يعد يوم الأرض المصادف للخامس عشر ماي من كل سنة محطة تاريخية هامة يقف من خلالها العالم الحر شرقا وغربا على معاناة الشعب الفلسطيني، وعن هذا اليوم التاريخي يقول الدكتور كرايس الجيلالي أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة تيارت:" وهي ذكرى تجعلنا ندرك في كل مرة أن العالم لا يحكمه القانون الدولي ولا مبادئ حقوق الإنسان، وإنما يحكمه منطق التعجرف والتكبر العالمي، الذي يقوده الغرب ويعد العرب والمسلمون من بين أكثر ضحاياه تضررا عبر التاريخ، ففي مثل هذا اليوم من سنة 1948 وافق العالم المتحضر بشرقه وغربه على أكبر عملية سطو في التاريخ المعاصر، وأكبر عملية تزوير وإبادة في حق شعب بأكمله، حيث تمت مصادرة الدولة الفلسطينية بتاريخها الذي يعود إلى ألاف السنين، وفي نفس الوقت إعلان قيام كيان جديد متعدد الهويات والقوميات، وقائم على الابادة من جهة وسرقة التاريخ والمقدسات من جهة أخرى.
اليوم يتذكر العرب والمسلمون والشعب الفلسطيني مأساة تاريخية أسمها النكبة وعنونها التغريبة الفلسطينية، حيث تم احلال شعب لا تاريخ له، مكان شعب يعتبر تاريخه جزء مهما وأساسيا من تاريخ المعمورة ككل، ففي مثل هذا اليوم قامت دولة الاحتلال العنصرية والإرهابية بكل ما تعنيه هذه الكلمات من دلالات على القتل والاجرام، ومنذ ذلك التاريخ وهي تعمل على طمس كل ما يتعلق بفلسطين التاريخية، رغم كل محاولات العرب التي باءت بالفشل في انهاء الاحتلال او على الأقل إقامة دولة فلسطينية على حدود 1967، لكن وحتى نكون منصفين في كتابة التاريخ وأخذ الدروس والعبر منه، فنحن كعرب وكمسلمين نتحمل جزء من المسؤولية عن تلك النكبة التي نعيش تداعيتها إلى اليوم وللأسف نكرر أيضا ظروفها إعادة انتجها واستمرارها، من خلال حالة من الانقسام العربي العربي، وتوالي الخيانات وترك الشعب الفلسطيني يواجه مصيره وحده، رغم الجهود التي تبذلها بعض الدول العربية السيدة في قرارها، والتي لا تزال ترفض أي نوع من أنواع التطبيع مع الكيان الغاصب، مثل الجزائر التي أعادة للقضية الفلسطينية اعتبرها ونجحت في افتكاك اعتراف أممي بعضوية دولة فلسطين الكاملة في الأمم المتحدة ورفع العلم الفلسطيني لأول مرة في مبنى الهيئة الاممية.
القضية الفلسطينية تدخل عامها السادس والسبعون دون أي حل ينهي حالة الاحتلال ويخلص الشعب الفلسطيني من دولة ونظام قائم على الارهاب المنظم، والقتل، والتهجير القسري، والإبادة وهو مدعوم من طرف النظام العالمي الذي اثبت إفلاسه وخسر أخر ورقة كانت تستر عورته أمام شعوبه، بسبب حرب الإبادة المسعورة التي تقودها حكومة يمينة فاشية ونازية تمارس الإرهاب على المدنيين في ظل صمت عالمي يثبت لنا في كل مرة أنه عالم تحكمه المصالح وتحكمه الخلفيات الدينة ولا مجال فيه لكل ما هو إنساني، فبعد أكثر من ثمانية اشهر على أعنف حرب إبادة يتعرض لها شعب أعزل، لا يزال الغرب إلى اليوم غير قادر على كبح جماح دولة الاحتلال رغم استشهاد اكثر من اربعين ألف مدني فلسطيني نصفهم من الأطفال، ودمار على مستوى البنى التحتية ربما يعادل أو يفوق ما حدث في الحرب العالمية الثانية، لكن ضمير العالم لم يتحرك بعد خاصة على مستوى صناع القرار.
ذكرى النكبة تعود اليوم وربما اهم ما يميز عودتها في هذه المرة هو استفاقة الضمير الغربي على المستوى الشعبي، وانكشاف حقيقة القيم الغربية الزائفة، وهذا راجع إلى الصمود الفلسطيني والى الجهود التي يبذلها اشقاء فلسطين مثل الجزائر في المحافل الدولية، وهي مؤشرات في مجملها تفيد بأن دولة الاحتلال تدق أخر مسمار في نعشها.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 15/05/2024
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : أمينة دورمان
المصدر : www.eldjoumhouria.dz