الجزائر

التشكيل يغوص في العمق الإفريقي



يقدم الفنان التشكيلي والنحات مصطفى بوستة عصارة أعماله الفنية، في معرض بعنوان "جذور"، بقصر الثقافة "مفدي زكريا" حيث يعود في إبداعاته إلى التاريخ والطبيعة، ليحكي قصة الحياة على الأرض، ويضم أعمالا فنية تزاوج بين الفن التشكيلي والنحت، من بينها مجموعة لوحات تجريدية تحاكي التاريخ القديم للجزائر، من خلال رسومات صخرية كالتي نجدها في صحراء الطاسيلي، وكذا مجسمات تعبيرية مبتكرة، تم تشكيلها من استعمال مواد معدنية مسترجعة.يقدم الفنان في القسم الأول من معرضه، مجموعة من اللوحات الفنية التي تغلب عليها الألوان الترابية، والتي تحيل بالزائر مباشرة إلى العمق الإفريقي بكل مكوناته وثقافته، سواء من حيث الأشكال أو المواضيع التي اقتبس منها الفنان أجواء إبداعية. وتظهر في قلب كل لوحة، ملامح إنسانية تتماهى مع الألوان التي مزجتها ريشة الفنان بإبداع، والتي تنم عن ثقافة صاحبها وتشبعه بمرجعيات تراثية أصيلة، كما استعمل بوستة تقنيات اللصق، في حين تجسدت في إحدى اللوحات أبيات شعرية لنزار قباني، وكأن الفنان يفسح المجال للغة المكتوبة لتترجم الرسم أو العكس.
يبتكر الفنان في لوحاته، عوالم مرتبطة بالإنسان والطبيعة، فثمةأشكالا متعددة لحيوانات، كالسمكة والحمار والحصان، قد تبدو غريبة للوهلة الأولى، لأنها غير مكتملة أو استوقفتها ريشته لتخلد بها لحظات وجودية، ولكنها تضفي جمالا وتمنح معان للأعمال المعروضة. وأغلب هذه اللوحات أنجزها الفنان في فترات متباينة، بعضها في بداية الألفين وبعضها في التسعينات، في حين أن أخرى حديثة، وتم إنجازها العام الماضي، وهي تعكس رحلة تأمل وبحث طويل.
في القسم الثاني من هذا المعرض، يقف الزائر أمام تجربة فنية غير مألوفة، ومنذ الوهلة الأولى، حينما يلاقي عند مدخل القاعة مجسما ضخما لحيوان فرس البحر، مصنوع من أوراق معدنية مسترجعة، وسرعان ما يكتشف مجسمات أخرى صنعت بدقة وذات حجم كبير.
ومن بين هذه المجسمات، سفينة راسية وسط القاعة، وصدف عتيق، وكذلك طيور وحصان هزيل وشجرة وزواحف وأشكال أخرى استخرجها الفنان من التراث البيولوجي للجزائر، التي تزخر بكم هائل من المستحاثات، كقواقع الرخويات والأسماك المتحجرة أو النباتات والأشجار المتحجرة.
ويعتبر مصطفى بوستة من الفنانين الجزائريين العصاميين، وقد اشتهر بأعماله الفنية التي تحاكي الطبيعة واشتغاله وفق ما يعرف ب«الفن الخام"، الذي يعتمد أساسا على سيرورة الابتكار أولا وقبل كل شيء. ويستمر معرض "جذور" إلى غاية 27 جانفي الجاري.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)