الجزائر

الإصلاح بدل ''التغيير الجذري''



الإصلاح بدل ''التغيير الجذري''
حملت تشريعيات ال10 ماي الجاري مضمون رسالة وجهها ما يقارب 10 ملايين ناخب للمتتبعين للشأن الجزائري المراهنين عن أشياء ما أنزل اللّه بها من سلطان.
وأظهرت حقيقة الأشياء، وجوهرها معيدة للأذهان ما ظل يتمسك به الجزائريون في الظروف الحالكات.. وما يشكل لهم ورقة خيار غير قابلة للمساومة والتنازل.
وتتمثل في البقاء أوفياء للنهج السياسي المرتسم المعالم، المتطور المتجدد دوما في إطار جزائري محض دون إتكالية على الآخر، وانتظار وصفاته.
يتمثل في مبدأ مقدس لا يحول ولا يزول، المدرج في إطار «الاستمرارية ضمن الثوابت، والمرجعية دون القبول بالسقوط في أية مغامرة، واهتزاز ارتدادي له تداعيات خطيرة على الاستقرار السياسي، وما تحقق من مكاسب وانجازات، وإن ظهرت نقائص تعالج في إطارها دون إحداث القطيعة.
وعلى هذا الأساس وقع الاختيار على الأحزاب التقليدية ذات التوجه الوطني، ممثلة في «الأفالان»، «الأرندي»، التكتل الإسلامي، و«الأفافاس» و«العمال»..
ورد الجزائريون بذلك على دعاة التغيير الجذري المنطلق من الأسس، من الأرضية الأولى وكأن الجزائر لم تعرف مسيرة بناء وإنماء. كأن مؤسساتها مشلولة عن آخرها لا تصلح لمواجهة تحديات الظرف، وتطورات المرحلة، ولا تستجيب لتداعيات الآتي.
رد الجزائريون على من يروجون للتغيير الجذري، بأن هناك أبجديات في السياسة، لابد أن تؤخذ في الحسبان والاعتبار، وتعطى لها حق قدرها من العناية والرعاية.
وكشف الجزائريون هذه الأمور لمن ظلوا يضربون على وتر التغيير الجذري، بدل مواصلة معركة التقويم والتجدد، وجعل من موطن الخلل، نقطة إنطلاق نحو إصلاحات أكثر شمولية.
واكتملت الصورة بعد الاقتراع، وعادت فيه التزكية لتشكيلات سياسية معروفة بخطها السياسي الوطني، ونهجها الأصيل دون القفز على الواقع الجزائري المتحول بهدوء.
لقد كان الجزائريون لمدة طويلة عرضة لوابل من الحملات الهيستيرية الساعية عبر فضائيات الآخر، إدراجهم ضمن حراك سياسي تعيشه دول الجوار أعطيت له تسميات عدة، تتناقض في الجوهر والهدف والغايات، ممثلة فيما يعرف ب«الربيع العربي». ولم يتجاوب الجزائريون مع هذه الموجة التي انقلبت فيها المفاهيم، وتداخلت وتصادمت، وتناقضت مع الاتجاه السياسي الذي تغذوا منه منذ بداية البدايات. ولم يعد يقبلون الانحياز عنه، والانحناء قيد أنملة.
وزادت أمامهم التناقضات التي تروج للحراك العربي، بدخول الموجة ضد التحرير ومقاومة الأجنبي. وزادت لهم الموجهة قوّة مناوئة مضادة، تجعل منهم أكثر تماسكا، وانتسابا وولاء لوطنهم.
وأكدوا لغيرهم أن هناك خصوصية تحملها الجزائر.. وأن هناك تجربة تبنيها بتمايز، واستقلالية قرار.. وأن الجزائر عاشت ربيعها من زمان. قررت الإبقاء وفيّة لمبدأ الاستقلالية والخيار الوطني.
ورد الجزائريون من خلال الصندوق، على الخطاب الحزبي المروج في حملة انتخابية عرفت منافسة محمومة، المؤكدة أن «الربيع الجزائري» قد حان.. وأن البلاد لا يمكن أن تبقى خارج السرب.. ردوا على هذا، باختيار التشكيلات التي ترفض التخلي في يوم وليلة على كل ما كسب، وما اكتسب. والتمسك بالخيار الآخر بناء ما هو غير سليم في نظام سياسي وآليات مؤسسات لمواجهة الدرب اعتمادا على الذات أولا.. ووضع الجزائر فوق كل الحسابات السياسية.




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)