الجزائر

التاج يعود من جديد



طوى غول الوزير السابق للأشغال العمومية، الصفحة التنظيمية لحركة مجتمع السلم، بعدما قرر الاستقالة من صفوفها والتفرغ لإنشاء حزب بديل، يحفظ «المكتسبات» ويبني عليها ليقدم مقاربة جديدة للعمل السياسي المنفتح، كما يعلل مؤيدوه ويرى بعض مقربيه.
لم يكن يسيرا على الرجل أن يقبل على قرار من هذا «النوع»، لا سيما أن خروجه جاء عند البعض في صورة التشبث بالبقاء داخل الجهاز الحكومي، في وقت انحازت فيه مؤسسات حركة مجتمع السلم إلى «معسكر المعارضة». فيما رأى آخرون في القرار المتخذ من قبل عمار غول إصغاء لصوت قطاع واسع من المجتمع الجزائري الذي أصدر حكمه في السياسة وهو يتجاوب مع الحملة الانتخابية التي نشطها غول في التشريعيات الماضية وإن كان الأمر في العاصمة فقط، غير أن ما صح فيها يصح في غيرها من الولايات التي يعبر أهلها عن رغبتهم في سماع صوت للآلات السياسية في الجزائر، الأمر الذي يبدو أن غول قد فهمه واقتنع به بعدما تعذر تطبيقه داخل حمس نظرا للتطورات التي ميزت موقف الحركة بعد التشريعيات مباشرة بالانخراط في مسار المعارضة، لذا يرى متتبعون أن مسعى غول قد يكون «رؤية ابتكارية» لتطوير العمل الحزبي الإسلامي في ضوء التجربة المحلية والاستفادة من حصيلة التجارب الاخرى، القائمة على أولويات التنمية والعمل الميداني بدل اجترار الخطاب الإيديولوجي العقيم.
من الصعوبة بمكان تقبل «الانفصال» عاطفيا، غير أن السياسة إذا لم تكن تحقيقا للمصلحة لم تكن سياسة. كما أنه من السهل أن نطلق العنان لإصدار الأحكام الجزافية ضد هذا الطرف أو ذاك، بناء على قاعدة الاصطفاف المبدئي أو المصلحي أو الاجتهادي، وعليه أظن أنه في حالة خروج النائب غول بالتحديد، ومهما يكن من أمر فالمشهد مغاير لما عاشته حمس غداة مؤتمرها الرابع، من حيث الخلفية والإخراج أيضا، حيث يسود منطق السلاسة والودية والتحفظ بين الجميع إلى غاية الإعلان الرسمي عن انسحاب عمار غول وذهابه لإنشاء حزب جديد، في انتظار ما سوف تسفر عنه المبادرة من تداعيات وأصداء داخلية وخارجية، ومن ثمة يظهر أنه من السابق لأوانه تقييم موقف الرجل، وعلينا أن نترك الزمن يفعل فعله، لنشهد فيما إذا كان القيادي السابق في حركة حمس يملك فعلا تصورا جديدا ومشروعا بديلا وقدرات تنظيمية تؤهله لبناء حزب تنافسي واعد ضمن الإطار الأصيل، فيما يبقى التحدي الكبير عند غول و من معه، وهم يبعثون التاج من جديد، تفادي الوقوع في محظور التحول إلى مجرد رقم إضافي لتزيين الديكور الديمقراطي والاحتفاظ بامتيازات المشاركة.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)