ارتفاع حتمي في أسعار المواد واسعة الاستهلاك في 2018أكد السيد سليم عثماني، الرئيس المدير العام لشركة «رويبة» للمشروبات ورئيس نادي التفكير حول المؤسسات ومناخ الأعمال، بأن سنة 2018 ستشهد ارتفاعا في أسعار الكثير من المنتوجات خاصة المواد واسعة الاستهلاك. معتبرا أن هذه الزيادات حتمية فرضتها عوامل أهمها ارتفاع أسعار المواد الأولية، تراجع قيمة الدينار والقرارات الأخيرة لمنع الاستيراد وزيادة بعض الرسوم الجمركية والضرائب.
واعتبر السيد عثماني، الذي نزل أمس، ضيفا على منتدى «المساء» أن سنة 2017 كانت «الأصعب اقتصاديا»، حيث يعاني قطاع المشروبات وقطاع الصناعات الغذائية عموما ولاسيما المنتجات ذات الاستهلاك الواسع باستثناء الزيوت والمنظفات «التي عرفت ارتفاعا هائلا وهو ما يثير الاستغراب» منذ 18 شهرا من آثار الأزمة التي ستستمر في 2018.
وعبّر عن الانشغال الكبير بما سيحدث خلال السنة المقبلة، مؤكدا أن ارتفاع أسعار المنتجات سيكون حتمية بعد القرارات المتعلقة برخص الاستيراد ثم منع استيراد بعض المنتجات التي ستؤثر على الأدوات الإنتاجية وبالتالي تنافسية المؤسسات الجزائرية، حسبما صرح لنا.
ودعا إلى ضرورة استخدام السلطات لأدوات التحليل والمحاكاة من أجل دراسة أثر هذه القرارات على الاقتصاد الوطني والمجتمع عموما، متأسفا للاستمرار في العمل بالأساليب التقليدية في اتخاذ القرارات وهو ما يجعلها في الكثير من الأحيان غير متجانسة في أعين المواطن.
وقال إن «كل التكاليف الاضافية التي نتحمّلها حاليا سنكون مجبرين على عكسها في الأسعار في وقت ما، هناك سعر يمكن للمستهلك قبوله، ولكن إذا لم يكن الأمر كذلك سيكون المتعامل مضطرا للتوقف عن الإنتاج، وهذه العلاقة بين السعر الممكن لدى البيع والسعر المقبول لدى المستهلك لا يبدو أنها تؤخذ بعين الاعتبار».
وفي السياق توقع إفلاس عدد من الشركات وهو ما سيخلق ظاهرة اقتنائها من طرف صناعيي المشروبات للتوسع بما يسمح بازدهار المؤسسات، لذا دعا الحكومة إلى التحلّي باليقظة لكل ما سيحدث في القطاعات التي حققت تشبّعا مثل المشروبات التي ستتعرض لصدمة وبالتالي ستسجل حالات إفلاس وبطالة لا مفر منها.
وفي معرض حديثه عن سوق المشروبات أشار إلى أن عدد المتعاملين في هذا المجال يتجاوز ما تحتاجه السوق ب40 مرة وهو رقم مذهل غير موجود في أي بلد على حد تعبيره . حيث تم إحصاء ما يقارب ألف مؤسسة لإنتاج المشروبات منها 200 مؤسسة تنشط وتنتج فعليا.
وأرجع هذا العدد الكبير إلى التحفيزات التي منحتها الحكومة في وقت سابق للمستثمرين، مثمّنا قرار توقيف هذه الامتيازات التي خلقت فوضى ومنافسة غير شريفة من طرف دخلاء على القطاع همهم الوحيد هو الربح السريع.
تخفيض السكر في المشروبات ايجابي بشرط الالتزام به
وفي السياق تحدث عن ظاهرة تضخيم الفواتير وعدم احترام معايير الجودة ومطابقة المنتوج قائلا «نحن لا نقوم بتضخيم الفواتير لتحويل العملة، ففي هذا القطاع هناك منافسة كبيرة والإنتاج تطور وأصبح يتم بالمعايير الدولية لدرجة أن أي محاولة لتضخيم الفواتير ستؤدي مباشرة إلى خروج المتعامل من السوق لأنه سيصبح غير تنافسي».
