟ لأنّ هذا النمط الفني يتيح لكل شخص في مواجهة اللوحة هامشا أوسع لتطوير التفكير وإثراء المخيال، فضلا عن إذكاء البحث عما يودّ الفنان إضفائه من تعابير في لوحاته.لا أريد التوقف مطلقا عن الرسم، فمناغاة الريشة بالنسبة لي متعة هائلة وطريقة لمخاطبة نفسي، التفاعل مع البواطن، استكشاف خامات مخبوءة بقيت أجهلها منذ سنوات، ذلك محبّب لديّ وكما يُقال: "التأخر أفضل من لا شيئ".ما هي مشاريعك، وهل تعتزمين تنظيم معرض في الجزائر، وماذا عن الشراكة والاحتكاك بين الفنانين النمساويين ونظرائهم الجزائريين والمغاربيين بشكل عام في فيينا؟ بفضل منظمة" وفا للموارد النسوية" WAFAA WOMEN RESOURCES ، استفدت من أبواب مفتوحة بعدما جرى الوثوق بي، وأحرص هنا على توجيه الشكر إلى الفاضلة "رشيدة طوبال" التي ساعدتني كثيرا وعرفتني على مجموعة وفا المتميزة بنشاطها النوعي. أتوق لكي يتعرف الجمهور الجزائري على أعمالي، وأتطلع بمساعدة الجميع لتنظيم معرض في بلدي الجزائر ومناغمة قدراتي وخصوصا سروري مع الشعب الجزائري، وأتأسف هنا لغياب أي جسور تشاركية فنية بين التشكيليين الجزائريين والمغاربيين بشكل عام ونظرائهم النمساويين، ما جعل فيينا تفتقد لهذا البعد الخاص. كيف ترين الوضع الحالي للفن في الجزائر؟ وما هي مقترحاتكم للتطوير؟لا يمكنني إعطاء وجهة نظري بشأن الوضعية الحالية للفن في الجزائر، لكوني لا أملك المعطيات، لكن الطريقة المثلى للارتقاء بمنظومة الفن الجزائرية هي الترويج على منوال ما تقوم به مختلف الدول الغربية، وهذا الترويج كفيل بالتعريف بأفاريز الفن الجزائري التي لا زالت مخبوءة.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 12/12/2013
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : الشروق اليومي
المصدر : www.horizons-dz.com