الالتزام الأخلاقي، آلية لمكافحة الفساد

تستلزم محاربة الفساد بكل أنواعه وأبعاده المنعكسة سلبا على الدولة والمجتمع برامج إصلاح تخرج من رحم مجتمع سياسي نزيه وصادق النيّة في الوقوف في وجه هذا الداء المستشري في كل مكان، فالإصلاح يكتسب مضموناً استراتيجيا وقوميا من أجل تشخيص ومعالجة الأسباب بتعاون كل الأجهزة وإقحام المجتمع ومؤسسات من جمعيات و منظمات وإرساء المبادئ والقيم الاخلاقية للإدارة النزيهة .الوصفة الناجعة لمحاربة الفساد تبدأ بإعداد مجتمع سليم يرتكز على أفراد تمّ تلقينهم مبادئ التربية و الأخلاق وهي تلك التي يحث عليها الدين بالدرجة الأولى. فالفساد صار مرضا معديا في المجتمع تكتوي به عديد الدول حتى تلك المتطورة و التي تحصنت بمؤسسات ديمقراطية تصغي جيدا للمجتمع المدني الذي في كل الأحوال يشتغل لصالح البلد والمجتمع.
والفساد كظاهرة صار لا يقتصر على دولة أو مجتمع بعينه بل ينتشر حيث يجد الفراغات .
الإصلاح وحده لا يعني القضاء التام على الفساد فالأمر يتعلق بتنسيق العمل بين الدولة وأفراد المجتمع الذين هم في الأخير الجمعيات والمنظمات الجماهيرية والمجتمع المدني كامل بكل حساسياته الاجتماعية والسياسية، فمحاربة الفساد مسؤولية جميع أفراد المجتمع، وأفضل سبيل للتخلص من هذه الظاهرة يكمن في توعية المجتمع أولاً ثم ملاحقة جميع المفسدين ومحاسبتهم، ووضع عقوبات وتطبيقها على كل من يتعاطى مع هذه الظاهرة القديمة. لأنّه مرض معد، يخل بالاقتصاد والمنظومة الاجتماعية.
يؤدي الفساد كذلك إلى تقويض التنمية الاقتصادية وحدوث عجز في الموازنات. كما أن وجود الرشوة يمكن كذلك أن يدفع لاستحداث تعليمات وحالات تأخير جديدة في إنجاز المعاملات. ويشوه الحقل التجاري(...).
و تجتهد عديد الدول من أجل إيجاد آليات محاربة الفساد من خلال سن قوانين و تضمين الدساتير المواد التي تنص على ذلك بالإضافة إلى الآليات الجديدة و التي غالبا ما تدخل في سلسلة الاصلاحات و اخضاع ذوي المناصب العامة للمساءلة القانونية سواء كانوا منتخبين أو معينين ، و ‘إلزامهم بضرورة تقديم تقارير دورية عن نتائج أعمالهم وحق المواطنين في الحصول على المعلومات اللازمة عن أعمال الإدارات العامة و لا تزال عديد المنظمات العالمية غير الحكومية تطالب الدول باستحداث آليات الشفافية و بالتالي توضيح ما تقوم به المؤسسة .