الجزائر - 01- Généralités

الأمير خالد وتيار المساواة



مقدمة
عرفت الجزائر تحولا جذريا في مقاومتها ضد الاحتلال الفرنسي مع مطلع القرن العشرين، و انتهجت فعل المقاومة السلمية بدلا من حركة المقاومة الشعبية التي لم تحقق الأهداف المرجوة منها، لاختلال التوازن بين الجبهتين.
إذ ارتسمت في الأفق تيارات سياسية إصلاحية تدعو إلى المساواة في الحقوق بين الجزائريين و الفرنسيين، و يعتبر الأمير خالد حفيد الأمير عبد القادر من رواد هذا العمل السياسي، و الذي يعد حلقة هامة في بداية تاريخ الجزائر السياسي المعاصر
وقد عرف هذا الأخير ببرنامجه الإصلاحي المتمثل في جملة المطالب التي تلح على ضرورة الإصلاحات التي تلغي الحواجز بين الفرنسيين و الجزائريين. وعلى هذا الأساس يطرح الإشكالية التالية: ما هي مطالب التيار الإصلاحي بزعامة الأمير خالد؟ وما أهم مواقفه التي استند عليها في بناء مطالبه؟
وتم وضع خطة للإجابة على الإشكالية المطروحة كالتالي:
المبحث الأول بعنوان نشأة تيار المساواة و أهم رواده
المطلب الأول: نشأة تيار المساواة
المطلب الثاني: أهم رواده
المبحث الثاني: مطالب و مواقف التيار
المطلب الأول: المطالب
المطلب الثاني: المواقف
وتم الاعتماد على مجموعة من المراجع منها: تاريخ الحركة الوطنية الجزائرية لمحفوظ قداش، و الأمير خالد الهاشمي و دفاعه عن الجزائر الإسلام لبسام العسيلي.





المبحث الأول: نشأة تيار المساواة و أهم رواده
المطلب الأول: نشأة تيار المساواة
مثل هذا الاتجاه الطبقة المثقفة التي عرفت بالنخبة الداعية للتجنيس و إدماج الجزائريين
مع الفرنسيين.تأسست جماعة النخبة عام 1907 و هي مجموعة من الجزائريين المثقفين، الذين
مزجوا بين الثقافة الفرنسية و العربية،حيث عرفها أحد أعضاء النخبة بأنها "ثريات المتخرجين
من الجامعات الفرنسية و اللذين كانوا قادرين بأعمالهم أن يصعدوا فوق الجماهير و أن
يضعوا أنفسهم في مصاف ناشري الحضارة الحقيقيين" .
وقد تمثلت مطالبهم في البدایة بالمساواة بین الجزائریین والفرنسیین خلال الحرب العالمیة
الأولى إلى منتصف العشرینات ثم تطور إلى المطالبة بالتجنس والإدماج، واعتقد أنصار هذا
الاتجاه أن الإدماج هو السبیل الوحید للتخلص من سیطرة المستوطنین وقوانین الأهالي وكان
مطلبهم الرئیسي هو منح الجنسیة الفرنسیة للجزائریین وتحقیق المساواة بینهم وبین المستوطنین
الأوربیین ، ولم یشترطوا لقاء ذلك سوى الاحتفاظ بقانون الأحوال الشخصیة.
ولقد انقسم التیار إلى قسمین خلال الحرب العالمیة الأولى، مع عام 1919م و التفت حول الأمير خالد فأسسوا هيئة النواب المسلمين لإسماع صوت الشعب و التعبير عن تطلعاته، و انشأ الأمير جريدة الإقدام بالغتين العربية و الفرنسية و كانت شديدة النقد للسلطات الاستعمارية.
و نقل نشاطه لفرنسا بعد نفيه فحضر مؤتمرات و اتصل بالمهاجرين الجزائريين و العمال المغاربة و لهذا ضيقت عليه السلطات و لفقت له تهمة حيازة جواز سفر مزور بالإسكندرية .










