الجزائر

الإمساك عن أداء الواجبات.. وعقلية: "نشربوا الماء.. وهي فرات" ؟!!..



صورة من الأرشيف
يتناول العديد من الباحثين موضوع التغيير باعتباره حقلا معرفيا تتقاسمه العديد من التخصصات، علوم الإدارة ، علم الاجتماع، العلوم السياسية ، علم النفس... و لكونه موضوعا حيويا ترتبط به حياة المجتمعات و نمائها...
لكن الأهم في هذا المقام هو التركيز على التغيير باعتباره إرادة مجتمعية تنبع من ذواتنا لإحداث التحول إلى الأفضل، و قبل ذلك للتخلّص من آفة مقاومة التغيير التي تكبّل مجتمعاتنا ؛ الأمر الذي لا يتم إلا بتغليب لغة القيام بالواجبات على لغة المطالبة بالحقوق...
لذا سنعرض بإذن الله تعالى ضمن حلقات هذه السلسلة الموسومة ب"التغيير.. إرادة و إدارة" واقع ممارسات إدارية و ظواهر مجتمعية لتشخيصها و اقتراح حلول بديلة ...
الإمساك عن أداء الواجبات.. وعقلية: "نشربوا الماء.. وهي فرات" ؟!!..
هل جربت في رمضان – والأكيد أنك جرّبت – أن تقصد أي إدارة – إلاّ من تستحق أصلا أن توصف بالإدارة – لطلب أي خدمة عمومية؟!.. تذكر جيدا ما يواجهك به من تبقى من موظفي تلك الإدارة، بعدما أخذ أغلبهم عطلتهم السنوية، أو تغيب من تلقاء نفسه بدون عطلة، بمناسبة الشهر الفضيل. سيقول لك أكثرهم أدباً ولباقةً: نشربوا الماء.. وتفرا صالحتك ؟!..
جميل جدا أن يتفرغ أحدنا للعبادة وللمسابقة إلى الخيرات في شهر رمضان، والأجمل منه أن يتقرب إلى المعبود الخالق بأعظم صدقة وأجزل خير؛ وهو قضاء حوائج الخلائق، وعدم تعليقها وتأجيلها والتسويف في قضائها..
وبغض النظر عن الدلالة الأخلاقية للسعي في حاجات الآخرين ودرجة إلحاحها في هذا الشهر الكريم، فإننا نود أن نركّز على عنصر أداء الواجبات الذي تتضاعف الحاجة إليه في مثل هذه المناسبات. ذلك أنّ أغلب مصالح المواطنين في هذه الفترة تتعطّل، وتعلّق إلى أجل "نشربوا الماء.." الذي لا ندري أينتهي بانقضاء الشهر أو بانقضاء الستة من شوال ؟!؟!..
وكأن الموظف يعاقب أخاه المواطن على ترك الأكل والشرب والدخان المفروض عليه بحكم الصيام.. فيترك بالتبع أداء واجباته، وتحمّل مسؤولياته، وإذا احتج أحدهم أو طالب بحقه، رد عملا بمفهومه المغلوط للسنّة: إنّي صائم.. إنّي صائم؟!..
إنّ التسويف الذي تتعرض له مصالح الناس في هذا الشهر المبارك في أغلب الدول الإسلامية، وصمة عار على العقل المسلم، وخطيئة إدارية عظمى، تجعل الناس يتمنون انقضاء شهر الرحمة أو عدم مجيئه من أصله خشية تعطّل مصالحهم، بل ويزاوجون فرحتيهم بيوم فطرهم فرحة ثالثة؛ هي فرحة بداية استئناف الإدارة لأداء واجباتها ؟!!..
لو استصحب أي موظف نية السعي في حوائج الآخرين أثناء تأدية مهامه الإدارية، وقبل ذلك عزيمة أداء الواجبات، في رمضان وفي غيره من الشهور، لوصلت إلى جميع المواطنين بما فيهم ذلك الموظف حقوقهم كاملة غير منقوصة.. بهذا المفهوم فقط "مفهوم أداء الواجبات"، يتطلع الناس إلى مثل هذه المناسبات، سواء كانوا مواطنين طالبي خدمات، أو موظفين مقدمي تلك الخدمات..
لأنّ ذلك يمثّل من الناحية الإدارية رضاءً عامّاً من طرف المواطنين عن الخدمات المقدّمة، وتحفيزاً إيجابياً على إنجاز الأعمال، وفرصة ذهبية لتجويد الأداء، وتدريباً مميزاً لكفاءاتهم المهنية في مختلف الظروف، بالنسبة للموظفين مقدمي تلك الخدمات.
(*) جامعة الجلفة




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)