الجزائر - A la une


الاحلام الغارقة
الأمهات اللائي سيطلقن زغاريد النجاح بمناسة نجاح أولادهن في البكالوريا ، ويذرفن الدموع السخية على حصادهم وكد السنون الطوال وتعبهم مع أولادهم، لن تكتمل فرحة أغلبهن، لأن حصاد ما زرعوه لن يجد من يستغله ويعجنه ليجعل منه مادة صالحة، مع الأسف هناك دوما حاجزا مزيف لأحلام أمهاتنا اللواتي يفرحن معنا، لا أعتقد أن فجيعة الشباب تساوي فجيعة الأمهات اللواتي يصبن بصدمة حين ينتظرن العمر كله لتنجح ثمرة فؤادهن في البكالوريا ويدخل قرة العين الجامعة، وفي الأخير يحال هؤلاء الابناء الذين باعت لأجلهم الأمهات حليهن، وبعضهن عملن في البيوت ، وبعضهن بعن " المطلوع" ،على البطالة لتعلق شهادته على غرفة نومه المتهالكة، إن الذين أوصلوا الشباب الى هذه الحالة لم يٌسيئوا لهذا الجيل فقط بل أساؤوا لآباء وأمهات كابدوا الأمرين ليعلموا أولادهم ليصيروا "حاجة في المستقبل" لكن حصادهم في الأخير لن يكون للأولياء والابناء سوى الريح ، وتتضاعف المأساة حين يصير هؤلاء الشباب مجرد رقم من أرقام المفقودين في البحر أو مجرد لاجئين في وطنهم يلوكون أحلامهم، ويتطلعون إلى الضفة الأخرى مسندين الظهور إلى حيطان الحي ولا يلتفتون إلى الخلف أبدا، فالعيون والأعناق دوما موجهة ومشرئبة نحو الضفة الأخرى، فحلم الأم يجب أن يتحقق، وحلي الأم يجب أن تعود، وراحة الأم يجب أن تنالها بعد كل هذا العناء، فأي واقع يحتمله الشباب المتخرج من كبريات المعاهد وهم يرون أمهاتهم ينظرن اليهم بنظرة الرحمة والشفقة، كلاهما يعزي الآخر بنظرة حنان ورأفة ورحمة، وكلاهما يخفي في صدره نارا تتلظى. فبورك للأمهات اللواتي رحلن إلى السماء وتركن شبابا وشابات على قيد الأمل ، بورك الأمهات اللواتي انتقلن إلى رحمة الله وتركن أطباء ومهندسين ودكاترة، فمثواهم الجنة وطوبى لهم من زرع، أما أمهاتنا اللواتي رحلن وفي قلوبهن غصة قلقا على من سوته رجلا ثم صيرته الظروف وقلة ذات اليد بطالا أو حراقا فنقول أديتن الواجب كاملا غير منقوص وقبلاتنا على الأرض التي مشيتن عليها ، ومن بقي على قيد الحياة من أمهاتنا نقول لهن " غرقت أحلامنا يا امي ".


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)