الجزائر

البعد القومي في فكر الشيخ البشير الإبراهيمي



رغم محاولات الإدارة الفرنسية الهادفة إلى عزل الجزائر عن العالم العربي الإسلامي،وتمزيق المرجعية الحضارية للأمة الجزائرية وتشويه هويتها العربية الإسلامية، إلا أنها عجزت عن زعزعة عقيدة الجزائريين الراسخة في انتمائهم الطبيعي، وظل البعد العربي الإسلامي مرتبطا بالحركة الوطنية منذ بداية الاحتلال، متخذا عدة أشكال كالهجرة والمكاتبات الصحفية التي شكلت أرقى درجات التواصل الفكري والحضاري بين الجزائريين وإخوانهم في المغرب والمشرق العربيين، وقد أصبحت هذه الصلات أكثر وضوحا خلال العشرينيات والثلاثينيات من القرن الماضي، وذلك نتيجة ظهور الحركة الإصلاحية الجزائرية التي تهيكلت فيما بعد في جمعية العلماء المسلمين 5 ماي 1931. وأهم ما ميز الجمعية ارتباطها الوثيق بقضايا العرب والمسلمين، ولعل من أبرز قادتها الذين عبروا صراحة عن تعلقهم بقضايا العالم العربي والإسلامي الشيخ البشير الإبراهيمي (1889-1965م)، فالمطالع لآثاره ومختلف أدبياته يستشف بأن الشيخ الإبراهيميلم تشغله مآسي وطنه الصغير عن تتبع آلام وطنه الكبير، فإلى جانب اهتماماته بالقضايا الوطنية الدينية والتربوية والاجتماعية والسياسية، فإنه كان ملما بكل التطورات التي شهدها العالم العربي والإسلامي خلال النصف الأول من القرن العشرين، حيث وقف بقلمه مناصرا للأقطار العربية الإسلامية في كل النكبات التي مرت بها، متصديا لكل ما يحاك ضدها من مؤامرات أجنبية استعمارية، وذلك لما له من حقوق في عنق كل فرد من أفراده والمتمثلة في : " حق الدين، حق اللغة، حق الجنس، وحق الاشتراك في الآلام والمحن، وفي الآمال المقترحة على الزمن، وهذه كلها أرحام يجب أن تبلَّ بِبُلاَلها، وحقوق في ذمة المروءة يجب أن تؤدى..."(1). كما أن تفاعل "الإبراهيمي" مع القضايا الإسلاميةكان نتيجة إيمانه العميق بمبدأ الأخوة الإسلامية التي فرضته النصوص القرآنية والسنة النبوية، مثل قوله تعالى: (( إنما المؤمنون إخوة))، وكذلك قوله تعالى: (( وأن هذه أمتكم أمة واحدة)). وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (( من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم)).

تنزيل الملف


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)