الأمن المعلوماتي وإدارة العلاقات الدولية في دراسة حديثة

صدر حديثا عن دار الخلدونية بالجزائر كتابا في غاية الأهمية العلميّة بعنوان "الأمن المعلوماتي وإدارة العلاقات الدولية"، للباحث عبد الوهاب جعيجع، وهو في أصله أطروحة لنيل شهادة الماستر من كلية العلوم السياسية بجامعة الجزائر 3، وتكمن قيمة المؤلّف في الدراسة القيّمة التي يعرضها، وذلك بالنظر لحداثة وقلة الأبحاث التي تهتم بالجمع بين الشبكة المعلوماتية وتقنياتها من جهة، والأمن الدولي كموضوع في حقل العلوم السياسية من جهة ثانية.حيث حاول الباحث عبد الوهاب جعيجع، وهو مهندس دولة في الإلكترونيات قبل أن يخوض ميدان العلوم الإنسانية، من خلال هذه الدراسة فتح نافذة بحث في زاوية من زوايا الموضوع، مركزا على نتائج وتداعيات توظيف الاختراق الرقمي على العلاقات الدولية، التي أدت إلى السيطرة على السياسات والمواقف الدولية، واحتكار التجارة الدولية والهيمنة على الاقتصاد العالمي، والنفوذ في إدارة العلاقات الدولية.
وقد سلّط الباحث الضوء على مفاهيم كثيرة مرتبطة أساسا بعالم الفضاء الرقمي ونمط تصميم المعلومات وتنظيمها على الفضاء الشبكي، وكذا استعمال الهويات الافتراضية وقدرات التخفي لمستعملي الفضاء الشبكي الذي يجعل الأمن المعلوماتي تحت طائلة التهديد الدائم بالاختراق.
كما ركّز في دراسته على القوى الكبرى وبالخصوص الولايات المتحدة الأمريكية، وما تحوزه من تفوّق تكنولوجي، ومن هيمنة على تكنولوجيا الإعلام والاتصال، وتوظيف ذلك في الاختراق الرقمي والسيطرة على المعلومات وإدارة العلاقات الدولية، من شركات عالمية موفرة للخدمات المعلوماتية من بيانات ومعلومات تضعها تحت تصرّف حكومات الدول الكبرى وأجهزة مخابراتها.
وأشاد الدكتور سفيان صخري، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر 3، في مقدمة الكتاب بالاجتهاد العلمي للباحث، وإسهامه القيّم في إثراء الأدبيات المتصلة بالأمن والعلاقات الدولية، مسايرة للتطورات الأمنية والدولية الراهنة، معتبرا الكتاب خطوة فكرية بارزة، ستسهم حتما في تنوير مسار انتقال الاهتمامات والأولويات الأمنية الجزائرية من مجالات الأمن الصلب إلى مجالات الأمن الناعم .
وأضاف "صخري" أنّ متصفح الكتاب سيكتشف حتما قدرة صاحبه في التوفيق بين دراسات العلاقات الدولية والجوانب التقنية المرتبطة بالتكنولوجيا الرقمية وبين الأطر النظرية والنماذج التطبيقية وبين تكوين الكاتب الأكاديمي في ميدان الدراسات السياسية ومشواره التعليمي في مجال الهندسة الإلكترونية.
لقد تمكّن الكاتب من التطرّق والتمعن في جوانب عدة من الموضوع كتطوّر العلاقات الدولية وطرق وآليات إدارتها، تطوّر مفهوم الأمن وأهم أفكار مدارس الدراسات الأمنية زيادة على دراسة مفصلة لمفهوم الأمن المعلوماتي وشروط تحقيقه، مثلما أوضح "صخري".
وأكد صاحب المقدمة أن الكتاب يشكل مرجعا مميزا للمهتمين بمواضيع الفضاء الشبكي، الفضاء المعلوماتي والاختراق الرقمي، لأنه يعالج نماذج بارزة في الاختراق الرقمي، وتداعياتها على العلاقات الدولية.