الجزائر

الافتتاحية : الشاذلي.. رحيل فارس نبيل


في تاريخ الدولة الجزائرية الحديثة بصمات رجال كبار، قبل الثورة التحريرية وأثناءها وبعدها، ولا يمكن لأمة أن تفتقد العظام في مسارها الطويل فتلك عناوين تبرز على واجهات الأمم والشعوب.
يجمع الجزائريون على أن شخصية الشاذلي بن جديد كانت الأقرب إلى قلوبهم وهم يتذكرون كل المسارات التي مرت بها البلاد قبل أن تعصف الأزمة الدموية بالأمن خلال التسعينيات.
الشاذلي بن جديد أو "البقوس" كما كان يسميه ضباط وجنود وحداته بعد الاستقلال لحرصه على نظافة الأشياء كل الأشياء في مكان عمله ومحيطه.. رجل يُعرف عنه الانضباط والصرامة بحكم تكوينه العسكري، دفعته الظروف السياسية والتحالفات المعقدة داخل النظام الواحد لأن يصبح ثالث رئيس للجمهورية الجزائرية المستقلة عقب رحيل الرئيس الأسبق هواري بومدين.
ومن صرامة العسكر إلى دهاء السياسة.. ورث الشاذلي بن جديد حملا ثقيلا، رغم ذلك نجح في أن ينتقل بالبلد من زمن لآخر، مثلما نجح في وضع جسر للعبور بالشعب والوطن نحو الرخاء الاقتصادي حتى لو كان لفترة لأن الأزمة الاقتصادية العالمية التي ضربت أسعار النفط كانت أقوى من كل سياسات امتصاص الصدمة.
ومثلما دفعته المصالح المتضاربة لرموز النظام لأن يكون خليفة هواري بومدين، فإن العوامل نفسها دفعت بالشاذلي إلى الإعلان عن استقالته من منصب رئيس الجمهورية.
هنا انصرف الشاذلي بن جديد بعيدا عن الحياة العامة، وفضّل الصمت عندما تحدث الجميع، ولم يشأ الرد على الإساءات التي طالته من بعض "الرفاق".. فقد غلبت عليه صفات الفارس النبيل..
عندما يتأمل الجزائريون ملامح الشاذلي بن جديد فإنهم يتأمّلون القالب الحقيقي للملامح الجزائرية، وكذلك كان الشاذلي، مثلما يروي كل من عرفه من قريب أو من بعيد، بسيطا.. هادئا .. متّزنا .. وقبل ذلك كان الراحل فارسا من الفرسان النبلاء..
إنا لله وإنا إليه راجعون..
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)