كان قطاع العدالة من بين القطاعات التي طالتها احتجاجات الشارع يوم 5 جانفي الفارط، بحيث تعرض 36 مبنى قضائيا ومحاكم تابعة لوزارة العدل إلى الحرق والاعتداء أو التخريب. وتشير الأرقام الأولية إلى أن فاتورة الخسائر قدّرتها وزارة العدل بملياري دينار. لماذا يحدث مثل هذا الفعل رغم علم المواطنين، علم اليقين، بأن فاتورة الإصلاح والترميم أو حتى إعادة البناء، ستدفع في نهاية المطاف من جيوب الجزائريين في شكل ضرائب أو رسوم؟
عندما تمتد أيادي الاحتجاج للمواطنين وتطال بالتخريب مباني قطاع العدالة ، فهو أمر يقتضي طرح عدة علامات استفهام حول ما إذا كان المواطنون يكرهون عدالتهم إلى هذا الحد الذي يجعلهم يخرّبون مقراتها في أول فرصة احتجاجية تتاح أمامهم؟ أو أن كثـرة الظلم هو الذي دفع المخربين إلى ذلك؟ أم أن تراجع العدل في البلاد هو الذي تسبب في ذلك؟ قد يقول البعض إن بعض الشباب من أصحاب السوابق هم من فعلوا ذلك بدافع الانتقام ليس إلا، وقد يكون في ذلك جواب. وقد يذكر آخرون أن من فعل ذلك هم أشخاص ممن يملكون سجلات حافلة بشتى أنواع الجرائم وأرادوا إتلاف أرشيفهم الوسخ على مستوى المحاكم في مسعى منهم لصنع عذرية مفقودة. ومثلما قد يكون الغضب من الدولة هو من جعل المحتجين لا يفرقون في اعتداءاتهم على رموز الدولة ومؤسساتها، بين محلات بيع الهواتف النقالة وبين محكمة أو قصر للعدالة وبين محلات بيع الكاشير ، ومن ثم فإن التخريب، حسبهم، كان أعمى لم يفرّق بين العام والخاص وبين المصنع والمدرسة.
قد تكون كل هذه الفرضيات وغيرها تصلح لمعرفة أسباب التهراس الذي طال المقرات التي تشرف عليها وزارة الطيب بلعيز، لكن عندما تصل درجة الشكوى من جهاز العدالة لتشمل حتى موظفي القطاع، على غرار القضاة الذين اشتكوا من ضغوط المفتشية العامة وكتاب الضبط الذين طالبوا بتحسين وضعيتهم الاجتماعية والمهنية في قطاع من المفروض لا يضيع فيه حق أحد، فإن القضية تحتاج إلى وقفة لاستخلاص الدروس مما حدث، لأن المسألة ليست في الجدران التي تضررت، فمن السهل إعادة طلائها بأحسن مما كانت عليه، وتحسين صورتها في عيون المواطنين، لكن من الصعب جبر تلك الرمزية التي تمثلها.
وحتى تكون الصورة واضحة أكثـر، يحكى أن مواطنا من خارج العاصمة كاد يتيه من عناء البحث عن قصر العدالة، فسأل شيخا قابله في الطريق: من فضلك أين يوجد قصر العدالة؟ فرد عليك الآخر إذا كنت تبحث عن القصر فهو هناك، أما إن كنت تبحث عن العدالة فلست أدري .. والحديث قياس.
h-slimane@hotmail.com
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 11/03/2011
مضاف من طرف : sofiane
صاحب المقال : ح. سليمان
المصدر : www.elkhabar.com