يرى الكاتب الإعلامي محمد بغداد أن الحل السياسي للأزمة التي تعيشها اليوم عين صالح، يكمن في وضع رؤية إستراتيجية شاملة، في التعامل مع المجتمع، تكون مبنية وفق خطة واضحة المعالم و محددة الأهداف، يدرك الجميع تفاصيلها النهائية ومراحلها وتكاليفها الجزئية، وأضاف المتحدث في هذا الحوار المقتضب الذي جمعه بالحياة العربية ان الوضع أضحى يستدعي حلولا استعجالية.ما هي قراءتك كمثقف للوضع السياسي في الصحراء؟من الضروري التفكير بطريقة كلية وشاملة، والابتعاد عن الجزئية والشيئية والتشضي، في المواضيع المهمة، وبالضبط في الظروف الحرجة، التي يكون من المفيد صناعة صورة جيدة، عن حقيقة الأوضاع القائمة، وإبعادها عن التأويلات السريعة، وجعل تفاصيل الموضوعات في متناول الجميع، في زمن التعاطي السريع والسهل للمعلومة، لأنه من بين أبسط وأهم قواعد إدارة الرأي العام اليوم، هي القرب والوضوح من المستهلك للمعلومات، و إبعادها عن مصادر الاستغلال، كما أن الظروف الحالية التي يمر بها المجتمع والعالم، تتميز بارتفاع شديد لمستويات المخاطر والقلق العام، نتيجة التحولات الخطيرة الحالية، مما يفرض في مسؤولية إدارة الشأن العام، فتح أبواب الأمل في المستقبل، والتقليل من مخاطر الحاضر، لأن الأمر لا يتعلق بملف واحد ولا منطقة من المناطق، خاصة ونحن نعيش زمن التشابك والتعقيد... لمن تعود مسؤولية ما يحصل؟إن التعامل مع الملفات الاجتماعية، التي تأخذ أبعاد احتجاجية تدفع إلى قراءة السلوكات التي تظهر صورة هذه الملفات في ذهنية صانع القرار، وأول تلك المؤشرات مفهوم الخطر، الذي تم تسويقه في المناخ الاجتماعي وساهم في رفع مستويات الاحتجاج الذي يظهر أصحابه أن الأمر مرتبط بمجموعة أخرى من المخاوف المتزامنة معه، والذي تكون هذه المخاوف مجرد الحامل الرئيسي لها، والأمر لا يتعلق فقط بإلغاء قرار من القرارات الاقتصادية أو الاجتماعية، أو التراجع عن مشروع معين، ولكن الأمر يتعلق في وجود رؤية إستراتيجية شاملة، في التعامل مع المجتمع، مما يجعل إدارة المجتمع مسؤولية مشتركة بين الجميع، وفق خطة واضحة المعالم ومبينة الأهداف، يدرك الجميع حدودها النهائية ومراحلها الجزئية وتكاليفها الجزئية.كثير من المحللين أرجع تلك الاحتجاجات إلى جانب مخاطر الغاز الصخري، إلى غياب التنمية المحلية، إلى أي مدى تكمن صحة هذا التحليل؟تخصيص أغلفة مالية، وتسطير برامج تنموية، وإعلان عن مشاريع استثمارية في الجنوب، بالضرورة سيؤتي ثماره، بما أن المشاريع السابقة لم تظهر، ولم تتمكن من تنمية هذه المناطق، لأن المشكلة بقية محصورة في البيروقراطية العتيقة، والذهنية المتخلفة، و السلوكات العبثية، وما لم يأتي اليوم، الذي تراجع فيه آليات تفكير النخب، وكيفية رؤيتها للتاريخ، وامتلاكها القدرة على استيعاب دلالات الجغرافيا، فإن نجاح الناس في عالم اليوم، لا يتم بما عندهم من أموال، ولا بما يبذلونه من جهود، ولا بما يعلنون عنه من أرقام، ولكن النجاح، مرهون بطريقة التفكير العلمية، وأساليب العمل الذكية، وببراعة الانجاز، ومستوى إدراك الزمان والمكان الذي يعيشون فيه، وبموقع الإنسان في ذهنية النخب وكيفية الاستفادة من حريته.ألا ترى أن الإعلام يتحمل هو الأخر جزء من مسؤولية؟إن القوة الكبيرة، التي تدار بها الشعوب والدول اليوم، تتمثل في مجموعة من القوى، التي يشكل الإعلام جزء منها، والمراد اليوم ليس العملية التقليدية، بل تلك الجهود الذكية، بداية من صناعة الخبر، وصولا إلى الإبداع في تشكيل الرسالة الإعلامية، التي تتأسس على مخزون المخيال الاجتماعي، وتتجاوز الحكومات والأشخاص، وتتألق في سماء التاريخ، ولكن عندما يغرق الإعلام في خطوط الجغرافيا، ويعجز عن صناعة صورة لتك الجغرافيا، ويتيه في أزمنة الترجيح، يتحول إلى محامي فاشل، يرافع في قضية عادلة.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 09/03/2015
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : نسرين أحمد زواوي
المصدر : www.elhayatalarabiya.com