الجزائر

الإدارة بين شفافية الزجاج.. وضبابية المرايا ؟!!..



الإدارة بين شفافية الزجاج.. وضبابية المرايا ؟!!..
صورة لمديرية التربية بالجلفةكثير من يخلط بين الزجاج والمرايا، ويعتبرهما الشيء نفسه، وهما في وظيفتيهما الشيء وضده؛ فبينما يكشف الزجاج عن ما يدور بداخله، تغطي المرايا ما خلفها وتعكس الصورة التي تقف قبالها، وهو ما يفسّر لجوء من يغطي واجهته الزجاجية بواجهة عاكسة (الزجاج المدخن verre fumé) كالمرآة تضلل الناظر إلى الداخل ؟!..
فقد أثار نشر مقال "الجلفة إنفو" المتضمن قراءة لحيثيات منشور مسابقة التوظيف على أساس الشهادة في نفسي كمواطن شعوراً جديداً تجاه تصرفات الإدارة؛ فبالرغم من التوجس والتشكك العام في نزاهة مثل تلك المسابقات – في قطاع التربية وفي غيره – نتيجة ممارسات سابقة، جعلت من المواطن – مترشحاً كان أم ملاحظاً – ييأس من استيفاء حقوقه واستفادته من فرص التوظيف أو الترقية أو السكن مثلاً على قدم المساواة مع من يشاركونه نفس الحظوظ؛ فإنّ ما أبدته مديرية التربية في مسابقة الإلتحاق بأهم قطاع يوفر مناصب شغل في الولاية، من تعاون وترحيب بنشر مواصفات التوظيف وكيفيات حساب نقاط المترشحين، هو نقلة نوعية في زمن الكواليس والإشاعات التي تعتمدها أغلب إداراتنا، ويستفيد منها أفراد معروفين في كل إدارة، تمكّنوا في ظل تغوّل آلة الفساد الإداري من نسج شبكات منظمة لابتزاز المواطنين وهضم حقوقهم ؟!..
فالشفافية في أبسط صورها هي علانية القرار، وكشف دوافع واهتمامات وأهداف وموارد الإدارة، وتمكين أبسط المواطنين وإطلاق حريته في الوصول إلى المعلومات والاطلاع على تصرفات الإدارة..
إنّ احتكار فئة – هي ليست بالضرورة في مناصب عليا – للمعلومات والإجراءات التي تمكّن المواطن من الاستفادة من أبسط حقوقه، أو ما يُعرف بنموذج "حارس البوابة"، لا يساهم إلاّ في زيادة احتقان المجتمع، وتعميق الهوة بين مقدم الخدمة ومتلقيها، ويهدّد السلم المجتمعي ويعزّز الشعور "بالحقرة" والاستخفاف، ويُطيل من قائمة المظلومين والمواطنين "من الدرجة الثانية" ؟!!..
والغريب في الأمر؛ أنّ ذات الأسلوب تستخدمه الإدارات داخل أروقتها ومع موظفيها الذين يخدمونها، فتجد شلة المسؤول (المْعلَّم) فقط هي من تعرف عدد المناصب الجديدة وفرص الترقية المتاحة وحصة السكنات الوظيفية.. ممّا يكرّس الشعور بالكراهية ودوافع الانتقام من طرف المتضررين، ويُفقدهم الشعور بالإنتماء إلى تلك الإدارات، فتخسر بذلك تفانيهم وإخلاصهم ؟!!..
إنّ عقلية "ممنوع الاقتراب والتصوير" التي اعتمدتها أغلب بلداننا المتخلفة ولا زالت تعتمدها في عصر Google Earth واحتكار المعلومات بحجة حساسية الموقف أو توقيت النشر أو تعلّق تلك المعلومات بالسر المهني والاستقرار العام؛ هي من يشكّل تهديداً حقيقياً لذلك الاستقرار الموهوم، في الوقت الذي تجاوزت فيه الشعوب المتحضرة مرحلة تلقي المعلومات وحقّها في الاطّلاع ونزاهة إعلامها، إلى مرحلة العطاء والتبادل والمشاركة الفعالة في صنع واتخاذ القرارات، حيث يحرص كل من الموظف والمسؤول وممثل الشعب والمواطن نفسه، على "خُلق الشفافية والوضوح"، لتستفيد أكبر شريحة ممكنة من المواطنين من خدمات المرافق العامة!!..
إنّ الاتجاه نحو الشفافية هو أولى الخطوات الجادة لمساءلة الإدارة، ومحاربة الفساد الإداري، ومؤشر هام على إرادة إحداث التغيير الإيجابي، وأسلوب مناسب لإدارة ذلك التغيير..


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)