المطلب الثاني: أهم رواده (الأمير خالد)
هو خالد الهاشمي بن الحاج عبد القادر الأمير الذي اشتهر بلقب" الأمير خالد"، ولد
بدمشق في 20 فيفري 1875م أمضى طفولته و جزء من شبابه بها، و أخذ العلم على يد
علمائها. وفي عام 1892م قرر والده العودة إلى الجزائر بعد أن سمحت له السلطات
الفرنسية، و لم يستقر بها طويلا إذ تم إرساله للدراسة في ثانوية "ليسيه لويس لوغراندا"
بباريس، ثم التحق بكلية "سان سير الحربية" سنة 1893م و أظهر فيها توفقا، كما شارك
فرنسا في حروبها، رافضا الجنسية الفرنسية، و بفضل شجاعته ارتقى إلى رتبة قبطان سنة
1908م .
برز الأمير خالد كأعظم شخصية في الفترة من، 1919-1924م فبدأ نشاطه جليا حينما
توجه إلى باريس و قام بإلقاء المحاضرات التي طرح من خلالها برنامج الجزائر الفتاة و بإعلان ح.ع.1 تطوع فيها و كانت سيرته محل شك الإدارة الفرنسية بالجزائر رغم استقالته، أعفى من الخدمة العسكرية لإصابته بمرض السل الرئوي ليعاود نشاطه السياسي في 1919م و تجلت وطنيته بوضوح حينما طالب و زملائه بتكون وفد جزائري لحضور مؤتمر السلام بباريس في شهر ماي1919م من أجل تسليم عريضة إلى الرئيس الأمريكي ولسن تضمنت مطالب الوفد الجزائري.
استطاع المشاركة في الانتخابات 1920م و تمكن من الفوز، مما جعل الأوروبيين يغتاظون لنجاحه، و بدأو يبحثون عن طريقة للتخلص منه بعد أن أصبح رافضا للاندماج و يطالب بقيام اتحاد بين الجزائر فرنسا.
نتيجة نشاطاته و مواقفه الجريئة تم نفيه من فرنسا سنة 1929م إلى الإسكندرية ،إذ دبرت له
السلطات الانجليزية مؤامرة سلم على إثرها للقنصل الفرنسي، الذي قام بترحيله إلى سوريا وهناك واصل نضاله و اهتمامه بقضية وطنه إلى وفاته في 9 جانفي 1971 بدمشق و دفن به .






