يعتبر مشروع ''الجزائر الإلكترونية'' من المشاريع الكبرى التي أعدتها وزارة البريد وتكنولوجيات الاعلام والاتصال، بداية من العام ,2009 في إطار تشاورات شملت مؤسسات وإدارات عمومية إضافة إلى متعاملين اقتصاديين عموميين وخواص، كما شملت الجامعات ومراكز البحث والجمعيات المهنية التي تنشط في مجال العلوم وتكنولوجيات الإعلام والاتصال.. ويهدف المشروع أساسا إلى عصرنة الإدارة العمومية وتقريبها من المواطن والعمل على إدخال التكنولوجيات الحديثة في كل مؤسسات الدولة، وتنحصر أهدافه في 13 محورا رئيسيا سطرت على مدى 5 سنوات.الأستاذ والباحث، إسماعيل أولبصير، كان من بين المشاركين في إعداد مشروع ''الجزائر الإلكترونية'' يقدم لنا في هذا الحوار تفاصيل أكثر عنه، خص بها ''الجزائر نيوز''.
مشروع الجزائر الإلكترونية بدأ عام 2009، بما أنكم من بين المشاركين فيه، كيف تم التفكير في إعداد هذا المشروع؟
باشرت بلدان كثيرة سياسات عمومية لإدخال الرقمنة إلى جميع الميادين الاقتصادية منها والطبية والاجتماعية والإدارية، وتعتبر التجربة الكندية والكورية التجربة الرائدة في هذا المجال. ومشروع الجزائر الإلكترونية يندرج ضمن هذه الرؤية الرامية إلى بروز مجتمع المعرفة ومحاولة تقليص الفجوة الرقمية وعصرنة الإدارة الجزائرية.
كباحثين، فيما تمثلت مشاركتكم بالنسبة لهذا المشروع؟
كانت مشاركتنا في إعداد التكنولوجيات اللازمة لتحقيق المشروع، وفي اقتراح طرق العمل وكيفية تداول المعلومة ونوعيتها، إضافة إلى دراسة مستويات نفوذ المعلومات الرقمية وكيفية الوصول إلى مستوى معين من تأهيل المواطنين للتعامل مع هذه الآليات الجديدة.
هل تعتقدون بأن الهياكل القاعدية والبشرية لإعداد هذا المشروع الضخم متوفرة لدينا؟ ثم ألا تظنون أن هناك تباينا في توفر التكنولوجيات بين الشمال والجنوب؟
حتى بين مناطق الشمال هناك تأخر في الهياكل القاعدية للاتصالات السلكية واللاسلكية لسببين: أولها أن تكنولوجيا الاتصالات الرقمية تتطور بسرعة فائقة أكثر منها عندما كنا في عصر التكنولوجيا التماثلية، لذلك يجب بذل مجهودات كبيرة للحاق بها، وهذا ممكن لأنه بقدر سرعة تطورها فهي أيضا تتميز بسهولة إدراكها، والسبب الثاني هو أن هذه التكنولوجيا عبارة عن سلسلة للرقمنة، أجزاؤها مرتبطة ارتباطا وثيقا. لذلك فإن هذا المشروع يتطلب مجهودات كبيرة فيما يخص توفير الهياكل القاعدية الضرورية.
أما عن الكفاءات البشرية اللازمة من تقنيين ومختصين في المجال، فأنا أعتقد أنها موجودة وتستطيع قيادة مثل هذه المشاريع، فعلى الرغم من عدم وجود تقييم للعدد الإجمالي للتقنيين العاملين خارج الوطن، لكني أعتقد جازما أن عددهم كبير وهام أيضا، وهم يتحكمون بشكل جيد في هذا المجال.
ماذا سيستفيد المواطن الجزائري من تجسيد مشروع بهذا الشكل؟
إن تجسيد هذا المشروع سينقص عناء المواطنين في الكثير من جوانب الحياة اليومية، فالإدارة الإلكترونية ستوفر عن المواطن مشقة التنقل لاستخراج وثائقه أو الاستفسار حول انشغالاته، وسيكون كافيا أن يدخل كل مواطن بياناته الشخصية على الشبكة المعلوماتية ليتحصل على وثائقه الضرورية، وهذا فيه ربح كبير للوقت والمال وحتى اقتصاد للمجهود البشري، وهو بالمثل يعود بالإيجاب على اقتصاد البلاد.
