الجزائر

الانقطاعات الكهربائية تشعل نار الاحتجاج بقسنطينة



الانقطاعات الكهربائية تشعل نار الاحتجاج بقسنطينة
أفطر سكان قسنطينة، مساء أول أمس، ولليوم الثاني على التوالي، على ضوء الشموع بعد انقطاع التيار الكهربائي لمدة تراوحت بين 6 و 48 ساعة عن العديد من الأحياء، الأمر الذي عجل بخروج المتضررين من الظاهرة التي أصبحت عادة بالولاية في وقفات احتجاجية قاموا خلالها بقطع الطرقات بالمتاريس وحرق العجلات...
سكان قسنطينة الذين تعودوا على القطع المنتظم واليومي للكهرباء لمدة تتراوح بين 3 و4 ساعات، منذ حلول فصل الحر، وجدوا أنفسهم خلال اليومين الماضيين أمام حتمية قطع مسافات طويلة بحثا عن الشموع، بعد أن نفذت من جميع المحلات في ظل الطلب الكبير عليها واستمرار الانقطاعات الكهربائية لزمن طويل وصل إلى 24 ساعة في بعض الأحياء على غرار الموجودة منها بالجهة العلوية من المدينة كجبل الوحش، الزيادية والفوبور وكذلك المدينتين الجديدتين علي منجلي وماسينيسا ومنطقة عين الباي، التي قام سكانها بقطع الطريق الرئيسي الذي يؤدي إلى وسط المدينة وأحياء الجهة الشرقية رافعين شعارات استنكروا فيها ما هو حاصل وطالبوا بتدخل والي الولاية بعد أن وجدوا أنفسهم أمام أبواب موصدة على مستوى جميع مصالح سونلغاز التي اقتربوا منها.
نفس الوضع شهدته أحياء كل من الدقسي، واد الحد، بومرزوق، القماص، ابن الشرقي، المنية، الحامة، ديدوش مراد وغيرها من المناطق التي انتفض سكانها، احتجاجا على الانقطاعات التي تسببت أيضا في تلف العديد من الأدوات الكهرومنزلية وفساد الأطعمة والمؤونة التي كانت موجودة في المبردات.
أحد سكان حي الفوبور قال «ما يحصل معنا منكر وبالرغم من الشكاوى التي تقدمنا بها إلا أن تدخل المصالح المختصة اقتصر على فرق تتجول، وكل من نتحدث إليه يقدم وعدا بعودة التيار بعد لحظات، لكننا ننتظر منذ ساعات ولا شيء تغير»، وأضاف آخر كان ضمن المحتجين الذين أغلقوا الطريق على مستوى حي الأمير عبد القادر: «نعلم جيدا أن الاحتجاج وغلق الطريق وإشعال النيران لن يغير الوضع، لكن على الأقل كي نوصل رسالتنا للمسؤولين والمختصين الذين على ما يبدو لا يهمهم أمرنا».
محتجون يهاجمون مقر سونلغاز وقوات الأمن في حالة استنفار
لم يجد سكان قسنطينة الذين خرجوا إلى الشوارع للتعبير عن سخطهم من الانقطاعات المتكررة للكهرباء من يستمع لانشغالاتهم عدا قوات الأمن التي تدخلت لتفريقهم وفتح الطرقات التي أغلقوها، الأمر الذي اضطر بعضهم إلى الانتقال لمقرات سونلغاز وحاولوا اقتحامها على غرار تلك الموجودة بحي سيدي مبروك السفلي، حيث ذكر شهود عيان ل «الجزائر نيوز» أن العشرات من سكان الأحياء المتضررة اجتمعوا بالقرب منها وحاولوا اقتحامها بعد أن رفض مديرها استقبالهم وذكر لهم بأن الأمر خارج عن نطاقه وما عليهم سوى الانتظار إلى غاية عودة التيار الكهربائي، الأمر الذي لم يستسغه المحتجون الذين دخلوا في مشادات مع أعوان الأمن كادت أن تتطور لما هو أسوأ لولا تدخل رجال الأمن الذين فرقوا المتظاهرين ونجحوا في احتواء الوضع قبل تطوره.
من جهتها، وضعت مديرية الأمن جميع أجهزتها في حالة استنفار بهدف التدخل السريع بعد ارتفاع معدلات الاحتجاجات الشعبية جراء الانقطاعات في التيار الكهربائي، حسب ما ذكره مصدر مسؤول بمديرية الأمن، الذي أضاف بأن تعليمات تلقتها جميع الوحدات تأمر عناصرها بعدم استخدام القوة ضد المحتجين والتعامل معهم بلين وإنهاء الاحتجاجات عن طريق الحوار، وهو ما تم تجسيده على أرض الواقع، حيث أنه وبالرغم من أن معدل الاحتجاجات وغلق الطرقات تجاوز ال 10 حالات إلا أنه لم يتم تسجيل أي مصابين أو معتقلين باستثناء بعض أعمال الشغب.
