الجزائر

الأزواد يربكون حسابات النظام الجزائري و يخلطون أوراقه



الأزواد يربكون حسابات النظام الجزائري و يخلطون أوراقه
بعد أن فطن النظام الجزائري لخطورة الحملة الدعائية التي نظمتها الصحف المخابراتية ضد المملكة المغربية ،بخصوص اتهامها بتحريضها لطوارق الجزائر على الانتفاض ضد الحكم المركزي، مرتكزة في ذلك على معطيات جد ضعيفة و فضفاضة، تم الطلب من كافة الصحف الجزائرية الامتناع عن الخوض في هذا الموضوع و ربطه بالجار الغربي نظرا لكون تلك التهم، تضر بالنظام في الجزائر، و تخدم المغاربة أكثر مما تسيء لهم.
هذه الحالة من التخبط ليست غريبة طبعا على الأجهزة الإستخباراتية الجزائرية التي صارت تعيش أحلك أيامها منذ بداية ثورات الربيع العربي عموما و سقوط نظام العقيد القذافي الحليف الأكبر خصوصا، نظرا لما يمثله هذا السقوط من خسارة عظيمة على لصوص و مرتزقة الجزائر. طبعا لن يجد هذا النظام من شماعة يعلق عليها خيبته كل مرة سوى النظام المغربي، الذي قد يصير يوما مسؤولا مباشرا عن الزلازل الطبيعية و الفيضانات و انحباس المطر في الجزائر.
صحيح أن الأحداث الأخيرة في دولة مالي ، و اعلان الطوارق هناك عن استقلال منطقتهم في شمال مالي عن الدولة المالية، قد تشكل أكبر الأخطار المحدقة بالجزائر نظرا لوجود مناطق مهمة جنوب الجزائر ( ورقلة- أدرار- تمنراست- إيليزي) تابعة للإقليم الطبيعي للطوارق، و الممتد من شمال مالي و النيجر و جنوب الجزائر .
و لعل الإتهام الموجه في الأول للسلطات المغربية، كونها قد حاولت استمالة بعض شيوخ العشائر في الجنوب و استعمالهم من أجل ضرب الاستقرار في الجزائر، ثم الأمر بوقف الحملة الدعائية في ذات الموضوع، و اعطاء رئيس الجمهورية أوامره المستعجلة لوزير الداخلية بالتحرك فورا نحو مناطق الطوارق داخل التراب الجزائري، والاجتماع بالأعيان هناك ، يعتبر إشارة كافية لخطورة الموقف في الجزائر، خاصة بعد اعلان مجموعة من رجالات الطوارق في الجنوب دعمهم للحركة الانفصالية في شمال مالي و استعدادهم للجهاد من أجل تحرير كل إقليم الأزواد، وقيام الدولة الأزوادية.
التهمة الموجهة للمغاربة هي طبعا للاستهلاك الداخلي، وهي تسعى لصرف أنظار الراي العام الداخلي عن خطر محدق بالجزائر و المنطقة بأكملها، قد شكل النظام الجزائري و أخوه المقبور في ليبيا، لبناته الأولى . أما الاتجاه المستعجل نحو بعض شيوخ أزواد الجزائر ، و وعدهم بمستقبل زاهر، وتنمية شاملة لمناطقهم، ورفع الظلم و الحيف عنهم، فلن يغير من واقع الأمر شيئا، مادام النظام نفسه يحمل تصورات متناقضة، ويِؤمن بمبادىء متنافرة فيما يخص كرامة الإنسان و تحقيق ذاته و تقرير مصيره. فهكذا ، وعلى سبيل الذكر لا الحصر، قد أعلن قبوله لحكم ذاتي للأزواد شمال مالي، معطيا الإشارة عبر ذلك لكون الجزائر لن تقبل بأكثر من حكم ذاتي لأزوادها في حالة قيامهم بالمطالبة بالاستقلال و التحاقهم بدولة الأزواد، في الوقت الذي يعرقل فيه أي حل لقضية الصحراء الغربية لا يكون الانفصال عن المملكة المغربية هو خياره الوحيد.
إن هذه المعادلة الصعبة في التوفيق بين مصلحتين هي التي صارت تؤرق النظام ، وتشل تفكيره، فتشبثه باستقلال الصحراء الغربية، سيقابله طبعا دعم لاستقلال مناطق الأزواد عن الجزائر و مالي و النيجر ، وهذا ما لا يجب أن يكون، أما قبوله بحكم ذاتي للأزواد فسيقابله كذلك قبول بحكم ذاتي في الصحراء الغربية، هذا إذا استثنينا طبعا موقف الأزواد من الحركة الإنفصالية للبوليساريو و عدم اعترافهم بها كحركة تحرر، بل معارضتهم لقيام أية دولة في المنطقة تحمل أسم الصحراء، نظرا لكون الكيان الأزوادي كان معروفا مند الأزمان الغابرة باسم الشعب الصحراوي، وهذه مطبة أخرى وقع فيها النظام الجزائري، نظرا لاستعماله لهذا المصطلح و لمحطات تاريخية لهذا الشعب في التسويق لأطروحات البوليساريو.
الكثير من المثقفين الجزائريين حذروا النظام من مغبة الدعم الشامل للأنفصاليي البوليساريو، نظرا لما يحمله هذا الدعم من مخاطر مستقبلية على الجزائر و وحدة أراضيها .
فهاهي نفس الشعارات التي رفعها النظام للتسويق للإنفصال جنوب المملكة المغربية، يرفعها اليوم الأزواد للاستقلال عن مالي و النيجر و الجزائر. لقد آمن العقلاء منا بأن دعم الجزائر للانفصال جنوب المغرب، سيستعمل حتما لتفتيت الجزائر ، خاصة و أن هناك من الأسباب المنطقية ما يدعو لذلك.
إن الجزائر اليوم قابعة فوق برميل من بارود قابل للانفجار في أية لحظة، ولعل ما يحاك للمنطقة المغاربية على الخصوص من مخططات للتقسيم، يستهدف الجزائر بالدرجة الأولى نظرا لكونها الدولة في المنطقة الأكثر تعددا في اختلافاتها الإثنية من جهة، وأكثرها إثارة لشهية الأمبريالية الجديدة من جهة أخرى.




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)