وفيما يخص قرار الحكومة الرامي إلى تخفيض نسبة السكر في المشروبات ثمّن محدثنا هذا الإجراء للحفاظ على صحة المستهلك. مشيرا إلى أن مؤسسة «رويبة» كانت سبّاقة للقيام بذلك حيث لا تتجاوز نسبة السكر في اللتر الواحد لمشروباتها 110 غرامات، في حين تصل إلى 160 غراما لدى كل المتعاملين الآخرين. وهو ما دفعه للمطالبة بإلزام كل المتعاملين باحترام القرار حتى لا يتضرر متعامل على حساب آخر.
فبالرغم من الحملات التوعوية للوقاية من مرض السكري الذي يهدد المجتمع فإن العديد من الزبائن الأوفياء لمنتوجات «رويبة» عبّروا عن عدم رضاهم من تخفيض نسبة السكر، غير أنه أكد أن مؤسسته ستواصل تطبيق القرار من خلال التقليص التدريجي للسكر حتى يتعود المستهلك على الذوق الجديد.
لضمان شفافية السوق ومحاربة المنافسة غير الشريفة ... «TAP» و« 104 ETAT»
أكد السيد سليم عثماني أن مستقبل السوق الجزائرية مهدد بالمنافسة غير الشريفة وغياب الفوترة التي تضر بالاقتصاد الوطني، مقترحا اتخاذ إجراءات لضبط هذه السوق وضمان شفافيتها بفتح النقاش حول إلغاء العمل بالضريبة على النشاط المهني ووثيقة «إيتا 104» المتعلقة بطريقة معالجة وضعية الزبون التجاري التي تتضمن كل المعلومات الخاصة به.
وأشار ضيف «المساء» إلى أن كل المتعاملين الاقتصاديين يطالبون السلطات العمومية، بفتح النقاش حول هذا الموضوع لإنقاذ الاقتصاد الوطني ومحاربة المنافسة غير الشريفة وغياب الفوترة، بعدما تأكد أن العديد من المؤسسات وتجار الجملة يتعاملون بدون فواتير.
وأضاف السيد عثماني أن هذا الموضوع يشكل نقطة سوداء في الاقتصاد، ويطرح مشكلة حقيقية لكل المتعاملين لما يخلفه من أثر سلبي على المنافسة والتلاعب بالأسعار وعدم السماح بهيكلة الاقتصاد وتطويره.
ودعا رئيس نادي التفكير حول المؤسسة السلطات، إلى فتح النقاش حول هذا الموضوع لإيجاد صيغة ملائمة تضمن شفافية السوق في توزيع السلع، والتفكير في إمكانية إيجاد حلول ملائمة إذا كانت هذه الضريبة تجلب أموالا بإمكانية تعويضها بالضريبة على القيمة المضافة أو الرسم على العقار مثلا أو أشياء أخرى، تكون أكثر منطقية؛ حفاظا على الاقتصاد الوطني.
ز.ز
نجاحه يتطلب مخططا تقنيا ومرافقة من السلطات ... تشجيع التصدير مرهون بمراجعة النظام المالي
يرى السيد سليم عثماني أن إنجاح عملية التصدير باتجاه الأسواق الإفريقية، يتطلب مخطط عمل تقني وإمكانيات مالية ضخمة، لدراسة هذه الأسواق وتكييف منتوجاتنا مع العادات الاستهلاكية للأسواق الجديدة، ملحّا على ضرورة إعادة النظر في السياسة المصرفية و«تغيير الذهنيات» فيما يخص تحويل الأموال بالنسبة للمصدّرين.
