بدأت إرهاصات أزمة الاقتصاد الاستعماري في الجزائر نهاية العشرينيات من القرن الماضي؛ لتحتدم بشكل خطير سنوات الثلاثينيات في سياق الأزمة الإقتصادية العالمية، وتم حينها الإعتقاد بأن هذه الأزمة نتيجة حتمية للأزمة الاقتصادية العالمية، وأنها ما تلبث أن تزول بزوال أسبابها على الساحة الدولية؛ ولكنها بمظاهرها الداخلية فاقت كل التوقعات وأفشلت كل الحلول، وأكدت خطأ التحاليل الأولى التي قدرت لها أن تزول بزوال الأزمة العالمية. وما فتئت أن تفاقمت بعدما ثم كشف النقاب عنها في ظل الظرفية العالمية، وظهرت جليا البنية الهشة والضعيفة للاقتصاد الاستعماري، التي كانت نتيجة حتمية لسلسلة من اختلال التوازنات الداخلية1.
وإن كان بعض الباحثين2 يربط الأزمة الداخلية للاقتصاد الإستعماري بالجزائر بأزمة ركود الرأسمال الفرنسي؛ التي مرت بثلاث مراحل: الأولى من سنة 1932 إلى 1939 نتيجة الأزمة العالمية؛ والمرحلة الثانية من 1940 إلى 1949؛ فترة الحرب العالمية الثانية وأثارها الكارثية على المستعمرة والمركز، والمرحلة الثالثة من 1950 إلى 1962 3، نتيجة عوامل عدة أبرزها الزلزال السياسي والأمني الذي أحدثته ثورة أول نوفمبر المجيدة، وما تسببت فيه من آثار مباشرة وغير مباشرة؛ زادت من حدة أزمة الإقتصاد الإستعماري الهش. وقد تدخلت الدولة المركزية في الفترة الأخيرة بشكل كبير؛ لتدارك الأمور عبر سياسة الاقتصاديات الموجهة، وسلسلة المشاريع والمخططات؛ التي حاولت من خلالها فرنسا إستنفار كل قدراتها لإحتواء الأزمة، التي كادت أن تعصف بمؤسسات الدولة كما سنبينه لاحقا.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 12/09/2021
مضاف من طرف : einstein
صاحب المقال : - هواري قبايلي
المصدر : مجلة المواقف Volume 1, Numéro 1, Pages 153-162