منحرفون يستغلون الوضع لقطع الطرقات وابتزاز أصحاب السيارات
من جهة أخرى، وجد بعض الشباب المنحرفين في الانقطاعات الكهربائية سبيلا لتحصيل الأموال عن طريق الابتزاز، حيث عمد العشرات منهم، ليلة أول أمس، إلى غلق الطريق الوطني رقم 5 في محوره الذي يقطع حي البير باستعمال المتاريس وإشعال النيران في العجلات المطاطية، الأمر الذي تسبب في تعطيل حركة السير وخلق طوابير طويلة من السيارات والشاحنات امتدت لمسافة طويلة قبل أن يعمد قاطعو الطريق إلى فرض إتاوات تقدر ب 100 دينار لكل من يريد المرور، وهو ما نزل عنده الكثيرون الذين اضطروا لدفع ما طلب منهم للتخلص من تهديدات العصابات التي وجدت في غياب رجال الأمن وتأخرهم في التدخل السبيل لابتزاز المواطنين وقطع الطريق عنهم بحجة المطالبة بعودة الكهرباء.
ندرة حادة في مادتي الخبز والحليب بسبب الكهرباء
دخل أصحاب العشرات من المخابز على مستوى ولاية قسنطينة، خلال الثلاثة أيام الأخيرة، في عطلة إجبارية عن العمل بسبب الانقطاعات المتكررة في التيار الكهربائي، الأمر الذي تسبب في ندرة حادة في مادة الخبز، وكذلك الحال بالنسبة للحليب بعد أن رفض أصحاب المحلات استلامه خوفا من فساده في الوقت الذي حذر فيه مختصون من تسممات غذائية محتملة جراء الانقطاعات الطويلة في التيار الكهربائي وفساد العديد من المواد السريعة التلف دون الانتباه لذلك على اعتبار أن مدة صلاحيتها لم تنته بعد خاصة ما تعلق بالأجبان ومشتقات الحليب أحد التجار قال «الانقطاعات تسببت لنا في خسائر فادحة، كما أننا لم نعد نعرف ماذا سنفعله بالمواد السريعة التلف التي نبيعها، فمدة صلاحيتها لم تنته بعد لكن الانقطاعات المتكررة تكون قد تسببت في بعضها، وهي أمر بات يهدد حياة المستهلكين وهنا وجدنا أنفسنا أمام تحمل خسارة لا ندري من أين سنعوضها أو بيع منتجات قد تتسبب في هلاك الزبائن».
فوضى في مكاتب البريد ومصالح الخدمات العمومية
من جهة أخرى، فقد تسببت الانقطاعات الكهربائية في تعطيل العديد من المصالح الخدماتية على غرار مراكز البريد والبنوك أين اضطر زبائنها إلى الانتظار لساعات من الزمن، بل ومغادرتها دون قضاء حاجتهم والحصول على أموالهم، الأمر الذي تسبب في فوضى كبيرة خاصة داخل مراكز البريد في كل مرة يعود فيها التيار والوضع لا يختلف بمختلف مصالح الولاية والبلدية التي توقف بها النشاط ما تسبب في تعطيل مصالح المواطنين خاصة الذين قدموا من الولايات المجاورة من أجل سحب البطاقات الرمادية الخاصة بالسيارات وشهادات الميلاد الأصلية.
مسؤولو سونلغاز ومديرية الطاقة يتحدثون عن أسباب الانقطاع
عن الأسباب التي كانت وراء الانقطاعات المتكررة في التيار الكهربائي، ذكر بوبكر بن موهوب نائب مدير شركة التوزيع بالشرق أن الأمر يعود لتلف الكوابل الكهربائية الرابطة بين المولد الرئيسي والمحولات الفرعية بسبب الارتفاع الكبير في درجات الحرارة والاستعمال المكثف للطاقة، موضحا أن إصلاحها يتطلب وقتا من الزمن بسبب صعوبة المهمة من جهة، والتضاريس الوعرة التي تقع فيها المحولات والممون الرئيسي من جهة أخرى.
وأكد ذات المتحدث أنه تم تسخير كل الإمكانيات البشرية والمادية لإصلاح الأعطاب، وأن فرقا مختصة تعمل على مدار 24 ساعة لإرجاع التيار في أقل وقت ممكن، موضحا فيما يتعلق بالخسائر التي لحقت بالمواطنين والتجار جراء الانقطاعات، أن سونلغاز مستعدة لتحملها وما على المتضررين سوى الاتصال بها على مستوى المديرية المركزية وتقديم الدليل على الخسائر التي لحقت بهم على أن يتم تعويضهم بناءا على نتائج الخبرة التي تتكفل بها لجنة مختصة.
أما عن إمكانية حدوث الانقطاعات التي لا تزال متواصلة إلى غاية كتابة هذه الأسطر، قال ذات المتحدث إنه لا يجزم بعدم حدوث انقطاعات مستقبلا، لأن الأمر يتجاوز مصالحه على الأقل على المدى القصير، موضحا أن مؤسسة سونلغاز بصدد إنجاز مشاريع من شأنها الحد من الانقطاعات بشكل نهائي على المدى المتوسط والطويل.
من جهته، رمى أحمد بوزيدي مدير الطاقة والمناجم بقسنطينة الكرة في منطقة سونلغاز وحمّلها مسؤولية ما هو حاصل ودعاها إلى تكثيف فرق تدخلها والاعتماد على القطاع الخاص إن اقتضت الضرورة.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)