أكد السيد عثماني أن تشجيع الصادرات الجزائرية باتجاه الأسواق الإفريقية التي تبقى سوقا واعدة تضم حوالي مليار مستهلك، يتطلب تسطير استراتيجية واضحة لتمكين المؤسسات الجزائرية من التموقع في هذه الأسواق، التي تعرف منافسة أجنبية واحتكارا من طرف بعض البلدان التي كانت سبّاقة لدخولها. وأضاف ضيف «المساء» أن هذه الاستراتيجية تتطلب عملا تقنيا وترويجيا كبيرا، للتكيف مع العادات الاستهلاكية لهذه الأسواق التي تختلف عن نمط استهلاكنا؛ قصد تمكين المنتوج الجزائري من إيجاد مكانة له بها ومنافسة المنتوجات الأجنبية الأخرى. وذكّر محدثنا بأن التموقع بهذه الأسواق يستدعي مرافقة السلطات العمومية المتعاملين الاقتصاديين عن طريق برامج محددة، مثلما قامت به العديد من الدول، التي تمكنت من السيطرة على حصص لا بأس بها في هذه الأسواق. وأشار السيد عثماني إلى أن التوغل بهذه الأسواق يتطلب إمكانيات مالية ضخمة، لفتح مكاتب ربط وإقامة دراسات عن وضع السوق وحاجياتها لتحديد قائمة السلع، التي يمكن تصديرها تفاديا لتسجيل خسائر، والقيام بحملات إشهارية للترويج للسلع التي يتم تصديرها، وكلها عمليات تستدعي تحويل أموال إلى هذه البلدان، يقول محدثنا، الذي أضاف أن «النظام المصرفي الحالي لايزال معقدا جدا فيما يخص هذه الممارسات ولا يسمح بتحويل الأموال إلى الخارج»، الأمر الذي يستدعي - حسبه - إعادة النظر في هذا النظام، لتسهيل عمليات التصدير بغية تحقيق مداخيل إضافية للاقتصاد الوطني، الذي يعرف تراجعا بسبب الأزمة المالية وتراجع مداخيل البترول الذي يشكل أساس الصادرات.
وقال السيد عثماني بأن بعض المنتوجات الجزائرية خاصة ما تعلق بالتجهيزات الكهرومنزلية والإلكترونية يمكن أن تلقى رواجا ونجاحا كبيرا بالأسواق الإفريقية في حال تسطير مخطط لإنجاح هذه العملية ومحاربة العراقيل الإدارية التي تعيق المصدّرين، مشيرا إلى أن هذه المنتوجات يمكن الاعتماد عليها في التوجه إلى هذه الأسواق على عكس المواد الغذائية سريعة التلف، التي تستدعي إمكانيات ضخمة من ناحية الحفظ واللوجيستيك لنقلها، وهو ما قد يقلل من عزيمة الكثير من المؤسسات الجزائرية؛ بسبب غياب واجهة بحرية تربط الجزائر بإفريقيا؛ حيث تبقى الوسائل اللوجيستكية مكلفة جدا؛ كون النقل البري يستغرق وقتا طويلا، وهو ما يجعل العديد من المتعاملين يتخوفون من تلف منتوجاتهم الغذائية، خاصة مع الظروف المناخية وارتفاع درجة الحرارة بالمنطقة.
زولا سومر
رغم تأسفه لاختلالات عرفتها تجربته ... الإدراج في البورصة حوَّل المؤسسة إلى مرجع في الخارج
عبّر السيد عثماني عن اقتناعه بغياب إرادة حقيقية لتنشيط بورصة الجزائر وتفعيل عملها، موضحا أن مؤسسته التي أدرجت في البورصة منذ عدة سنوات، سجلت عددا من الاختلالات في عملها بسبب ما وصفه ب «تدخلات خارجية في معاملات داخل البورصة»، معتبرا أن مثل هذه الممارسات تضر بهذه المؤسسة ولا تسمح بتطويرها. بالمقابل، اعترف بأن قرار إدراج مؤسسة «رويبة» في البورصة كان إيجابيا من عدة جوانب، أولها أنه مكّن الشركة من التحول من طابعها العائلي بامتياز إلى «طابع مؤسساتي»، بفضل تطبيق مبادئ الشفافية والحوكمة الواضحة. كما سمح هذا الإدراج بمنح الشركة «سمعة عالمية»، إلى درجة أنها أصبحت كما أضاف مرجعا للمستثمرين الأجانب المهتمين بقطاع الصناعات الغذائية عموما والمشروبات خاصة. وأكد أن هؤلاء في دراستهم للسوق الجزائرية يلجأون إلى الاستعانة بالأرقام التي تنشرها الشركة باستمرار في إطار سياسة الشفافية، لمعرفة مؤشرات هذا القطاع. وقال: «لقد عبّر مستثمرون أجانب عن رغبتهم في الاستثمار معنا، ولكن بالنظر إلى الوضع الاقتصادي الراهن والقرارات المتعددة والتغييرات في القوانين التي تمس المؤسسة، فإن الأمر ولّد تخوفا لديهم». وردّا على سؤالنا حول تجنب المؤسسات الوطنية الخاصة وأغلبها عائلية الإدراج في البورصة بسبب التخوف من الشفافية، اعتبر السيد عثماني أن الأمر لا يتعلق بالشفافية بقدر ما يرجع إلى التضارب بين مصالح المؤسسة ومصالح العائلة المالكة لها، حيث تطغى المصلحة العائلية عندما تعمل المؤسسة في محيط غير ملائم. ودليله أن شركة رويبة التي اختارت طريق الشفافية، تعيش معاناة وصعوبات كثيرة.