هناك من الباحثين من يقول إنه لتحقيق ''حكومة إلكترونية'' يجب توفر ما يصطلحون عليه باسم ''المواطن الإلكتروني''، ما هو رأيكم حول هذا الطرح؟
أنا لا أتفق مع هذا الطرح، لأن تكنولوجيات الاتصال والاعلام سريعة الاكتساب، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، المواطن عندما يجد فائدة في المشروع سيشجعه ذلك على التعامل مع هذه التكنولوجيا، وأنا اعتبر نشر نتائج البكالوريا عبر الأنترنت أكبر دليل على ذلك، فالمواطنون رغم بساطة مستواهم العلمي، أحيانا، أثبتوا تهافتهم على معرفة النتائج، ذلك أن الأمر يخدم مصالحهم. أنا أعتقد أن المواطن عندما يدرك أنه يستطيع استخراج وثائقه عبر شبكة النت دون عناء التنقل، فسيتمكن من استيعاب المشروع بأسرع مما نتصور.
هذا من ناحية المواطن، ماذا سيضيف هذا المشروع إلى المؤسسات العمومية؟
سيضيف الكثير، أولا سيمكن المؤسسات العمومية وحتى الخاصة من سرعة انتشار المعلومات وتحسين عملية الاتصال مع المواطنين، ولا يخفى على أحد أننا في الجزائر نعاني من أزمة اتصال كبيرة بين المواطن ومختلف مؤسسات الدولة. كما أن هذا المشروع سيضيف ديناميكية وفعالية أكثر إلى المؤسسات الاقتصادية وسيشجع الاستثمارات الداخلية والخارجية. المشروع يشمل أيضا تفعيل استخدام نظام S''ذا'' الذي سيساعد الكثير من المواطنين في تنقلاتهم، وهو عبارة عن نظام يحدد موقع المتنقل ضمن خريطة شاملة ويساعد في توجيهه إلى الطريق الصحيح، كما يمكن استخدام هذا النظام أيضا في إرشاد وتوجيه السائحين عبر التراب الوطني.
نحن على مشارف العام 3102 موعد اكتمال مشروع ''الجزائر الإلكترونية''، لكننا لا نرى أي من ملامحه تتضح على أرض الواقع، ما هي النقائص والتحديات التي تواجه هذا المشروع؟
هذا الملف تواجهه تحديات كبيرة، أهمها مشكل استعمال التكنولوجيا، لطالما كنت أتساءل عن سبب عدم تدريس مادة الإعلام الآلي وتطبيقاتها في الابتدائيات؟ فمن المفروض أن يتعود الطفل على استعمال الكمبيوتر الذي هو مفتاح كل التكنولوجيات منذ مراحل دراسته الأولى. أما على المستوى التقني فيعتبر رفع وتحسين قدرة التدفق إلى درجات يمكن من خلالها ضمان انتقال المعلومة بالسرعة المطلوبة وعلى جميع المستويات هو التحدي الأكبر الذي يواجه المشروع.
ولكن المشكل الرئيسي، حسب رأيي، الذي يعرقل سير المشروع هو مشكل التنسيق بين مختلف الفاعلين من هيئات عمومية وخاصة، فمشروع بهذا الحجم يتطلب تنسيقا على مستوى عال لدى السلطات العمومية التي تكون هي مركز وموقع القرار والسلطة، يستحيل على وزارة واحدة أن تأخذ على عاتقها مشروعا بهذا الحجم يمس كل القطاعات، فالمشروع يتطلب استراتيجية واضحة المعالم والآجال وإرادة سياسية على مستوى عال.
في نفس السياق، إذا تحدثنا عن أهمية ودور الشبكات الاجتماعية في تسهيل التواصل، خاصة على ضوء الأحداث الأخيرة التي عرفتها الدول العربية، هل ترى أن نفوذ هذه المواقع كبير؟
مواقع التواصل كظاهرة اجتماعية أدت إلى توسيع نطاق تبادل المعلومات وإمكانية النشر بسرعة فائقة هي نافذة على العالم عندما تفتح تسمح بدخول الجيد والسيئ، ولكن مخاطرها في الدول العربية مرتبطة بإمكانيات تجسيد حرية التعبير قبل ظهور هذه المواقع، فالدول التي عانت من التبعات السلبية لاستعمالات هذه المواقع هي الدول التي كانت تكبح حرية التعبير. وأنا اعتبر هذا هو التفسير لعدم تأثير هذه المواقع على الشباب الجزائري بنفس القوة التي أثرت فيها على تلك البلدان، فنحن في الجزائر نملك نوعا من الحرية في التعبير، كما أننا لا نعاني من وجود رقابة على شبكة الأنترنت أو حجب لمواقع معينة مثل ما هو شائع في بعض الدول العربية وحتى الأجنبي
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 27/05/2012
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : س بوربيع ص م
المصدر : www.djazairnews.info