الجزائر

الإسلاميون لا يحكمون



  إن التاريخ يحفل بالقدوة السيئة لحكام حكموا بالحديد والنار خدمة للغير، وبعدما رحلوا عن الدنيا وعن كراسيهم لعنتهم شعوبهم. والسبب، حسب ما تذكره كتب التاريخ، يكمن في الجور و''الحفرة'' واختزال الناس في قطعان ماشية تذبح في أعياد النصر المزعوم.
لقد تفنن إسلاميو وطننا العربي الجريح في ركوب الأمواج، والتصفيق لكل حاكم جديد تحت الطاولة. واعتادوا على التحالف مع قوى خارجية لتنفيذ أجندتهم الغامضة، تارة بداعي إقامة الدولة الإسلامية الراشدة، وتارة لرفع الغبن عن المواطنين. غير أن الواقع سرعان ما يكذب شعاراتهم ويسقطها أرضا، لأنها تستغل عاطفة الشعوب ''المغبونة''. والدليل على صدق هذا الرأي هو ما عاشته الجزائر.
لقد أثبت الميدان بأنهم مجرد ظاهرة صوتية تستعمل لتنفيذ التحولات الخطيرة، ثم يأخذ نجمها في الأفول شيئا فشيئا بمرور الوقت لسهولة غزو اليأس لنفوس أتباعها.
والأحداث المأساوية التي عرفتها الجزائر خلال سنين الجمر والدم (لا أعادها الله)، وما يحدث عند جيراننا في تونس، وما سيحدث في مصر، تأكيد واضح للحكم الذي أصدرته القوى الدولية بضرورة تغيير ملامح منطقتنا العربية، وإعادة بنائها عبر مزيد من التقسيم، على طريقة ما حصل ليوغسلافيا، وقبلها للاتحاد السوفياتي، وحديثا للسودان.
إن الوقت حان لمزيد من التفتيت، ثلاث دول في ليبيا بإمارة إسلامية في طرابلس، وأخرى في بنغازي وثالثة في فزان، تماما مثلما كان الوضع قبل العشرينات. ولن يكون حال مصر بالأفضل، فكافة العوامل موجودة لإقامة دولة للأقباط، وأخرى للنوبيين في الجنوب وإسلامية في صحراء سيناء.
ولما كان المطلوب منفذين لهذه التقسيمات الجديدة، فقد تم إيكال المهمة لـ''إسلاميين'' لتجنيد الشارع المتعطش للحرية والعدالة الاجتماعية من أجل الغاية التي تبرر الوسيلة. ولأنهم يقيمون على أراضيها، فقد كان من السهل انتقاء ''العناصر الجيدة'' لتنفيذ الأجندة التي، الله وحده، يعرف منتهاها. إنهم يخططون، والمنفذون لا يحكمون.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)