الجزائر

الافتتاحية : بؤس الأحزاب



الافتتاحية : بؤس الأحزاب
أكثر ما يشغل بال السياسيين هذه الأيام هو الوتيرة المتسارعة لسقوط الزعامات والقيادات الحزبية، وهي أشبه لما حدث عام 2011 لعدد من الرؤساء والقادة العرب، مع فارق بسيط أن سقوط هؤلاء كان على يد شعوبهم، أما سقوط رؤساء الأحزاب عندنا فلا يتم في الغالب على يد مناضليهم.
السياسيون في الجزائر يمارسون نفس لعبة الغموض التي تتفنن السلطة في أدائها في المراحل الحساسة والخطيرة.
عندما استقال أحمد أويحيى من قيادة التجمع الوطني الديمقراطي، راسل مناضلي حزبه في خطبة الوداع المكتوبة، بينما يُفترض أن يتحدث إلى الرأي العام في مؤتمر صحفي يشرح فيه ملابسات استقالته والظروف المحيطة بقراره، ببساطة لأن أويحيى ظل يخاطبنا بقعبة الأمين العام للأرندي لأزيد من عشر سنوات، وبقبعة رئيس الحكومة للفترة نفسها، لذلك مازلنا ننتظر خروجه عن الصمت.
وعندما سحب غالبية أعضاء اللجنة المركزية للحزب العتيد الثقة من عبد العزيز بلخادم، بما في ذلك الذين قال بلخادم “إن لؤمهم أصابه في الصميم"، عندما سقط بلخادم لم يقل لنا هذا الذي ظل لسنوات طويلة يتفنن في اقتناء الصيغ الجذاب لخطاباته ما الذي يريده للحزب مستقبلا، ولماذا هذا الانقلاب عليه من قبل أقرب مقربيه، وأسئلة أخرى بودنا سماع الإجابة عنها.
بلخادم غادر دون أن يخاطبنا كرأي عام وكمواطنين، وهو الذي “يحوز" حزبه على غالبية المقاعد في البرلمان والبلديات والمجالس الولائية.
التقويميون الذين ظلوا ولأزيد من سنة يلحّون في الظهور الإعلامي، بدأوا منذ البارحة يتعمّدُون إغلاق هواتفهم حتى لا تُزعجهم الصحافة، فقد هرعُوا للتّموقع عوضا عن مخاطبة الرأي العام بعد الاطاحة بخصمهم، ومن المؤسف أن يبحث بعضهم طرق الاتصال مع السلطة لترتيب إجراءات خلافة بلخادم، عوضا عن بحث ترتيبات لمخاطبة الرأي العام.
مشكلة الاتصال مع المواطن في بلادنا ليست “ميزة" تنفرد بها السلطة، بل هي مرض أصاب الجميع، والبؤس عندما يصيب الأحزاب السياسية عندنا.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)