الجزائر

الأستاذ عبد القادر عميش يحاضر بالجاحظية



هناك أصوات روائية مازالت تصارع من أجل اختراق جدار الصوت والحصار، سواء الذاتي الذي يفرضه الأديب على نفسه أو ذلك الذي تم إنشاؤه كجدار عازل حتى تسقط الكلمة تحته كأي ثمرة اغتالها الصقيع، محولا إياها لجثة مبردة إلى حين تكشف ويتم تدفئتها وإعادتها لدورة الحياة، هذا ما أراد الدكتور عبد القدر عميش توصيله من خلال قراءته مساء أول أمس بالجاحظية لرواية الأديبة ياسمين صالح، الذي انبهر بأدبها ولغتها الجنونية ووضعها جنبا إلى جنب مع الروائية الجزائرية المتألقة أحلام مستغانمي.أقر المحاضر في بداية مداخلته أنه اكتشف هذا النص من خلال طالبين في الماسجتير ناقشا موضوع شعرية اللغة.. التشابه والتطابق بين ياسمين صالح في روايتها ''بحر الصمت'' التي حازت بموجبها على جائزة مالك حداد والروائية الجزائرية المتألقة أحلام مستغانمي''.
وفي تحليله لهذا النص الروائي، أكد المحاضر أن الأديبة ياسمين صالح اتخذت طريقة فنية متميزة في التباس صوت الرجل، حيث لانجد لها أثرا في روايتها كأنثى، فالرجل هو الذي يحكي.
ويرى عبد القادر عميش أن ''بحر الصمت'' هي الرواية الأولى لياسمين صالح، وتعتبر طفرة في الكتابة النسوية بعد مستغانمي في روايتها ''ذاكرة الجسد''.
المحاضر انتقد بشدة النشر في الجزائر، مستنكرا ظهور الإبداعات الجزائرية النسائية في بيروت، حيث أنها لا تأخذ الصدى نفسه لو ظهرت هذه الأعمال في الجزائر.
كما لم يستطع المحاضر إخفاء إعجابه برواية ''بحر الصمت'' واعتبرها أنها تتجاوز لحظة الإدهاش، وأنها جملة تركيبية شديدة الوقع في حدة البنية بلغة تمتاز بالوحي، لغة الآنا الكاتبة الفاعلة، والضمير الفعلي يمثل الحد الفاصل بين المتخيل والمحكي.
كما تطرف الكاتب لأحداث الرواية، مشيرا إلى أنها تعود لتاريخ الثورة الجزائرية، حيث تعيد تشكيل الثورة تشكيلا سلبيا، تروي تاريخ الثورة من خلف قناع الرجل الراوي، متسائلة عن سر الصمت والضرب عن الكلام في تخاطب ثنائي الحب والثورة.
كما لمس المحاضر في الرواية رحى الحب والجنون والثورة إلى جانب عنف اللغة، ووقع المعنى، وجلجلة الخطاب ورؤية مغايرة للتاريخ من خلال هوية الأنا الساردة.
ولاحظ المحاضر أن بطل الرواية سي السعيد يعشق جميلة عشقا جنونيا، وأن وعي البطل بذاته هو وعيه بالآخر وانفتاحه عليه من خلال المنجز السردي الخطابي لحظة الحكي وإنتاج العلامة والرمز عند الإنسان.
ويستطرد المحاضر أننا نجد فضح المعنى، حيث يستعين النص بعلم النفس والتاريخ والبنيوية، كما نجد عنف اللغة والتعمية، وهذا يدل على قدرة الكاتبة في التعمية المتميزة فنيا بصوت الرجل وقناع الذكورة غير الجميل.
كما أكد المحاضر أن نص ''بحر الصمت'' يحمل طاقة شعرية تمثلت في النص الفني، فكلما توغل النص في اللغة، كلما اكتسب خاصية القصيدة والانفتاح على المعنى، وهو ذاته النص الذي نجده عند أحلام مستغانمي في تحوله إلى تهييج الأحداث وتحويلها إلى نوع من الشعر والتوتر الشعري، باعتبار أن لغة الشعر لغة ضالة ومضللة، حيث نجد رواية ''بحر الصمت'' مختومة بقصيدة.
وبعد قراءة تحليلية لنص رواية ''بحر الصمت'' لياسمين صالح، فسح المحاضر المجال للنقاش والسؤال حول الأدب السنوي الذي وجد صداه خارج الجزائر، سواء في بيروت أو الاهتمام الذي لقيته رواية ''بحر الصمت'' من الأشقاء في المغرب.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)