الجزائر

الإرهاب واحد والإدانة "إثنان"!



الإرهاب واحد والإدانة
لا يزال الغرب يتعامل بازواجية في المواقف مع قضايا الإرهاب والأمن والسلم في دول العالم، ذلك أن هجمات باريس وبروكسل اللتان هزتا أروبا، أعادتا صياغة المفهوم الغربي لمكافحة الإرهاب عند التعاطي مع مسألة الحريات الفردية والجماعية.في 20 ماي 2015 تمكنت قوات الجيش الجزائري من القضاء على 22 إرهابيا في عملية كبرى بالشرق الجزائري استهدفت معاقل القاعدة، لكن الصحافة الفرنسية وفي مقدمتها جريدة "لوفيغارو" الفرنسية كتبت تقول: "إن الجيش الجزائري قضى على 22 مناضلا!! وقد سكت العالم الحر عندما فجر الإرهاب هدوء مطار هواري بومدين وأوقفت الدول الغربية معظم رحلاتها نحو الجزائر.وقبل هذا التوصيف الفرنسي البذيء، ظل الإعلام الفرنسي يروم من وراء ادعاءاته إلى التشكيك في مصداقية محاربة الإرهاب، ليس في الجزائر وحسب بل في عدة بلدان عربية، حتى سقوط نظام القذافي لم تدرس المعاهد العسكرية والسياسية في الغرب انعكاساته على الحالة الأمنية في شمال إفريقيا، لكن القذافي كان قد حذر من ذلك في أكثر من خطاب، وقبل هذه التداعيات كانت الجزائر قد عاشت وضعا خطيرا طيلة عشر سنوات من عمر التسعينيات، حيث ظلت الدوائر الغربية تشكك في هوية من يقتل من؟ وطرحت لجنة البرتغالي سواريس السؤل نفسه، وترجم رئيس الوزراء الأردني الأسبق عبد الكريم الكابيراتي حقيقة الوضع لمرافقيه من الأمم المتحدة عندما زار مواقع المجازر البشعة التي تم ارتكابها من طرف الإرهابيين في ربيع 1998، ولم يكن هناك الكثير من المنابر لتصدق أن جماعات مسلحة تسعى لتحقيق أهدافها بالدماء والدموع، إلا بعد مرور سنوات طويلة من تلك الحقبة التي اتسمت ببشاعة وضاعة الجرائم، وقد يكون من حسن حظ العالم برمته أن المرحلة الدموية التي مرت بها الجزائر لم تكن تتوفر على تكنولوجيا الاتصالات مثلما هو الحال الآن، فقد كانت الرؤوس تقطع وتعلق والأجساد تصلب والأعين تفقأ، والجثامين تحرق، تماما مثلما تفعل داعش وغيرها من التنظيمات المتطرفة بخصومها أمام العالم.وإذا كانت تفجيرات بروكسل قد هزت قلب وعواطف أروبا وأمريكا وكل المتعاطفين معهما، مثلما هزت تفجيرات باريس العالم برمته، فإن تفجيرات الموصل والفلوجة وأبو غريب والرمادي وبغداد في العراق وإدلب وحلب وحمص والرقة في سوريا، لم تحرك أي من المشاعر الجياشة التي تلف قلب العالم من الشرق إلى الغرب.. العالم يتحرك بسرعتين عندما تنفجر عجلة سيارة وسط عاصمة غربية، بينما ينقلب على يمينه إن تعلق بدماء العرب والمسلمين، ليكن واضحا نقول: ازدواجية الإدانة والخطاب والتعاريف المسيسة للمفاهيم والظواهر الواضحة، كلها تجعل من تعريف الإرهاب وإدانته أمرا غاية في التعقيد بالنسبة للغرب، هذا الأخير الذي يريد أن تبقى الأوضاع محل غموض، وهو اليوم يدفع ثمن عبثه بأمن الشعوب في الشرق الأوسط والخليج العربي وشمال إفريقيا. وعليه قد نسمع عن المزيد من الهزات في عوالم أمنية غربية لن توقفها ترسانة الجيوش التي يسيرها حلف الناتو للدول العربية تحت غطاء مكافحة الإرهاب، مثلما لن توقفها الأجهزة المدربة والنشط واستراق السمع للناس، بل إن المعالجة تتطلب فكرا واضحا وتعاملا أوضح مع هذه الظاهرة التي لا دين لها.




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)