وأكد أن الشركات التي يمكنها الصمود حاليا هي التي «تستفيد من المزايا الضريبية التي تمنحها الدولة، وبالتالي تكون في حالة إعادة استثمار دائم.. ما يعني أن الدولة تدعم الشركات لتعيش، بينما أطالب به هو نظام ضريبي يمكن مؤسستي من العيش».
ح.ح
الإقلاع الاقتصادي لن يكون بدون المؤسسات الصغيرة
أكد السيد سليم عثماني أن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تبقى أساس بناء أي اقتصاد قوي، وهو ما يستدعي التفكير في ترقية هذه المؤسسات وتشجيع المقاولاتية في بعض المهن الصغرى التي تشكو نقص اليد العاملة. مذكرا بأن عدد هذه المؤسسات ببلادنا لا يزال ضعيفا ويقل بثماني مرات عن المعدل العالمي المطلوب.
صرح السيد عثماني بأنه بالرغم من الدور الكبير الذي تلعبه المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في التنمية بكل الدول الصناعية والمتقدمة التي تعتمد عليها لخلق مؤسسات كبرى، فإن عددها بالجزائر لا يزال ضعيفا، باعتبار أن معظم هذه المؤسسات عائلية وأن نشاطها عادة ما يكون محصورا في نفس الميادين.ويرى رئيس منتدى التفكير حول المؤسسات أن ترقية دور هذه المؤسسات يستدعي التفكير في تشجيع روح المقاولاتية في بعض المهن التي تحتاجها السوق والتي تشكو من غياب اليد العاملة خاصة في مجال مهن البناء والمهن الصغرى التي ينفر منها الشباب عادة بالرغم من أنها قادرة على تحقيق عائدات كبرى.
وأرجع محدثنا ضعف المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وعدم قدرتها على التأسيس لنشاط اقتصادي يعول عليه لإقامة مؤسسات كبرى إلى عدم وجود الإمكانيات المالية لدى الشباب حاملي الشهادات للاستثمار، غياب روح المقاولاتية، وكذا عدم وجود مرافقة لهذه المؤسسات وعدم القيام بدراسات تسمح بتوجيه أصحاب المشاريع إلى القطاعات المربحة الأمر الذي يجعل العديد منهم يتخوف من الاصطدام بنشاط غير مربح وبالتالي الإفلاس كما حدث مع العديد من المؤسسات.
وذكر محدثنا بأن نادي التفكير حول المؤسسات الذي يرأسه درس هذه الوضعية بالوقوف عن حقيقة هذه المشاكل، حيث وضع برنامجا يتضمن الإصلاحات الاقتصادية التي يجب أن تقوم بها المؤسسات للنهوض بالاقتصاد الوطني وتشجيع الإنتاج المحلي وتنويعه، باعتبار أن هذه المؤسسات تبقى أساس الاقتصاد وحيويته ولا يمكن لأي بلد أن يحقق إقلاعا اقتصاديا وصناعيا بدون هذه المؤسسات.
زولا.س
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 27/12/2017
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : حنان ح زولا س ت ياسين أ
المصدر : www.el-massa.com