المبحث الثاني: المطالب و المواقف
المطلب الأول: المطالب
حدد الأمير خالد في جوان 1919م في صحيفة الإقدام مطالب الجزائريين المسلمين وهي كالتالي:
1. إزالة القوانين الاستثنائية.
2. إقامة المجمعات المشتركة أو المختلطة.
3. إزالة الحواجز العسكرية.
4. ضم أقاليم الجزائر الثلاثة، و إخضاعها للقوانين المطبقة على الأقاليم الفرنسية ذاتها.
عاد و طالب باسم مسلمي الوطن الجزائري إجراء تمثيل للمواطنين في المجالس الفرنسية-التشريعية و التنفيذية، مع منح مسلمي الجزائر حقوق المواطنين الفرنسيين دون التعرض لأحوال الشخصية الإسلامية.
طالب بجعل التعليم الابتدائي عربيا-فرنسيا و إلزاميا في الجزائر، إلى جانب إقامة جامعة عربية تقف إلى جانب الجامعة الفرنسية في التعليم العالي.
قدم مطالب عندما تم انتخابه مستشارا عاما وهي كالتالي:
1. الموافقة على التمثيل النيابي البرلماني للمواطنين المسلمين
2. عدم العودة للسلطات الزجرية التي كان يعتمدها رجال الإدارة الفرنسية.
3. إلغاء و عزل كافة القوانين و المجالس الاستثنائية.
أما في مجال عمله في الإدارة المالية بصفته عضوا منتخبا فيها فقد حاول الاحتجاج على الضرائب التي تضمنها مشروع يعيد فرض السلطات الزجرية الانضباطية.
وجه الأمير خالد رسالة إلى رئيس الحكومة الفرنسية في 16 ديسمبر 1921م، مركزا فيها بإلحاح على عدم المساواة في مدة الخدمة العسكرية بين الفرنسيين و الجزائريين.
مع قدوم رئيس الحكومة الفرنسي "ميلراند" بزيارة إلى المغرب العربي الإسلامي استفاد حزب الجزائر الفتاة من هذه المناسبة، و حصل الأمير خالد على لقاء معه في 20 أفريل 1922م و طالب الأمير باسم التضحيات التي قدمها الجزائريون في الحرب أن يتم تطوير الحريات التي قدمتها فرنسا و بسخاء. طالب سنة 1922م بإلحاق الجزائر بالوطن الأم –فرنسا- سياسيا و إداريا مع الحفاظ على الشخصية الإسلامية .
حتى مع نفيه فقد واصل العمل من منفاه، بإرسال رسالة إلى الوزارة اليسارية برئاسة "م.هيريو" سنة 1924م ليقدم فيها مطالبه العشرة و التي هي كالتالي:
1. مساواة التمثيل النيابي في البرلمان الفرنسي بين الجزائريين و الأوروبيين القاطنين بالجزائر.
2. إلغاء كامل و نهائي للقوانين و الإجراءات الاستثنائية الخاصة بالجزائريين و للمحاكم الجنائية و الرقابة الإدارية مع العودة إلى القوانين العامة.
3. المساواة في الحقوق و الواجبات مع الفرنسيين بخصوص الخدمة العسكرية.
4. ترقي الجزائريين في المرتبة المدنية و العسكرية و الاعتماد في ذلك على عنصر الكفاءة و المقدرة الشخصية.
5. تطبيق كامل لقانون التعليم الإجباري على الجزائريين مع حرية نشر التعليم.
6. حرية الصحافة و الاجتماع.
7. تطبيق قانون الفصل بين الكنيسة و الدولة بالنسبة للدين الإسلامي.
8. العفو العام.
9. تطبيق القوانين الاجتماعية و العمالية على الجزائريين.
10. الحرية المطلقة للعمال الجزائريين مهما كانت مراتبهم في الذهاب إلى فرنسا .

المطلب الثاني: المواقف
عارض الأمير خالد سياسة الدمج الكامل للجزائر بفرنسا، و كذلك إصدار قانون جديد مثل قانون "كريميو" خاص بالمسلمين، و كانت حجة الأمير خالد هي:
 إن مشروع الدمج هو مشروع خيالي لأن كتلة المسلمين لا تريده وهي لا ترغب في نوعية المواطن الفرنسي، ولا ترضى لحالتها بسبب تمسكها بعقيدتها الدينية.
 أن فرنسا ذاتها لا توافق أبدا على مثل هذا البرنامج الاجتماعي خوفا من قيام خمسة ملايين مسلم جزائري بإغراق الفرنسيين في وطنهم، و طرح خالد بديلا عن هذه السياسة بسياسة الاتحاد، وكان يردد: « لندع الحديث عن الدمج و لنأخذ بسياسة الاتحاد»، وتبنى في هذا شعار "فرنسا و الإسلام".
لم يحاول حزب الجزائر الفتاة إخفاء مخاوفه من إقامة نظام المحمية الجزائرية أو الدومنيون الجزائري، نظرا لأنه سيضع الجزائريين تحت رحمة الاستعماريين، و طرح موقفه على وفد برلماني فرنسي وصل إلى الجزائر في ماي 1922م، وفي هذا اللقاء و عارض خالد منح حقوق الاستقلال للمستوطنين الفرنسيين .

