الجزائر

البليديات يصارعن من أجل الحفاظ على «الحمامة»


يحرص سكان مدينة البليدة على المحافظة على مختلف العادات والتقاليد التي تخص الأكلات والأطباق التقليدية بالمنطقة، والموصوفة بأنها نوع من العلاج الطبيعي الذي كان ولا يزال يعتمد عليه في مجابهة الزكام والروماتيزم، الرشح والحساسية، آلام المفاصل، ضغط الدم والسكري، وعلى رأسها طبق «الحمامة «الذي يعتبر بمثابة تطعيم سنوي لدى سكان المنطقة.أجمع الكثير ممن تحدثت معهم «المساء» بمدينة البليدة، على أن طبق «الحمامة» من أشهر الأطباق المحضرة في المنطقة، التي تقدم في فصل الربيع ومع بداية دخول فصل الصيف، وهي الأكلة المفضلة لدى العائلات البليدية، تتمثل في كسكسي يفتل مع 99 عشبة طبيعية. يحتاج تحضير طبق «الحمامة» إلى أنواع مختلفة من الأعشاب التي تجلبها السيدات من الحقول، وهي كثيرة خاصة خلال فصل الربيع، وهو ما أمنه الباعة للمستهلكين من محبي هذه الأكلة، فعند تجوالك في الأزقة والشوارع الشعبية للمدينة، على غرار شارع «ديدوش مراد»، «زنقة لعرب» و»باب الدزاير»، يلفت انتباهك العديد من بائعي الأعشاب، خاصة العجائز اللواتي يقمن بعرض مختلف أنواع الأعشاب التي يُحضّر بها الطبق الفريد والمتميز، إذ يشرن إلى خاصية كل عشبة بشكل تام ويعرفنها حق المعرفة، كما يؤكدن على فوائدها الصحية والعلاجية وكذا في رفع المناعة، ومنها الحلحال، المريوث، الزعتر، أوراق التين، أوراق التوت، الكرز، جوز الرعيان، الضرو، أوراق الزيتون، لويزة، الزعفران، الحلبة، العرعار والعلايق.
والمميز في الأمر أن هؤلاء السيدات اللواتي أمضين عمرا بين الحقول يجمعن منها ما تقدمه الطبيعة من نباتات صحية إلى زمانها ومكانها، ويميزن بين عشبة ضارة وغير ضارة، ويروين حكاية كل عشبة، علما أن ثمن الأعشاب التي تتكون منها «الحمامة» بسيط جدا لا يتعدى 100 دج، يباع على شكل حزمة وهو في متناول الجميع.
حسب الحاجة «زهرة.ح» القاطنة بمدينة البليدة، فإن طبق الحمامة يحضر بالأعشاب التي تنمو في أعالي الجبال والمرتفعات، والتي كانت تستعمل في الماضي لدى البليديين دواء لكل داء، مشيرة إلى أنها كانت تتسلق الجبال لجمع أنواع مختلفة منها بنفسها، ثم تقوم بفرزها وغسلها ودرسها حتى تصبح جاهزة، بوضعها على البخار الذي يكون عماده نبتة «شجرة مريم» و»بونافع»، وعند الانتهاء من طهيها، تقوم بخلطها مع حبات الكسكسي، ليصبح لونه بنيا وتدهن بزيت الزيتون ويضاف إليها السكر لتصبح جاهزة للأكل، ويقدم مع اللبن أو الرائب. أكدت لنا الحاجة زهرة أنها علمت في الماضي قريباتها كيفية تحضير طبق «الحمامة» مثلما تعلمته هي من جداتها، معتبرة هذا الطبق التقليدي إرثا تحاول نقله لأبنائها.
❊ خديجة بوبكر
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)