الجزائر

الإحسان إلى الغير



الإحسان إلى الغير
إن الإحسان لاينقطع بين الناس بعضهم مع بعض والله في عون العبد ماكان العبد في عون أخيه، وما من مضطر أو صاحب حاجة ألمّت به إلا وتُقضى غالبا من أحد إخوانه المسلمين عرفه أو لم يعرفه، وهذا ماتميّز به المجتمع المسلم، ولاشك أن الإنسان في الغالب يبذل مايبذله من وجوه الإحسان إلى الآخرين لوجه الله تعالى، لكن قد يفسد إخلاصه ويعكّر صفوه ما يلحظ عليه أحيانا من كثرة ورود هذا المعروف، وهذا الإحسان على لسانه في المجالس! فيقول مثلا: نعم أنا وقفت مع فلان وقفة جبّارة في محنته المالية، أو وجدت متعطلا في الطريق ثم قمت بإسعافه حيث عملت كذا وكذا،
أو ساهمت مع من ساهم في دعم مشروع كذا وكذا، أو أنا لم أقصّر إطلاقا في مساعدة قريبي فلان أو تبرعت لكفالة أيتام بلد كذا.
يسوق ذلك كله من أفعال الخير التي ينبغي أن يتكتّم عليها، رجاء موعود الله أمام الملأ، ويتزيّن به في المجالس وهو أصلا لم يُسأل عن ذلك ولم يكن مضطرا لذكره، وليست هناك مصلحة ظاهرة في الاستشهاد به!
إنه والله الدّاء الذي استشرى أن يتحدّث المرء بما عمل من بذل المعروف والإحسان إلى الآخرين رجاء ثناء الناس والإطراء وكسب محبتهم وحتى تُقضى حوائجه وأموره! وهل هناك مصيبة أعظم من أن تأتي يوم القيامة مُفلسا من ذلك كله، ويقال لك:اذهب فخذ أجرك من الذين عملت لهم رياءً وسمعة ولتتذكّر قوله تعالى: {من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نُوَفِّ إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يُبخسون، أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون}.
أخي .. صبّر نفسك على الإخلاص وعلى كتمان العمل الصالح أيّا كان مالم تكن تقصد الإقتداء وحث الناس على فعل الخير .. فلايزال أناس يعملون أعمالا كأنهم يمنّون بها على الله ويكررون ذكرها حتى تفسد بذلك نواياهم، وقد يكون الباعث على ذلك التسلية ومسامرة الآخرين، فيبطل بذلك عمله الصالح الذي ورد ذكره على لسانه وهو لايشعر ..
روي أنه إذا كان يوم القيامة يُجاء بالأعمال في صحف محكمة فيقول الله عز وجل: اقبلوا هذا ... ورُدُّوا هذا !! فتقول الملائكة: وعزتك ما كتبنا إلا ماعمل .. فيقول: إنّ عمله كان لغير وجهي، وإني لا أقبل اليوم إلا ما كان لوجهي ..
عن عبد الله بن المبارك قال: قيل لحمدون بن أحمد: ما بال كلام السلف أنفع من كلامنا ؟!! قال: لأنهم تكلموا لعز الإسلام ، ونجاة النفوس، ورضا الرحمن ونحن نتكلم لعز النفوس، وطلب الدنيا، ورضا الخلق...
وعن عبد الرحمن بن مهدى عن طالوت: سمعت إبراهيم بن أدهم يقول: “ما صَدَقَ الله عبد أحَبَّ الشهرة” قال صلى الله عليه وسلم: “أتخوّف على أمتي الشرك، قالوا: يا رسول الله أتشرك أمتك من بعدك !!؟ قال نعم، أما إنهم لايعبدون صنما ولا حجرا ولا وثنا ولكن يُراءون بأعمالهم” رواه احمد وابن ماجه.
فعلينا أن نحاسب أنفسنا وأن ننتبه لهذا الأمر الخطير، ولنعلم أن الله تعالى إذا أحب عبدا من عبيده فإن ذلك يكون في قلوب الخلق من حيث لا يشعرون، ولا يكن هَمُّ الانسان هذا الشيء ولكن هذا مما يُعزِّي العبد المؤمن ..
أختم حديثي بحديث رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “إذا جمع الله الأولين والآخرين ليوم لا ريب فيه ناد مناد: من كان أشرك في عمل عمله لله فليطلب ثوابه من عند غير الله فإن الله أغنى الشركاء عن الشرك”.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)