وكان من رأيه أن تستمر فرنسا في ممارسة دورها الوسيط أو الحكم بين المستوطنين و الجزائريين المسلمين.
وقد برزت مواقفه أكثر من خلا مجلته الإقدام، حيث مثلت العنصر الأكثر جاذبية للحياة السياسية، و قد لعبت دورا كبيرا في فضح تسعف الإدارة الفرنسية.
كان خالد يهاجم و بضراوة لاسيما الأهالي الذين باعوا أنفسهم للإدارة الفرنسية ومنهم: عائلة سياح في الشلف التي كانت تستغل فلاحي المنطقة، وكذلك القائد براهيمي لخضر الذي استحوذ على 5000 هكتار، واستيلاء الباشاغا نذير على أكثر4600 هكتار في منطقة بوسعادة، و ينتمي هؤلاء إلى عائلات حاربت الأمير عبد القادر.
كان له موقف من الموظفين الساميين ففضح تصرفاتهم، فوجه اتهام لمحافظ مدينة الجزائر بتزوير الانتخابات، و كذلك محافظ قسنطينة الذي أهان المنتخبين المسلمين.
كما قدمت صحيفة الإقدام رسالة إلى الحاكم العام حول المجاعة و السلوكات القضائية، و أخذت مبادرات لمحاربة المجاعة. اهتمت بمشكلة التجنيد فاضحة الجرائد الأوربية و المنتخبين المعمرين الذين كانوا يطالبون بإلغائه . أدانت صحيفة الإقدام الشيوعية بقولها: «قضية المسلمين الجزائريين هي قضية شرعية ولا يمكن حلها بوسيلة صراع الطبقات». و قالت أيضا: « حزب الجزائر الفتاة لا يحتاج لإخفاء عواطفه تجاه الشيوعية التي لا يمكن له اعتناقها بسبب عقيدته الدينية». كما هاجم الأمير خالد الإقطاعيين البرجوازيين العرب .










الخاتمة
مما سبق ذكره نخلص إلى القول أن حركة الأمير خالد تعد لبنة هامة في بناء المسرح السياسي للجزائر المعاصرة، و كانت مطالبة جامعة و شاملة ربطت بين البعد التربوي و الإصلاحي و الاجتماعي و السياسي في قالب ثوري.
لكن تواطىء دعاة التجنس و الإدماج مع الإدارة الاستعمارية و غلاة المعمرين أجبروا الأمير على مغادرة الجزائر، بعد أن اتهموه بالتعصب و التطرف السياسي، لكن قضايا الجزائر ظلت عالقة في اهتمامات الأمير و هو في المنفى، و نقل المعركة إلى فرنسا و شرح تفاصيلها بين الطبقة العمالية المهاجرة لأقطار المغرب العربي، و بذلك حقق الأمير أمنيته و مهد لتأسيس نجم شمال إفريقيا الذي ولد في باريس 1926 و أصبح الأمير رئيساً شرفياً له، و بذلك يعد من الرواد الأوائل الذين ارسوا معالم جديدة في منظومة القيم السياسية في تاريخ الجزائر المعاصر.

















قائمة المصادر و المراجع
1) بلاح بشير ، تاريخ الجزائر المعاصرة 1830-1989م، ج1، دار المعرفة، الجزائر، 2006م.
2) بوحوش عمار ، التاريخ السياسي للجزائر من البداية لغاية 1962م، دار الغرب الإسلامي، ط1، بيروت، 1999م.
3) سعد الله أبو القاسم ، الحركة الوطنية الجزائرية 1900-1930م، ج2، ، دار الغرب الإسلامي، ط2، بيروت، 1992م.
4) العسلي بسام ، الأمير خالد الهاشمي الجزائري و الدفاع عن جزائر الإسلام، دار النفائس، ط2، بيروت، 1984م.
5) قداش محفوظ ، تاريخ الحركة الوطنية الجزائرية 1919-1939، تر: أمحمد بن البار، ج1، دار الأمة، الجزائر، 2011م.



سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)