يعتقد الأستاذ حداد، أن المؤرخين الفرنسيين اعتمدوا على عناصر الجهاز المعادي للثورة الذي نشأ داخل الثورة نفسها منذ ,1958 والذي عمل على رصد الأخطاء التي قام بها كل من بوالصوف وبن طوبال وبلقاسم كريم . ومن المؤكد، حسبه، أن بعض أخطائهم جسيمة، لكن لا ننس أن الثورة لها مميزات وخصائص لذلك سميت ثورة ولم تسمى بمسمى آخر و الباءات الثلاثة تنطبق عليهم قوانين البشر في حب السيطرة وكذلك في حب الحفاظ على الإنجازات التي توصلهم لتحقيق الهدف مهما كلفهم ذلك من ثمن. وقال: فعلا تحقق الهدف الذي هو استرجاع الاستقلال لكن الجهاز المعادي للثورة انتصر هو الآخر عشية إعلان الاستقلال: ففي خضم الصراع على السلطة تسلل الحركى والموالين للاستعمار إلى الفرق المتصارعة التي أصبح شغلها الشاغل كسب الأنصار بغض النظر عن ماضيهم، وهكذا تم إبعاد كلا من بوالصوف وبن طوبال وبلقاسم كريم من أول مجلس تأسيسي للجزائر المستقلة في سبتمبر 1962 شأنهم شأن الوطنيين الآخرين أمثال بن خدة، سعد دحلب، بوبنيدر .
ويضيف الأستاذ حداد: يروّج الكتّاب الفرنسيون وحتى بعض الجزائريين - ولو عن حسن نية- لفكرة الموضوعية والحيادية في كتابة التاريخ، وتحت هذا الغطاء الأكاديمي ينالون من الثورة الجزائرية ورموزها ويؤسسون لفكر جديد يذم ويقصي من الذاكرة الجزائرية الوطنيين الذين صنعوا الاستقلال ويركّزون على الأخطاء متجاهلين الإيجابيات. وبالمقابل يتم إعادة الاعتبار للذين اعتبروا الثورة عند انطلاقها مغامرة، وهم نفسهم من اعتبر تاريخ 20 أوت 1955 خطأ جسيما كلّف آلاف الأرواح الجزائرية. وتناسى هؤلاء أن النصر لا يتحقق إلا بالتضحية وأن الخسائر الكثيرة دائما تكون في صفوف الطرف المقاوم .
وعن سؤال: لماذا تشويه صورة الثلاثي بلقاسم كريم، بن طوبال لخضر وبوالصوف عبد الحفيظ؟ يجيب ذات المتحدث: لأن هذا الثلاثي سليل المنظمة الخاصة التي تأسست سنة 1947 كجناح عسكري لحزب الشعب. وعند اكتشافها سنة 1950 شرّد عناصرها بين السجن والنفي والجبل، واستغلت تلك العناصر النشطة أزمة حركة الانتصار للحريات الديمقراطية، لتؤسس اللجنة الثورية للوحدة والعمل التي أخذت على عاتقها تفجير الثورة. والذي حفظ للثورة وحدتها واستمراريتها ونجاحها هو هذا الثلاثي-بوالصوف- بن طوبال- كريم، إذ وقفوا في وجه الاختراق الذي خطط له الاستعمار، خاصة بعد تناقص أعضاء التيار الوطني الثوري داخل جبهة التحرير وصعود إطارات غير متشبعة بالوطنية، لذلك كان الثلاثة عائقا أمام التغلغل خاصة داخل وزارة التسليح والاتصالات العامة التابعة لبوالصوف وهو الجهاز الوحيد داخل الثورة الذي كان يشهد انسجاما لأن إطاراته كانوا من قدامى المنظمة الخاصة. فمن الطبيعي أن يكتب الفرنسيون ما شاؤوا لخدمة مصالحهم، لأنهم يمثلون استمرار المدرسة الاستعمارية التي كرّست أبحاثها لخدمة أهداف الإستيطان الفرنسي قديما واحتلال التاريخ حديثا حتى تجد أجيالنا نفسها مقطوعة مع ماضيها ورموز من صنعوا ذلك الماضي سلبا وإيجابا .
كريم بلقاسم..أسد الجبال
ولد كريم بلقاسم يوم 14 ديسمبر1922 بقرية تيزرا نعيسي قرب ذراع الميزان، وسط أسرة ميسورة الحال. التحق بمدرسة ساروي بالعاصمة، ونال منها شهادة الدراسة. انخرط مبكرا في صفوف حزب الشعب بعد.1945 ومنذ 1947 التحق بالجبال في انتظار الثورة. شارك في الاجتماعات التي سبقت أول نوفمبر 1954 (عضو مجموعة الستة)، وأصبح قائدا للمنطقة الثالثة القبائل . بعد تأسيس الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية، شغل منصب وزير القوات المسلحة في التشكيلة الأولى. عيّن في منصب وزير الشؤون الخارجية في الحكومة المؤقتة الثانية، ثم وزيرا للداخلية. شارك في مفاوضات إيفيان وكان من بين الموقّعين عليها، اغتيل بعد الاستقلال في أكتوبر 1970 بألمانيا.
لخضر بن طوبال .. مجاهد الساعات الأولى
سليمان بن طوبال (المدعو سي لخضر) من مواليد ميلة سنة .1923 انخرط في صفوف حزب الشعب مبكرا. انضم إلى المنظمة الخاصة وأشرف على تنظيم الخلايا العسكرية بالشمال القسنطيني. بعد اكتشاف أمر المنظمة اختبأ بجبال الأوراس. كان عضوا في مجموعة 22 عند اندلاع الثورة الجزائرية، وأشرف على العمليات الأولى بنواحي جيجل والميلية. شارك ضمن وفد المنطقة الثانية في مؤتمر الصومام. عيّن عضوا إضافيا في المجلس الوطني للثورة الجزائرية، خلف زيغود يوسف على رأس الولاية الثانية. وفي أوت 1957 عيّن عضوا في لجنة التنسيق والتنفيذ. ثم وزيراً للداخلية إلى غاية الاستقلال. وشارك في مفاوضات إيفيان. توفي بالجزائر العاصمة يوم 21 أوت .2010
عبد الحفيظ بوصوف..أب المخابرات
ولد عبد الحفيظ بوصوف يوم 17 أوت 1926 في ولاية ميلة، وتوفي يوم 31 ديسمبر ,1980 بالجزائر إثر سكتة قلبية. زاول دراسته بالمدرسة الفرنسية، وتحصل على الشهادة الابتدائية. انخرط في صفوف حزب الشعب بمدينة ميلة وأسّس بها خلايا فجّرت ثورة 1954 بالمنطقة. في عام 1950 تحوّل إلى العمل السري أولا في مدينة سكيكدة، ثم في منطقة وهران، حيث لم يكن معروفا لدى المصالح الفرنسية ولا ملاحقا من طرفها. عند اندلاع الثورة الجزائرية عيّن نائبا للعربي بن مهيدي بالمنطقة الخامسة وهران. بعد مؤتمر الصومام أصبح عضوا في المجلس الوطني للثورة الجزائرية، فعيّن وزيرا للاتصالات العامة والمواصلات إلى غاية الاستقلال.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 31/10/2011
مضاف من طرف : sofiane
صاحب المقال : سطيف: عزالدين ربيقة
المصدر : www.elkhabar.com