الجزائر

الإسلاميون الجزائريون بين الأساسيات والرئاسيات



الإسلاميون الجزائريون بين الأساسيات والرئاسيات
الرّئاسيات القادمة، في نظر كثيرين، مغايرة لسابقاتها، ولها أهمية خاصة، وستمثل منعرجا حاسما في تاريخ الجزائر. ومع التسليم بأهميتها، فإنّي لا أرى أنها ستكون ذلك المنعرج الحاسم، ولن تغاير ما سبق بشكل كبير. ومهما يكن، فما يهمني هو ما يثار حول مشاركة الإسلاميين فيها، بين أيقونة اللائكين الذين يكفرون بالديمقراطية كلّما كبرت حظوظ الإسلاميين، ولو توهّمًا، وأيقونة الإسلاميين الذين يؤمنون بحقهم في الفوز، ولو حلمًا، وأيقونة المتابعين من إعلاميين ومحللين الذين يرشحون الإسلاميين للانتصار فيها، ولو زعمًا.إنّ ممّا لا شك فيه أنّ النّظام مازال الرقم الأقوى في الساحة السياسية الجزائرية، وهذا ما يعطيه أريحية في ترتيب الأمور وبيته الداخلي بالخصوص، وحال الإسلاميين لا يدعوه للقلق أبدا؛ لأنّ التقارير التي ترشّحه وتتحدث عن حظوظه أعطت لفوز الإسلاميين في بعض الدول تأثيرًا أكبر من حجمه، في حين أغفلت أهم معطى وأقوى العوامل تأثيرا، ألا وهو وضع الإسلاميين الداخلي (وضع تنظيماتهم) والمحلي (وضعهم السياسي والشعبي)، وأقلّ ما يوصف به هو الضعف والترهل، وهنا يظهر سعيهم إلى تقديم مرشح مفارقة عجيبة، أو سياسة عبثية تقفز على الواقع وتهمل المعطيات الحقيقية، أو قل “دوغمائية” مسرفة! والحق أنّه طموح شخصي وأحلام وردية لبعض مسؤوليهم الجدد، يدفعون لجعله أولوية، نفخا لأنفسهم وصنعا لزعامتهم على حساب إصلاح أحزابهم ومنظماتهم وتحقيق أهدافهم!
والسؤال: هل من المصلحة أن يشارك الإسلاميون في هذه الرئاسيات؟ وهل من المصلحة مشاركتهم الشكلية الأرنبية؟ وهل هي مصلحة المشروع أم مصلحة بعض القائمين عليه؟ وسلسلة الأسئلة لا تنقطع ولكن ما الجدوى منها؟! وهي أسئلة بعيدة عن الموضوع المهم! ذلك أنّ الوصول للتفكير بالرئاسيات، دون تحقيق المتطلبات الأساسية، هو تهور ومغامرة أكثر منه سياسة! والذي لا نختلف فيه أن إسلاميي الجزائر قد ضيّعوا أساسيات جعلتهم يفشلون في المحليات والتشريعيات! وجعلتهم ينشطرون انشطارًا ذريًّا، والأولى بهم أن يعملوا على إعادة تشييد هذه الأساسيات المفقودة، بدل عبثهم في طلب هذه الرئاسيات! إنه لا فائدة من نجاح في الرئاسيات في وقت توارت فيه الفكرة وضعفت، وغاب فيه المشروع وغمض، وفقدت فيه البرامج وانعدمت، وضعفت فيه التنظيمات وترهلت، وقلّ فيه المناضلون وتسرّبوا، وصغرت فيه القيادات وهزلت، ونقصت فيه الشعبية وتراجعت، وسقطت فيه السمعة وتشوهت، وافتقدت فيه المؤسسات القوية– الإعلامية بالخصوص- وانعدمت فيه الكفاءات الفكرية، والطاقات الإبداعية..
هذه رؤوس أقلام للأساسيات التي يفتقر، أو قل ضيّعها الإسلاميون الجزائريون، فهل يعقل بعد هذا أن يقامروا ويغامروا بطلب الرئاسة، اتّباعًا للطموحات الشخصية أو أوهام بعض المحللين والإعلاميين؟! وتجربة مصر قائمة أمامهم، وما يعانيه الإخوان لتسرعهم بالانتصار في الرئاسيات قبل تحقيق الأساسيات، مع أنّ وضعهم التنظيمي والشعبي خير من وضع إسلاميي الجزائر، الذين إن تهوّروا وقدّموا بعض قياداتهم “المتواضعة” لسباق الرئاسيات فسيمنون بفشل ذريع، ستكون له آثار وخيمة على مشروعهم لفترة غير قصيرة.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)